الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حق" (1).
والحجة على أن من سب أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليس له في الفيء حقٌّ: أن اللَّه قد قسم الفيءَ على ثلاثة أصناف، فقال:{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} [الحشر: 8]، وقال:{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الحشر: 9]، وقال:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10].
قال ابن كثير: (وما أحسن ما استنبط الإمام مالك رحمه الله من هذه الآية الكريمة أن الرافضي الذي يسب الصحابة ليس له في مال الفيء نصيب لعدم اتصافه بما مدح اللَّه به)(2).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على ألَّا يُمنع أهل الأهواء نصيبهم من الفيء، ما داموا في حكم الإسلام، سوى الرافضة؛ فقد قال كثير من السلف بأنه لا حق لهم فيه، واللَّه تعالى أعلم.
[156/ 5] لا حق للعبيد في الفيء:
• المراد بالمسألة: بيان أن الأرقاء كغيرهم ممن ليسوا من أهل القتال، ليس لهم سهم من فيء المسلمين، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: الشافعي (204 هـ) حيث يقول: (ولم يختلف أحد لقيناه في أن ليس للمماليك في العطاء حق ولا للأعراب الذين هم أهل الصدقة) نقله عنه الخطابي (3).
وابن قدامة المقدسي (620 هـ) حيث يقول: (لا نعلم خلافًا بين أهل العلم اليوم في أن العبيد لا حق لهم في الفيء)(4).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)،
(1)"تفسير البغوي"(4/ 321).
(2)
"تفسير القرآن العظيم"(8/ 73).
(3)
كما ذكره عنه العراقي في "طرح التثريب في شرح التقريب"(6/ 197).
(4)
"المغني"(9/ 298).
(5)
انظر: "البناية"(5/ 731)، و"مختصر اختلاف العلماء"(3/ 431).
(6)
انظر: "الاستذكار"(14/ 112)، و"بداية المجتهد"(1/ 392).
(7)
انظر: "روضة الطالبين"(6/ 370)، و"الحاوي الكبير"(10/ 446).
والحنابلة (1).
• مستند الإجماع:
1 -
ما جاء عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "ما من أحد من المسلمين إلا له في هذا المال نصيب إلا العبيد فليس لهم فيه شيء"(2).
2 -
أن الفيء اختص بالمقاتلة، لأنه كان لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في حياته لحصول النصرة، فلما مات صارت بالجند ومن يحتاج إليه المسلمون، والعبيد ليسوا من المقاتلة (3).
• الخلاف في المسألة: وخالف في ذلك الظاهرية فذهبوا أنه يُسهم له كالحر (4).
• وحجة قائلين هذا القول:
1 -
"أن أبا بكر الصديق كان يُعطي الأحرار والعبيد من الفيء، وكان عمر يقرض للسيد وللعبد"(5).
2 -
ولأن خطاب الشرع بالأمر والنهي، والإثبات والنفي، وسائر أسباب التكليف لا يخص حرًّا من عبد، ولا ذكرا من أنثى، إلا ما خرج من ذلك بدليل. ولا دليل لخروج العبد من القسم في الفيء.
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق على أنه لا حق للعبيد من الفيء، لوجود الخلاف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
* * *
(1) انظر: "الإنصاف"(4/ 170)، و"كشاف القناع"(3/ 86).
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6/ 466 برقم 32978).
(3)
"المبدع"(3/ 384).
(4)
انظر: "المحلى"(7/ 332).
(5)
"شرح السنة"(11/ 140).