الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[49/ 28] تحريم قتل الشيوخ من الأعداء:
• تعريف الشيوخ: الشيوخ: جمع شيخ، وهو الرجل الذي استبانت فيه السن، وظهر عليه الشيب، ويقع -غالبًا- لمن بلغ الخمسين إلى آخر عمره، فإذا كبر الشيخ وضعف قيل له: هَرِم، وشيخ ضعيف، وشيخ فانٍ، لا بقية فيه للقتال ولا للتدبير ولا للتحريض (1). ويطلق عليهم اليوم (المسنون).
• المراد بالمسألة: بيان أن المسنين والشيوخ الضعفاء الذين لا معونة لهم على شيء من أمر الحرب، من قتال ولا رأي ولا تدبير، فإنهم لا يجوز قتلهم، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: التميمي صاحب "النوادر"(في حدود 350 هـ) حيث يقول: (وأجمعوا أنه لا يجوز قتل شيخ فانٍ من العدو)(2).
والقرطبي (671 هـ) حيث يقول: (إن كان شيخًا كبيرًا هرمًا لا يطيق القتال، ولا ينتفع به في رأي ولا مدافعة فإنه لا يقتل، لقول أبي بكر ليزيد، ولا مخالف له فثبت أنه إجماع)(3).
• الموافقون للإجماع: هو مذهب الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية في قول (6)، والحنابلة (7).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)} [البقرة: 190].
• وجه الدلالة: أن الآية الكريمة تأمر بقتل المقاتلين، وتنهى عن الاعتداء على غيرهم، والشيوخ ممن لا يقاتلون في العادة، فلا يجوز قتلهم.
2 -
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث جيشًا قال: "انطلقوا
(1) انظر: "لسان العرب"(3/ 31)، مادة (شيخ)، "ورد المحتار"(3/ 224)، و"المطلع"(هـ 211).
(2)
"نوادر الفقهاء"(هـ 163).
(3)
"الجامع لأحكام القرآن"(3/ 240).
(4)
انظر: "الهداية"(2/ 137)، و"فتح القدير"(5/ 452).
(5)
انظر: "الفواكه الدواني"(1/ 468)، و"حاشية الدسوقي"(2/ 167) و"مواهب الجليل"(4/ 543).
(6)
انظر: "البيان" للعمراني (12/ 132).
(7)
انظر: "المغني"(13/ 177)، و"شرح منتهى الإرادات"(2/ 97).
باسم اللَّه، لا تقتلوا شيخًا فانيًا، ولا طفلًا صغيرًا، ولا امرأة، ولا تغلوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا وأحسنوا، ان اللَّه يحب المحسنين" (1).
3 -
وعن راشد بن سعد قال: "نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والذرية والشيخ الكبير الذي لا حراك به"(2).
4 -
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: "نهى أن يقتل شيخ كبير، أو يعقر شجر إلا شجر يضر بهم"(3).
5 -
وعن عبيد اللَّه بن عمر قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض أمرائه أن لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقتلوا صغيرًا ولا شيخًا كبيرًا"(4).
6 -
أن أبا بكر بعث جيوشًا إلى الشام، فخرج يتبع يزيد بن أبي سفيان فقال:"إني أوصيك بعشر: لا تقتلن صبيًّا ولا امرأة ولا كبيرًا هرمًا، ولا تقطعن شجرًا مثمرًا، ولا تخربن عامرًا، ولا تعقرن شاة ولا بعيرًا إلا لمأكله، ولا تغرقن نخلا ولا تحرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن"(5).
• وجه الدلالة من الأحاديث السابقة والآثار: أنها تنهى صراحة عن قتل الشيوخ الكبار.
• الخلاف في المسألة: وخالف بعض أهل العلم فقالوا بجواز قتل الشيوخ من المشركين.
وممن قال بذلك: الشافعية في الأصح من مذهبهم (6)، والظاهرية (7).
وممن قال بذلك ابن المنذر حيث يقول: (لا أعرف حجة في ترك قتل الشيوخ يستثنى بها من عموم قوله {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5]، ولأنه كافر لا نفع في حياته
(1) أخرجه أبو داود، كتاب "المغازي"، باب فى دعاء المشركين (3/ 37، برقم 2614)، والبيهقي (9/ 90)، وضعفه الألباني، انظر: حديث رقم: (1346) في "ضعيف الجامع".
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(6/ 484).
(3)
أخرجه ابن حزم في "المحلى"(7/ 297)، ولم أقف بعد الجث على الحكم على هذين الحديثين.
(4)
المصدر السابق.
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(6/ 483).
(6)
انظر: "روضة الطالبين"(10/ 243)، و"مغني المحتاج"(4/ 223).
(7)
انظر: "المحلى"(7/ 296).