الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: المالكية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3)، وعامة أهل السير والمغازي (4).
• مستند الإجماع:
1 -
عن أبي هريرة أنه ذكر فتح مكة، وفيه: فجاء أبو سفيان، فقال: يا رسول اللَّه أبيدت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن" (5).
2 -
وعن ابن عباس قال: "لما نزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مر الظهران، قال العباس: قلت واللَّه لئن دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش، فجلست على بغلة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقلت لعلي: أجد ذا حاجة يأتي أهل مكة، فيخبرهم بمكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليخرجوا إليه فيستأمنوه، فأني لأسير إذ سمعت كلام أبا سفيان، وبديل بن ورقاء، فقلت: يا أبا حنظلة فعرف صوتي، فقال: أبو الفضل؟ قلت: نعم، قال: مالك فداك أبي وأمي، قلت: هذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والناس، قال: فما الحيلة؟ قال: فركب خلفي، ورجع صاحبه، فلما أصبح غدوت به على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأسلم، قلت: يا رسول اللَّه إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر، فاجعل له شيئا، قال: "نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه داره فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن"، قال: فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد"(6).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على ثبوت أمان الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل مكة، لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[172/ 16] لم يكن في فتح مكة شيءٌ من حكم البلاد المفتوحة عنوة:
• المراد بالمسألة: بيان أن فتح مكة وإن وقع الخلاف في فتحها، أكان عنوة، أم صلحًا؟ إلا أن الإجماع قد نُقل على أنه لم يكن في ذلك الفتح شيء من حكم البلاد
(1) انظر: "الاستذكار"(5/ 153).
(2)
انظر: "الحاوي الكبير"(14/ 137).
(3)
انظر: "الكافي" لابن قدامة (4/ 161)، و"المبدع"(3/ 300).
(4)
انظر: "المغازي" للواقدي (2/ 259)، و"السيرة النبوية" لابن كثير (3/ 582).
(5)
أخرجه مسلم، كتاب الجهاد، باب فتح مكة (3/ 1405 رقم 1780).
(6)
أخرجه أبو داود في "سننه"(3/ 163، رقم 3022)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/ 323) وقال الطحاوي:"هذا حديثٌ متصل الإسناد صحيح".
المفتوحة عنوة، من قسمة الغنائم، ومن سبي النساء والذرية، وغير ذلك مما هو موجود في حكم البلاد المفتوحة عنوة.
• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: (وقد أجمعوا على أنها لم يجز فيها من حكم العنوة، ولم يقتل فيها إلا من استثناه عليه السلام، وأمر بقتله، ولم يَسب فيها ذرية ولا عيالًا ولا مالًا، وإن أهلها بقوا إذ أسلموا على ما كان بأيديهم، من دار وعقار، وليس هذا حكم العنوة بإجماع)(1).
والماوردي (450 هـ) حيث يقول: (واختلف الناس في دخوله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح هل دخلها عنوة أو صلحًا؟ مع إجماعهم إلى أنه لم يغنم منها مالًا ولم يسب فيها ذرية)(2).
والقرطبي (656 هـ) في "المفهم" حيث يقول: (وفي هذا الحديث لمالك نصٌّ على أن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها (مكة) عنوة وقهرًا، وهو الذي صار إليه جمهور العلماء والفقهاء، مالك وغيره، ما عدا الشافعي فإنه قال: فتحت صلحًا، والكل متفقون على أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخلها أمن أهلها، ولم يغنمهم، وترك لهم أموالهم وذراريهم وأراضيهم، ولم يجر عليهم حكم الغنيمة، ولا حكم الفيء، فكان ذلك أمرًا خاصًّا بمكة لشرفها وحرمتها، ولا يساويها في ذلك غيرها) (3).
وابن حجر (852 هـ) حيث يقول: (ولا خلاف مع ذلك أنه لم يُجْرَ فيها قسم غنيمة ولا سبي من أهلها ممن باشر القتال أحد، وهو مما يؤيد قول من قال: لم يكن فتحها عنوة)(4).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)، والحنابلة (8).
• مستند الإجماع: عن وهب بن منبه قال: "سألت جابرًا: هل غنموا يوم الفتح شيئًا؟ قال: لا"(9).
(1)"الاستذكار"(5/ 150).
(2)
"الأحكام السلطانية"(ص 184).
(3)
"المفهم"(3/ 631).
(4)
"فتح الباري"(8/ 13).
(5)
انظر: "المبسوط"(10/ 64)، و"فتح القدير"(5/ 471).
(6)
انظر: "البيان والتحصيل"(17/ 460).
(7)
انظر: "الحاوي الكبير"(14/ 68).
(8)
انظر: "زاد المعاد"(3/ 376).
(9)
أخرجه أبو داود في "سننه"(3/ 163، برقم 3023)، وحسنه الحافظ ابن حجر في "الفتح"(8/ 13).
قال ابن تيمية: (وفي الجملة: من تدبر الآثار المنقولة علم بالاضطرار أن مكة فتحت عنوة، ومع هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقسم أرضها، كما لم يسترق رجالها، ففتح خيبر عنوة وقسمها، وفتح مكة عنوة ولم يقسمها)(1).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على أنه لم يكن في فتح مكة شيءٌ من حكم البلاد المفتوحة عنوة، لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
* * *
(1)"مجموع الفتاوى"(20/ 575).