الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحنابلة (1).
• مستند الإجماع: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء بوم القيامة وشقه مائل"(2).
• وجه الدلالة: حيث دلَّ عموم الحديث على وجوب العدل بين الزوجات ولم يُفرق بين مسلمة وغير مسلمة.
ولأن الزوجتان يستويان في سبب وجوب القسم وهو النكاح، فيستويان في القسم من غير تفريق بينهن.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق في وجوب التسوية في القسم بين الزوجة المسلمة والكتابية، لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[214/ 11] حل ذبائح أهل الكتاب:
• المراد بالمسألة: بيان أن ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى حل للمسلمين الأكل منها إذا ذكروا اسم اللَّه عليها وذكيت ذكاة شرعية (3)، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) حيث يقول: (وأجمعوا أن ذبائح أهل الكتاب لنا حلال، إذا ذكروا اسم اللَّه عليها)(4).
وابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: (وقد أجمعوا في ذبيحة الكتابي أنها تؤكل، وإن لم يسم اللَّه عليها، إذا لم يسم عليها غير اللَّه)(5).
(1) انظر: "المغني"(7/ 35).
(2)
أخرجه أحمد في "المسند"(2/ 295، برقم 7921)، وأبو داود في "سننه"(2/ 242، برقم 2133)، وقال ابن الملقن في "البدر المنير" (8/ 38):(هذا الحديث صحيح).
(3)
والحكمة في إباحة ذبائح أهل الكتاب: أنهم يعتقدون تحريم الذبح لغير اللَّه، ولا يذكرون على ذبائحهم إلا اسم اللَّه، وإن اعتقدوا فيه تعالى ما هو منزه عنه تعالى وتقدس، فهم يذكرون اسم اللَّه على ذبائحهم وقرابينهم، وهم متعبدون بذلك، ولهذا لم يبح ذبائح من عداهم من أهل الشرك، ومن شابههم؛ لأنهم لا يذكرون اسم اللَّه على ذبائحهم، بل ولا يتوقفون فيما يأكلونه من اللحم على ذكاة، بل يأكلون الميتة، بخلات أهل الكتابين. انظر:"تفسير القرآن العظيم"(2/ 19).
(4)
"الإجماع"(ص 69).
(5)
"الاستذكار"(5/ 250).
وابن هبيرة (560 هـ) حيث يقول: (أجمعوا على أن ذبائح أهل الكتاب العقلاء مباحة، معتد بها)(1).
وابن رشد (595 هـ) حيث يقول: (فأما أهل الكتاب، فالعلماء مجمعون على جواز ذبائحهم؛ لقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}، ومختلفون في التفصيل. فاتفقوا على أنهم إذا لم يكونوا من نصارى بني تغلب، ولا مرتدين، وذبحوا لأنفسهم، وعلى أنهم سموا اللَّه تعالى على ذبيحتهم، وكانت الذبيحة مما لم تحرم عليهم في التوراة، ولا حرموها على أنفسهم، أنه يجوز منها ما عدا الشحم)(2).
وابن قدامة المقدسي (620 هـ) حيث يقول: (وأجمع أهل العلم على إباحة ذبائح أهل الكتاب)(3).
وشيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: (ومن المعلوم أن حل ذبائحهم ونسائهم (أي أهل الكتاب) ثبت بالكتاب والسنة والإجماع) (4).
وابن القيم (751 هـ) حيث يقول: (وتفردت الشيعة دون الأمة بتحريم ذبائحهم. . . وهذا القول مخالف للكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم، فلا يلتفت إليه)(5).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (6)، والمالكية (7)، والشافعية واستثنوا ذبائح نصارى العرب (8)، والمذهب عند الحنابلة (9)، والظاهرية (10).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ} [المائدة: 5].
• وجه الدلالة: حيث أحل اللَّه تعالى طعام أهل الكتاب وهو ذبائحهم فدل على جواز ذبائحهم.
(1)"الإفصاح"(2/ 348).
(2)
"بداية المجتهد"(1/ 449).
(3)
"المغني"(9/ 311).
(4)
"مجموع الفتاوى"(35/ 213).
(5)
"أحكام أهل الذمة"(1/ 282).
(6)
انظر: "العقود الدرية"(2/ 97).
(7)
انظر: "المدونة"(3/ 67).
(8)
انظر: "الأم"(2/ 196)، و"مغني المحتاج"(4/ 267).
(9)
انظر: المقنع (2/ 531).
(10)
انظر: "المحلى"(7/ 454).
قال ابن عباس: طعامهم ذبائحهم (1). وكذلك قال مجاهد وقتادة وروي معناه عن ابن مسعود (2).
2 -
وعن أنس: "أن امرأة يهودية أتت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها فجيء بها إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك فقالت: أردت لأقتلك. قال: "ما كان اللَّه ليسلطك على ذاك" (3).
• وجه الدلالة: أن أكل النبي صلى الله عليه وسلم من شاة اليهودية دليلٌ واضح على حل ذبائح أهل الكتاب.
• الخلاف في المسألة: استثنى الشافعية، وأحمد في رواية (4) من حل ذبائح أهل الكتاب، ذبائح نصارى العرب، فقالوا: لا تؤكل.
واحتجوا بما يأتي: روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "ما نصارى العرب بأهل كتاب، وما تحل لنا ذبائحهم، وما أنا بتاركهم حتى يسلموا، أو أضرب أعناقهم"(5).
ويقول عَلِيٌّ رضي الله عنه: "لا تأكلوا ذبائح نصارى بني تغلب، فإنهم لم يتمسكوا من دينهم إلا بشرب الخمر"(6).
وقد ناقش الجمهور احتجاج الشافعي بأثر عمر وعلي رضي الله عنهما: بأن أثر علي هو حجة على الشافعي لا له؛ لأنه خاص ببعض العرب وهم بني تغلب مصرح فيه بأنهم ليسوا نصارى فهم كسائر المشركين.
وأما أثر عمر رضي الله عنه فروي من طريق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، وقد ضعفه الجمهور، وصرح بعضهم بكذبه، وممن طعن فيه مالك وأحمد. فلا يصح الاحتجاج
(1) أخرجه البخاري تعليقًا، في كتاب الذبائح والصيد، باب ذبائح أهل الكتاب وشحومها من أهل الحرب وغيرهم (5/ 2097).
(2)
انظر: "الاستذكار"(5/ 250).
(3)
أخرجه البخاري، كتاب الهبة وفضلها، باب قبول الهدية من المشركين (2/ 923، برقم 2474).
(4)
انظر: "الإفصاح"(2/ 349).
(5)
أخرجه الشافعي في "الأم"(2/ 232)، والبيهقي في "سننه الكبرى"(9/ 217).
(6)
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(6/ 72، رقم 10034)، والشافعي في "الأم"(2/ 232)، قال ابن حجر في "فتح الباري" (9/ 637):(أخرجه الشافعي وعبد الرزاق بأسانيد صحيحة).