الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونُذكِّر بالنتيجة، فنقول: إن الإجماع متحقق على مشروعية أخذ الجزية من أهل الذمة في الجملة، لعدم وجود المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[228/ 10] أخذ الخراج من الذمي:
سبق بحث هذه المسألة سابقًا في فصل الجزية عند مسألة: (جواز أخذ مقدار أو شيء معروف ومحدد، كالخراج، والعشور، وما صولحوا عليه قدرًا زائدًا على الجزية).
وقد توصلنا إلى النتيجة التالية: أن الإجماع متحقق على جواز أخذ مقدار أو شيء معروف ومحدد، كالخراج، والعشور، وما صولحوا زائدًا على الجزية، لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[229/ 11] إسلام الذمي قبل انتهاء الحول يسقط عنه الجزية:
سبق بحث هذه المسألة سابقًا في فصل الجزية عند مسألة: (سقوط الجزية بالإسلام قبل انقضاء الحول)، فتفاديًا للإطالة، والتكرار نحيل القارئ الكريم إليها، وقد توصلنا إلى النتيجة التالية: أن الإجماع غير متحقق على أن الجزية تسقط بالإسلام قبل انقضاء الحول، لوجود الخلاف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[230/ 12] من أسلم من أهل الذمة أو صالح على أرضه صلحًا صحيحًا، فهي له، ولعقبه:
• المراد بالمسألة: بيان أن حكم الأرضين، إذا أسلم عليه أهل الذمة، أو صالحوا عليها أهل الإسلام بأن يؤدوا عليها جزءًا معلومًا، أن ملكيتها لأهلها ثابتة لهم، ولمن يأتي بعدهم ممن تناسلوا منهم، فلهم حرية بيعها والتصرف فيها وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: أبو جعفر الطحاوي (321 هـ) حيث يقول: (لا خلاف أن أرض الصلح مملوكة لأهلها)، كما نقله عنه الجصاص (1).
وقدامة بن جعفر (337 هـ) حيث يقول: (واجتمع الكل على إطلاق شراء أرض
(1)"مختصر اختلاف العلماء"(3/ 495).
الصلح؛ لأنهم إنما صالحوا قبل القدرة عليهم والغلبة لهم فأرضوهم ملك في أيديهم) (1).
وابن حزم (456 هـ) حيث يقول: (واتفقوا أن من صالح من أهل الذمة عن أرضه صلحًا صحيحًا، أنها له ولعقب عقبه، أسلم أو لم يسلم، ما لم يظهر فيها معدن)(2)، وقال أيضًا:(واتفقوا أن من أسلم على أرض له، ليس فيها معدن، ولا ظهر فيها معدن، أنها له ولعقبه)(3).
وابن رجب (795 هـ) حيث يقول: (ما أسلم أهلها عليها ولم يكن ضرب عليهم خراج قبل الإسلام، فهذه لا خراج عليها. . . فكل هذه من أراضي المسلمين مملوكة لمن هي في يده. . . وهذا لا يعلم فيه خلاف)(4).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)، والحنابلة (8).
• مستند الإجماع:
1 -
عن ابن عمر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا رسول اللَّه، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم، وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على اللَّه"(9).
• وجه الدلالة: حيث دلَّ الحديث أن الكفار إذا أسلموا، فقد عصموا دماءهم وأموالهم، ومن ذلك أرضوهم التي يملكونها، فإذا أسلموا ردت أحكامهم إلى أحكام المسلمين (10).
2 -
وعن رجل من جهينة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لعلكم تقاتلون قومًا فتظهرون
(1)"الخراج وصناعة الكتابة"(1/ 210).
(2)
"مراتب الإجماع"(ص 205).
(3)
المرجع السابق (ص 206).
(4)
"الاستخراج لأحكام الخراج"(ص 185).
(5)
انظر: "شرح فتح القدير"(6/ 32)، و"مختصر اختلاف العلماء"(3/ 495).
(6)
انظر: "التمهيد"(6/ 458)، و"البيان والتحصيل"(4/ 200).
(7)
انظر: "الأحكام السلطانية" للماوردي (ص 244)، و"الحاوي الكبير"(14/ 416).
(8)
انظر: "الاستخراج لأحكام الخراج"(ص 185، 248).
(9)
سبق تخريجه.
(10)
انظر: "الأموال" لأبي عبيد (ص 416).