الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هي عليه: فعن يزيد بن قتادة: أن إنسانًا من أهله مات وهو على غير دين الإسلام، قال: فورثته ابنته دوني وكانت على دينه، ثم إن جدي أسلم وشهد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حنينًا، فتوفي وترك نخلًا، فأسلمت، وخاصمتني في الميراث إلى عثمان بن عفان، فحدث عبد اللَّه بن الأرقم: أن عمر قضى أنه من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فإنه نصيبه، فقضى له عثمان فذهبت بالأولى، وشاركتني في الآخرة (1).
• ووجه الدلالة: أن قضاء الصحابة ماضٍ على إقرار قسم الجاهلية، وعدم تغييره، حيث لم يتعرضوا لنصيب البنت حينما ورثت في المرة الأولى دون أخيها من أبيها المشرك.
5 -
ولأن الكفر لا تفترق أحكامه فيمن أسلم منهم: أنه يقر على نكاحه، ويلحقه ولده، فكذلك يقر على ما حصل له من القسمة، وإن كانت تخالف قسمة الإسلام (2).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على صحة ما اقتسمه أهل الحرب، وعدم تحريكه وتركه على ما هو عليه، لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[191/ 13] الحربي إذا استولى على الحر المسلم أو الذمي لم يملكه، ولا يُزيل عنه الحرية:
• المراد بالمسألة: إن من النتائج الحتمية للحروب وقوع الأسر على بعض الأفراد، فإذا استولى الكفار الحربيون على حر -مسلم أو ذمي- فإنهم لا يملكونه، فهو حرٌّ على حاله، وكان في ذمَّة المسلمين، يلزمهم العمل على خلاصه، وإذا استخلصه المسلمون، عاد حرًّا على أصله، ولا ينتقض عقد الذمة من الذمي، بل يرجع إلى ذمته، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• الناقلون للإجماع: ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: (واتفقوا أن من أسره أهل الحرب من كبار أهل الذمة وصغارهم ونسائهم، أن ذمتهم لا تنتقض بذلك، ما لم يلحق مختارًا، وأنه إن ظفر المسلمون بالمأسورين المذكورين، من أنهم لا يسترقون)(3).
والكاساني (587 هـ) حيث يقول: (ولا خلاف في أنهم أيضًا إذا استولوا على رقاب المسلمين، ومدبريهم، وأمهات أولادهم، ومكاتبيهم، أنهم لا يملكونهم، وإن
(1)"الاستذكار"(7/ 199).
(2)
المرجع السابق.
(3)
"مراتب الإجماع"(ص 205).
أحرزوهم بالدار) (1).
وابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: (فصل: وأن استولوا على أهل ذمتنا فسبوهم، وأخذوا أموالهم، ثم قدر عليهم، وجب ردهم إلى ذمتهم، ولم يجز استرقاقهم في قول عامة أهل العلم منهم: الشعبي، ومالك، والليث، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، ولا نعلم لهم مخالفًا)(2).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6)، والظاهرية (7).
• مستند الإجماع:
1 -
قال الشعبي: أغار أهل ماه، وأهل جولاء على العرب، فأصابوا سبايا العرب، فكتب السائب بن الأقرع إلى عمر رضي الله عنه في سبايا المسلمين ورقيقهم ومتاعهم، قد اشتراه التجار من أهل ماه، فكتب عمر رضي الله عنه:"أيما رجل أصاب رقيقه ومتاعه بعينه فهو أحق به من غيره، وإن أصابه في أيدي التجار بعد ما أقتسم فلا سبيل إليه، وأيما حر اشتراه التجار فإنه يرد إليهم رؤوس أموالهم، فإن الحر لا يباع ولا يشترى"(8).
• ووجه الدلالة: أن عمر رضي الله عنه بيَّن أن الحر لا تزول عنه حريته بالأسر، أو الاسترقاق.
2 -
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وصيته للخليفة بعده: "وأوصيه بأهل ذمة المسلمين خيرًا، أن يوفي لهم بعهدهم، ويخاطر من ورائهم"(9).
3 -
وقال علي رضي الله عنه: "إنما بذلوا الجزية؛ لتكون دمائهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا"(10).
(1)"بدائع الصنائع"(9/ 512).
(2)
"المغني"(13/ 122).
(3)
انظر: "الهداية"(2/ 433)، و"بدائع الصنائع"(9/ 512).
(4)
انظر: "المدونة"(3/ 17)، و"حاشية الدسوقي"(2/ 499).
(5)
انظر: "مختصر المزني"(9/ 288)، و"مغني المحتاج"(6/ 24).
(6)
انظر: "الكافي"(4/ 125)، و"كشاف القناع"(3/ 80).
(7)
انظر: "المحلى"(/ 223).
(8)
سبق تخريجه.
(9)
أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون (3/ 1111، برقم 2887).
(10)
أخرجه الدارقطني في "سننه"(1/ 147) وضعَّفه، قال الزيلعي في "نصب الراية" (3/ 381):(غريب).