الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرعية أن يستبدوا به، أو يفتئتوا على الإمام بعقده.
• الخلاف في المسألة: يرى بعض الحنفية (1)، والمالكية (2) أن الإمام لا يختص بعقد الذمة.
• وحجتهم: أن المراد بعقد الذمة هو مراعاة مصلحة المسلمين، فإن تحقَّق هذا الشرط في العاقد كان عقده جائزًا؛ لأن العبرة ليست بذات العاقد، ولكن بما يُحقِّقه من مصلحة.
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق على أن عقد الذمة يختص بالإمام أو من يقوم مقامه، لوجود الخلاف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[220/ 2] وجوب إجابة أهل الحرب إذا طلبوا عقد الذمة لهم:
• المراد بالمسألة: إذا طلب قوم من أهل الحرب ممن تقبل منهم الجزية أن يصيروا ذمة للمسلمين، فإنه يجب على الإمام أن يجيبهم إلى ذلك، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: الطبري (310 هـ) حيث يقول: (وأجمع الكل على أن من حلَّ قبول الجزية منه، إذا أعطى جزيته، وسأل أن يعطى الذمة على ذلك، وهو ممتنع غير مقهور، أنه ليس للإمام أن يمتنع من أخذ ذلك منه، ومن تصييره على ذلك من أهل الذمة)(3).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (4)، المالكية (5)، والشافعية (6) والحنابلة (7).
• مستند الإجماع:
1 -
قول اللَّه تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ
(1) انظر: "فتح القدير"(4/ 300)، و"الفتاوى الهندية"(3/ 234).
(2)
"حاشية الدسوقي"(2/ 201)، و"شرح الخرشي على مختصر خليل"(3/ 143).
(3)
"اختلاف الفقهاء"(ص 208).
(4)
انظر: "شرح السير الكبير"(4/ 1529).
(5)
انظر: "شرح الخرشي على مختصر خليل"(3/ 134)، و"عقد الجواهر الثمينة"(1/ 486).
(6)
انظر: "مغني المحتاج"(4/ 243)، و"تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام"(ص 248).
(7)
انظر: "المغني"(13/ 212)، و"المبدع"(3/ 404).
الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)} [التوبة: 29].
• وجه الدلالة: حيث دلّت أن الكفار متى بذلوا الجزية لزم قبولها، وحرم قتالهم.
2 -
حديث سليمان بن بريدة عن أبيه، وفيه:"فاسألهم الجزية، فإن أجابوك فاقبل منهم"(1).
• وجه الدلالة: أن في الحديث أمرٌ صريح بقبول الجزية، وعقد الذمة لهم عند رضاهم بذلك.
3 -
أن عقد الذمة ينتهي به القتال كالإسلام، فكما أنهم لو طلبوا عرض الإسلام عليهم وجب إجابتهم إلى ذلك. فكذلك إذا طلبوا عقد الذمة.
• الخلاف في المسألة: ذهب بعض فقهاء الشافعية في وجه عندهم: على أنه لا تجب إجابتهم، إلا إذا رأى الإمام فيها مصلحة، قياسًا على الهدنة.
ووصف النووي هذا القول: بأنه شاذ متروك (2).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على وجوب إجابة أهل الحرب إذا طلبوا عقد الذمة لهم. متى توفرت فيهم شروط عقدها وانتفت فيهم الموانع، وأما خلاف بعض الشافعية فهو من قبيل الشذوذ الفقهي كما نص على ذلك إمام الشافعية في عصره النووي، واللَّه تعالى أعلم.
هذا وقد نص بعض الفقهاء على حالات تطرأ يُقدِّرها الإمام، تدعو المصلحة إلى عدم قبول عقد الذمة لهم، ومنها:
إن طلب بعض أهل الحرب عقد الذمة لهم، فقال قومهم، وكانت لهم قوة ومنعة: إن فعلتم قاتلناكم، أو قتلنا أسراكم. فإن لم يكن بالمسلمين قوة، أو خافوا على أسراهم، فلا بأس بأن لا يقبلوا عقد الذمة لهم (3).
عند العجز عن حمايتهم، وتوفير الأمن لهم، فحينئِذٍ لا ينبغي للمسلمين أن يجيبوهم إلى عقد الذمة لهم (4).
(1) سبق تخريجه.
(2)
انظر: "روضة الطالبين"(10/ 298).
(3)
انظر: "السير الكبير"(4/ 1614).
(4)
انظر: المصدر السابق (5/ 2192).