الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سهم عائر فقتله، فقال الناس هنيئا له الجنة. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارًا". فلما سمع ذلك الناس جاء رجل بشراك أو شراكين إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال "شراك من نار أو شراكان من نار"(1).
2 -
وعن عبد اللَّه بن عمرو قال: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أصاب غنيمة أمر بلالًا فنادى في الناس، فيجيئون بغنائمهم، فيخمسه، ويقسمه، فجاء رجل بعد ذلك بزمام من شعر. فقال: يا رسول اللَّه، هذا فيما كنا أصبناه من الغنيمة، فقال: "أسمعت بلالًا ينادي ثلاثًا؟ ". قال: نعم. قال: فما منعك أن تجيء به؟ ، فاعتذر إليه. فقال: "كن أنت تجيء به يوم القيامة، فلن أقبله عنك" (2).
• وجه الدلالة من الحديثين: أن فيهما دلالة على وجوب رد ما غله، وكان ذلك قبل القسمة.
3 -
أن من شروط قبول التوبة رد الحقوق إلى أهلها (3).
4 -
أن ما أخذه الغال حق تعين رده إلى أهله، ولم يتعذر ذلك، فوجب رده إلى صاحب المقاسم قياسًا على المسروق.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على أنه يجب على الغال رد ما أخذه إلى صاحب المقسم قبل أبي يتفرق الناس؛ لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[102/ 32] الغال التائب بعد قسمة الغنائم، عليه أن يؤدي خمس ما غلَّ للإمام:
• المراد بالمسألة: إذا غَلَّ أحد أفراد الجيش شيئًا مما غنمه المسلمون، ثم تاب وندم بعد القسمة، وتفرق الناس، فإنه يؤدي خمس ما غل للإمام ليصرف في مصارفه ويتصدق بالباقي، وقد نقل الإجماع على ذلك.
(1) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان والنذور، باب هل يدخل في الأيمان والنذور الأرض والغنم والزروع والأمتعة (6/ 2466، برقم 6329).
(2)
أخرجه أبو داود في "سننه"(3/ 68، برقم 2712)، والحاكم في "مستدركه"(2/ 151)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وحسَّنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" برقم (1348).
(3)
"المفهم"(7/ 71).
• من نقل الإجماع: ابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: (فان تاب بعد القسمة فمقتضى المذهب أن يؤدي خمسه إلى الإمام ويتصدق بالباقي. . . ولنا قول من ذكرنا من الصحابة ومن بعدهم ولم نعرف لهم مخالفًا في عصرهم فيكون إجماعًا)(1).
• الموافقون للإجماع: وهذا قول ابن مسعود ومعاوية رضي الله عنهما، وهو قول مالك (2) وأَحمد (3) والأوزاعي والزهري (4).
• مستند الإجماع:
1 -
عن حوشب بن سيف قال: غزا الناس الروم، وعليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فغل رجل مائة دينار، فلما قسمت الغنيمة، وتفرق الناس، ندم، فأتى عبد الرحمن، فقال: قد غللت مائة دينار، فاقبضها. قال: قد تفرق الناس، فلن أقبضها منك حتى توافي اللَّه بها يوم القيامة. فأتى معاوية، فذكر ذلك له، فقال له مثل ذلك. فخرج وهو يبكي، فمر بعبد اللَّه بن الشاعر السكسكي، فقال: ما يبكيك؟ فأخبره، فقال: إنا للَّه وإنا إليه راجعون، أمطيعي أنت يا عبد اللَّه؟ قال: نعم. قال: فانطلق إلى معاوية فقل له: خذ مني خمسك، فأعطه عشرين دينارًا، وانظر إلى الثمانين الباقية، فتصدق بها عن ذلك الجيش، فإن اللَّه تعالى يعلم أسماءهم ومكانهم، وإن اللَّه يقبل التوبة عن عبادة. فقال معاوية:"أحسن واللَّه، لأن أكن أنا أفتيته بهذا أحب إلى من أن يكون لي مثل كل شيء امتلكت"(5).
2 -
ولأن تركه تضييع له، وتعطيل لمنفعته التي خلق لها، ولا يتخفف به شيء من إثم الغال، وفي الصدقة نفع لمن يصل إليه من المساكين، وما يحصل من أجر الصدقة يصل إلى صاحبه، فيذهب به الإثم عن الغال، فيكون أولى (6).
• الخلاف في المسألة: وللفقهاء في حكم الغال إذا تاب بعد القسمة وتفرق الجيش، قولان آخران:
• القول الأول: أنه مخير بين ردها إلى الإمام -وهو أولى وأحسن- وبين إبقائه
(1)"المغني"(13/ 171).
(2)
انظر: "التمهيد"(10/ 13)، و"حاشية الدسوقي"(2/ 485).
(3)
انظر: "المغني"(13/ 171)، و"كشاف القناع"(3/ 105).
(4)
انظر: "التمهيد"(10/ 13).
(5)
أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(2/ 270).
(6)
"المغني"(13/ 171).