الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [الفتح: 17، والنور 61].
2 -
ولقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} [التوبة: 91].
• وجه الدلالة من الآيتين الكريمتين: حيث بيَّن اللَّه تعالى الأعذار التي لا حَرَج على من قعد فيها عن القتال، فذكر منها ما هو لازم للشخص لا ينفك عنه، وهو الضعف في التركيب الذي لا يستطيع معه الجِلَاد في الجهاد، ومنه العمى، والعَرَج، ونحوهما، وما هو عارض بسبب مرض عَنَ له في بدنه، شغله عن الخروج في سبيل اللَّه، فليس على هؤلاء حَرَج إذا قعدوا (1).
3 -
أن المقصود من الجهاد القتال والأعمى ممن لا يقاتل، والأعرج لا يتمكَّن منه، والمريض إذا كان مرضه شديدًا فإنه لا يقدر عليه. فتكليفهم بالجهاد حرج ومشقة واللَّه تعالى يقول:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78](2).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق لعدم وجود المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[20/ 20] إذن الأبوين المسلمين في الغزو إذا لم يتعين:
• المراد بالمسألة: بيان أن المسلم إذا أراد الخروج للجهاد فإنه يجب عليه الحصول على إذن من والديه كليهما، فإن حجبا عنه الإذن أو أحدهما حَرُم عليه الجهاد، ما لم يكن فرض عين عليه، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: (واتفقوا أن من له أبوان يضيعان بخروجه، أن فرض الجهاد ساقط عنه)(3).
ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: (لا خلاف علمته أن الرجل لا يجوز له الغزو ووالداه كارهان، أو أحدهما؛ لأن الخلاف لهما في أداء الفرائض عقوق، وهو من الكبائر ومن الغزو ما قلت)(4).
وابن رشد (595 هـ) حيث يقول: (وعامة الفقهاء متفقون على أن من شرط هذه الفريضة إذن الأبوين فيها، إلا أن تكون عليه فرض عين، مثل أن لا يكون هنالك من
(1) انظر: "جامع البيان"(4/ 198).
(2)
انظر: "البيان"(12/ 108).
(3)
"مراتب الإجماع"(ص 201).
(4)
"الاستذكار"(5/ 40).
يقوم بالفرض إلا بقيام الجميع به) (1).
وابن هبيرة (560 هـ) حيث يقول: (واتفقوا على أن من لم يتعيَّن عليه الجهاد، فإنه لا يخرج إلا بإذن أبويه إذا كانا حيين مسلمين)(2).
والدمشقي (780 هـ) حيث يقول: (واتفقوا على أن من لم يتعين عليه الجهاد لا يخرج إلا بإذن أبويه إن كانا مسلمين)(3).
وابن النحاس (814 هـ) حيث يقول: (وأجمع العلماء على أن الغزو لا يجوز إلا بإذن الأبوين المسلمين)(4).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)، والحنابلة (8)، والظاهرية (9).
• مستند الإجماع:
1 -
عن عبد اللَّه بن عمرو قال: "جاء رجل (10) إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال: "أحيٌ والدك؟ " قال: نعم، قال: "ففيهما فجاهد" (11).
2 -
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: "أن رجلا هاجر إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من اليمن، فقال: "هل لك أحد باليمين؟ " قال: أبواي، قال: أذنا لك؟ " قال: لا، قال:"ارجع إليهما، فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما"(12).
(1)"بداية المجتهد"(1/ 381).
(2)
"الإفصاح"(2/ 273).
(3)
"رحمة الأمة"(ص 292).
(4)
"مشارع الأشواق"(ص 99).
(5)
انظر: "بدائع الصنائع"(6/ 58)، و"البحر الرائق"(5/ 122).
(6)
انظر: "الكافي"(1/ 464)، و"الفواكه الدواني"(1/ 422).
(7)
انظر: "الأم"(4/ 163)، و"روضة الطالبين"(10/ 211).
(8)
انظر: "المغني"(13/ 25)، و"كشاف القناع"(3/ 44).
(9)
"المحلى بالآثار"(5/ 341).
(10)
قال ابن حجر في "الفتح": لعله جاهمة بن العباس بن مرداس السلمي (6/ 173).
(11)
أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الجهاد بإذن الأبوين (3/ 1094، برقم 2842).
(12)
أخرجه أبو داود في "سننه"، كتاب الجهاد، باب في الرجل يغزو وأبواه كارهان (3/ 18، برقم 2530)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 114، رقم 2501)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ولم يوافقه الذهبي، وقال: فيه دراج وهو واه، انظر: التلخيص بهامش "المستدرك"(2/ 114)، وقال ابن القيم: ليس مما يستدرك على الشيخين، فإن فيه دراجًا أبا السمح، وهو ضعيف، انظر:"شرح سنن أبي داود" لابن القيم بحاشية "عون المعبود"(7/ 146) وفيما سبق ما يكفي.