الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعض المالكية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3).
• ب- الموافقون على وجوب الفرار: المالكية (4)، ووجه للشافعية (5).
• مستند الإجماع: مستند القائلين بالتخيير بين الثبات والفرار: أن التغرير بالنفس وتعريضها للهلاك الجهاد طلبًا للفوز بالشهادة جائز.
مستند القائلين بوجوب الفرار: أن فيه تغريرًا بالنفس لقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195].
• الخلاف في المسألة: للإمام ابن حزم رأي بوجوب الثبات وأنه لا يحل لمسلم أن يفر عن مشرك ولا مشركين ولو أكثر عددهم، إلا أن ينوي التحيُّز إلى جماعة من المسلمين إن رجا البلوغ إليهم، أو أن ينوي الكر إلى القتال. فإن لم ينو إلا الفرار فهو فاسق ما لم يتب.
مستندًا إلى عموم آية النهي عن التولي عند الزحف، وإطلاق الوعيد كذلك على من تولى عمومًا، من أي عدد كان (6).
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق لا على وجوب الفرار ولا على التخيير فيه، فيما لو علم المسلمون أو غلب على ظنهم أنهم مقتولون وأنهم لا تأثير لهم في نكاية العدو؛ لوجود الخلاف المعتبر الذي يخرق كلا الإجماعين، بالإضافة إلى وجود رأي قوي لابن حزم يوجب الثبات، ويحرم الفرار. واللَّه تعالى أعلم.
[68/ 47] جواز خداع الكفار في الحرب والتمويه عليهم:
• تعريف الخداع:
الخداع مأخوذ من الخَدْعُ وهو: إظهار خلاف ما تُخْفيه (7).
وقد ذكر الفقهاء أمثلة وصورًا للخداع في الحرب منها:
(1) انظر: "كفاية الطالب الرباني"(3/ 12).
(2)
انظر: "الأم"(4/ 92)، و"مغني المحتاج"(4/ 224).
(3)
انظر: "المغني"(13/ 186)، و"الفروع"(6/ 201).
(4)
انظر: "القوانين الفقهية"(165).
(5)
انظر: "المهذب"(2/ 232).
(6)
انظر: "المحلى"(7/ 292).
(7)
انظر: "لسان العرب"(8/ 63)، مادة (خدع).
أن يكلم من يبارزه بشيء وليس الأمر كما قال، ولكنه يضمر خلاف ما يظهر له. كما فعل علي رضي الله عنه يوم الخندق حين بارزه عمرو بن ود، قال: أليس قد ضمنت لي ألَّا تستعين علي بغيرك؟ فمن هؤلاء الذين دعوتهم؟ فالتفت كالمستبعد لذلك، فضرب على ساقيه ضربة قطع رجليه (1).
• والمراد بالمسألة: بيان أن خداع الكفار في الحرب جائز (2)، وكيف أمكن الخداع فلا بأس به، إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يحل، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: النووي حيث (676 هـ) يقول: (واتفق العلماء على جواز خداع الكفار في الحرب، وكيف أمكن الخداع إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يحل)(3).
ولم أجد من حكى الإجماع في هذه المسألة غير النووي، إلا أن هناك جمعًا من العلماء نقلوا إجماع النووي في هذه المسألة دون أن يتعقبوه فكأنهم موافقون له، ومن هؤلاء: العراقي في كتابه "طرح التثريب"(4). وابن حجر في كتابه "فتح الباري"(5)، والشوكاني في كتابه "نيل الأوطار"(6).
• مستند الإجماع: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الحرب خُدْعة (7) "(8).
• وجه الدلالة: أن فيه دليلًا على أنه لا بأس للمجاهد أن يخادع قرنه في حالة القتال، وأن ذلك لا يكون غدرًا منه (9).
(1) انظر: شرح كتاب "السير الكبير"(1/ 120).
(2)
قال ابن المناصف (620 هـ) في "الإنجاد" في أحكام الجهاد (ص 307): (والخديعة المباحة: هي كل ما يرجع إلى إجادة النظر في تدبير غوامض الحرب، وإدارة الرأي فيه بما يوهم العدو الإعراض عنه، أو الغفلة دونه، وما أشبه ذلك من المتقدم بكل ما يقع به توهين العدو، أو تلتمس فيه غرته، وإصابة الفرصة منه).
(3)
"شرح صحيح مسلم"(12/ 289).
(4)
انظر: "طرح التثريب"(7/ 215).
(5)
انظر: "فتح الباري"(6/ 191).
(6)
انظر: "نيل الأوطار"(8/ 54).
(7)
ضبطت (خدعة) بفتح الخاء المعجمة وبضمها مع سكون المهملة فيهما، وبضم أوله وفتح ثانيه، قال النووي: اتفقوا على أن الأولى أفصح، انظر:"فتح الباري"(6/ 158). والخدعة هي الاسم من الخداع، أي: إرادة المكروه به من حيث لا يعلم. انظر: "كشاف القناع"(3/ 79).
(8)
أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الحرب خدعة (3/ 1102 برقم 2865).
(9)
انظر: "شرح السير الكبير"(1/ 119).