الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معه حتى يأتي مستحقه، وإذا انقطع طمعه في ذلك تصدق به بشرط الضمان إذا حضر المستحق. وهذا قول الحنفية (1).
• القول الثاني: أنه يرد كل ما أخذه إلى الإمام كالأموال الضائعة؛ لأنه ليس له أن يتصرف بمال غيره، وهذا قول الشافعي (2).
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق على أن الغال التائب بعد قسمة الغنائم يرد خمس ما غل إلى الإمام ويتصدق بالباقي، لوجود الخلاف المعتبر بين الفقهاء في ذلك، واللَّه تعالى أعلم.
[103/ 33] عدم قطع الغال من الغنيمة قبل حيازتها، إذا كان له فيها حق:
• المراد بالمسألة: إذا استبان أمر من غل نصابًا من الغنيمة قبل قسمتها وتوزيعها على الغانمين، وكان له حق (سهم) فيها، فإنه لا يقام عليه حد قطع السارق، ولا يعفيه ذلك من التعزير، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن قاسم (1392 هـ) حيث يقول: (واتفقوا على أنه لا يقطع، إذا كان له فيها سهم)(3).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (4)، وبعض المالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7).
• مستند الإجماع:
1 -
عن ابن عباس رضي الله عنه "أن عبدًا من رقيق الخمس سرق من الخمس، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقطعه وقال: "مال اللَّه سرق بعضه بعضًا" (8).
(1) انظر: "شرح السير الكبير"(4/ 1147)، و"الفتاوى الهندية"(2/ 217).
(2)
انظر: "الأوسط"(11/ 62)، "شرح صحح مسلم"(12/ 459).
(3)
"حاشية الروض المربع"(4/ 283)، ولم أجد من حكى الإجماع على المسألة قبله.
(4)
انظر: "السير الكبير"(1/ 120)، و"البحر الرائق"(5/ 63).
(5)
انظر: "التاج والإكليل"(6/ 307)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 396).
(6)
انظر: "البيان"(12/ 470)، و"الحاوي الكبير"(13/ 350).
(7)
انظر: "الكافي"(4/ 180)، و"المبدع"(9/ 134).
(8)
أخرجه ابن ماجه في "سننه"، كتاب الحدود، باب العبد يسرق (2/ 864، رقم 2590)، ونص ابن حجر والزيلعي على ضعفه. انظر:"التلخيص الحبير"(4/ 69)، و"نصب الراية"(3/ 368).
• وجه الدلالة: هذا الحديث يفيد أن سرقة العبد من مال الغنيمة لا تقطع فيها اليد؛ لأنه سرقة غير تامة لشبهة الملك فيها.
2 -
عن القاسم بن عبد الرحمن قال: إن رجلًا سرق من بيت المال فكتب فيه سعد ابن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب، فكتب عمر إليه:"أن لا قطع عليه؛ لأن له فيه نصيبًا"(1).
3 -
وأن علي بن أبي طالب أتى برجل قد سرق من الخمس مغفرًا، فلم يقطعه علي، وقال:"أن له فيه نصيبًا"(2).
• وجه الدلالة: أن عدم القطع للغال قبل الحيازة قول صحابيين لا يعرف لهما مخالف من الصحابة رضي الله عنهم.
4 -
ولأنه شريك في مشاع خان فيه، فسقط عنه القطع لموجب أسقطه، وهو شبهة الملك غير التام.
• الخلاف في المسألة: يرى بعض المالكية (3)، والظاهرية، وأبو ثور (4) أنه يقطع كالسارق، واستدلوا بما يأتي:
1 -
عموم قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38].
• وجه الدلالة: أن الآية عامة لم تخص سارق من سارق، ولا سرقة دون سرقة.
2 -
أنه سرق مالًا من حرز لا شبهة له في عينه كغير المغنم.
ويمكن أن يقال: قياس غير المغنم على المغنم قياس مع الفارق؛ إذ المغنم له نصيب فيه بخلاف غيره.
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق على أن من غل من غنيمة له فيها حق أنه لا يقطع؛ لوجود المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
(1) أخرجه البيهقي في "سننه"(6/ 347)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل"(5/ 83).
(2)
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(10/ 212 رقم 18871).
(3)
انظر: "المعونة"(2/ 344).
(4)
انظر: "المحلى"(11/ 328).