الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للواحد منهم شيء ينتفع به ولا يدفع به حاجته، فأباح اللَّه تعالى لهم ذلك (1).
ولأن الحاجة تبيح مال المعصوم، فمال الكافر أولى (2).
• الخلاف في المسألة: كان ابن شهاب لا يرى ذلك إلا بإذن الإمام (3)، وكذا ابن سيرين (4).
قال ابن عبد البر: (لا أعلم أحدًا قاله غيره)(5).
وقد صرح ابن حجر العسقلاني أن المسألة خلافية بقوله: (وهي مسألة خلاف، والجمهور على جواز أخذ الغانمين من القوت وما يصلح به وكل طعام يعتاد أكله عمومًا وكذلك علف الدواب، سواء كان قبل القسمة أو بعدها بإذن الإمام وبغير إذنه)(6).
وذكر ابن رشد سبب الاختلاف في المسألة فقال: (والسبب في اختلافهم معارضة الآثار التي جاءت في تحريم الغلول للآثار الواردة في إباحة أكل الطعام. . . فمن خصص أحاديث تحريم الغلول بهذه أجاز أكل الطعام للغزاة، ومن رجح أحاديث تحريم الغلول على هذا لم يجز ذلك)(7).
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق على جواز أكل الطعام ونحوه من أعلاف الدواب؛ للخلاف المعتبر من الإمام الزهري. واللَّه تعالى أعلم.
[109/ 39] رد ما فضل وكان كثيرًا من المال والطعام إلى الغنيمة:
• المراد بالمسألة: إذا دخل المسلمون دار الحرب جاز لهم أن يأكلوا من الطعام وأن يعلفوا دوابهم بما يحتاجون إليه، فإذا أخذوا معهم منه شيئًا فأدخلوه بلاد الإسلام فإن كان كثيرًا فإنهم يردونه في الغنيمة. وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: (اتفقوا أن من أخذ من أهل العسكر أو السوقة من المسلمين شيئًا قد تملكه أهل الحرب -ليس طعامًا سواء قل أو
(1)"المغني"(13/ 126).
(2)
"نيل الأوطار"(7/ 294).
(3)
رواه عبد الرزاق في "المصنف"(5/ 179 رقم 9297).
(4)
"نيل الأوطار"(7/ 294).
(5)
"الاستذكار"(14/ 131).
(6)
"فتح الباري"(6/ 255).
(7)
"بداية المجتهد"(1/ 458).
كثر- السلطان كان أو غيره أنه قد غل إذا انفرد بملكه ولم يلقه في الغنائم) (1).
وابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: (مسألة: قال ومن فضل معه من الطعام، فأدخله البلد طرحه في مقسم تلك الغزاة في إحدى الروايتين) قال ابن قدامة: والأخرى: مباح له أكله إذا كان يسيرًا، أما الكثير فيجب رده بغير خلاف نعلمه) (2).
وأبو الفرج ابن قدامة (682 هـ) حيث يقول: (أما الكثير فيجب رده بغير خلاف علمناه)(3).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7)، والظاهرية (8).
• مستند الإجماع:
1 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ردوا الخيط والمخيط"(9).
2 -
ما روي أن صاحب جيش الشام كتب إلى عمر رضي الله عنه: "إنا أصبنا أرضًا كثيرة الطعام والعلف وكرهت أن أتقدم في شيء من ذلك، وكتب إليه عمر: "دع الناس يعلفون ويأكلون، فمن باع منهم شيئًا بذهب أو فضة، ففيه خمس اللَّه وسهام المسلمين" (10).
3 -
قال عبد اللَّه بن أبي أوفى رضي الله عنه: "أصبنا طعامًا يوم خيبر، فكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينصرف"(11).
4 -
لأن الأصل تحريمه لكونه مشتركًا بين الغانمين كسائر المال، وإنما أبيح منه ما دعت الحاجة إليه، فما زاد فيبقى على أصل التحريم.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على وجوب رد ما فضل وكان كثيرًا من المال والطعام إلى الغنيمة ليقسم على الغزاة المستحقين له، ولم يخالف في ذلك أحد، واللَّه تعالى أعلم.
(1)"مراتب الإجماع"(ص 196).
(2)
"المغني"(13/ 132).
(3)
"الشرح الكبير"(5/ 548).
(4)
انظر: "مختصر اختلاف العلماء"(3/ 463).
(5)
انظر: "المدونة"(2/ 602).
(6)
انظر: "نهاية المحتاج"(8/ 77).
(7)
انظر: "المغني"(13/ 132).
(8)
انظر: "المحلى"(7/ 350).
(9)
سبق تخريجه.
(10)
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(6/ 504 رقم 33330).
(11)
صحيح سبق تخريجه.