الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثغور وبناء القناطر والجسور فمصلحة عامة؛ وأما أرزاق من ذكر فلأنهم يعملون للمسلمين فيجب كفايتهم عليهم، والمقاتلة يقاتلون لنصرة الإسلام والمسلمين، وإعزاز كلمة الدين، ولتكون كلمة اللَّه هي العليا، فيجب على الإمام والمسلمين كفايتهم، وكفاية: ذريتهم، إذ لو لم يكفوا لاشتغلوا بالاكتساب للكفاية (1).
4 -
أما عدم تخميس الجزية فمستنده: أن عمر رضي الله عنه لما قرأ هذه الآية: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [الحشر: 7]، قال:"استوعبت هذه الآية المسلمين عامة، فليس أحد إلا له فيها حق، ثم قال: ولئن عشت ليأتين الراعي -وهو بسَرْوِ حمير (2) - نصيبه منها، لم يعرق فيها جبينه"(3).
• الخلاف في المسألة: يرى الشّافعيّة في الجديد (4)، والخرقيّ من الحنابلة (5) أن الجزية تصرف في مصالح المسلمين إلا أنها تُخمَّس ويُصرف خمسه إلى من يصرف إليه خمس الغنيمة.
واحتجوا، بالقياس على الفيء بجامع أن كلًّا من المالين حصل للمسلمين من غير قتال.
النتيجة:
1 - أن الإجماع متحقق على أن الجزية تُصرف لمصالح المسلمين، لعدم المخالف في ذلك.
2 -
أن الإجماع غير متحقق على أن الجزية تُخمَّس، لوجود الخلاف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[149/ 20] سقوط الجزية بالإسلام قبل انقضاء الحول:
• المراد بالمسألة: بيان أن من وجبت عليه الجزية إذا أسلم قبل انتهاء الحول، ولم تستوف منه، فإنها تسقط عنه، ولا يُلزم بها، ولا تُؤخذ منه بعد إسلامه. وقد نقل
(1) انظر: "الاختيار تعليل المختار"(4/ 150).
(2)
سرو حمير: السرو بفتح أوله وسكون ثانيه، على وزن الغَزْو، والسرو: الشرف، والسرو من الجبل ما ارتفع عن مجرى السيل وانحدر عن غلظ الجبل. وسرو حمير: هو منازل حمير بأرض اليمن. انظر: "معجم البلدان"(3/ 217).
(3)
أخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 516).
(4)
انظر: "البيان"(12/ 234).
(5)
انظر: "الإنصاف"(4/ 198)، و"الاستخراج لأحكام الخراج"(ص 458).
الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: الترمذي (279 هـ) حيث يقول: (وَالْعَمَلُ على هذا عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ النَّصْرَانِيَّ إذا أَسْلَمَ وُضِعَتْ عنه جِزْيَةُ رَقَبَتِهِ)(1).
وابن المنذر (380 هـ) حيث يقول: (وأجمع أهل العلم على أن لا جزية على المسلمين)(2).
وابن حزم الظاهري (456 هـ) حيث يقول: (واتفقوا أن كل جزية ساقطة من المستأمن إذا أسلم، وان لم يكن كافرا فلا جزية عليه)(3).
وابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: (وأجمعوا أن الذمي إذا أسلم فلا جزية عليه فيما يستقبل)(4).
وابن رشد الحفيد (595 هـ) حيث يقول: (إنهم اتفقوا على أنها لا تجب إلا بعد الحول وأنه تسقط عنه إذا أسلم قبل انقضاء الحول)(5).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (6)، والمالكية (7)، والشافعية في قول (8)، والحنابلة (9).
• مستند الإجماع:
1 -
قول اللَّه تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38].
• وجه الدلالة: حيث دلَّت الآية الكريمة أن الكافر إذا أسلم يغفر له ما قد مضى من دمٍ أو مالٍ أو أي شيء (10).
2 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تصلح قبلتان في أرض واحدة، وليس على مسلم جزية"(11).
(1)"سنن الترمذي"(3/ 27).
(2)
"الإشراف"(4/ 46).
(3)
"مراتب الإجماع"(ص 203).
(4)
"التمهيد" لابن عبد البر (2/ 132).
(5)
"بداية المجتهد"(1/ 405).
(6)
انظر: "الهداية"(2/ 454)، و"البناية"(5/ 828).
(7)
انظر: "الذخيرة"(3/ 454)، و"الاستذكار"(9/ 311).
(8)
انظر: "البيان"(12/ 260).
(9)
انظر: "المغني"(13/ 221)، و"شرح الزركشي"(6/ 575).
(10)
انظر: "أحكام القرآن"(2/ 853).
(11)
أخرجه الترمذي في "جامعه"، أبواب الزكاة، باب ما جاء: ليس على المسلمين جزية (3/ 27، برقم =