الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة: أن العبد لا مال له، ولا نفس يملكها، فلم يشمله الخطاب، فلا يجب عليه الجهاد (1).
2 -
عن جابر قال: "جاء عبد، فبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الهجرة، ولم يشعر أنه عبد، فجاء سيده يريده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "بعنيه"، فاشتراه بعبدين أسودين، ثم لم يبايع أحدًا بعد حتى يسأله أعبد هو؟ "(2).
• وجه الدلالة: ظاهر الحديث تحريم بيعة العبد على الهجرة لتعلُّق حق سيده به، فكذلك البيعة على الجهاد؛ لأن البيعة على الجهاد تقتضي سفر العبد عن سيده، وفوات مصالح السيد.
3 -
عن الحارث بن عبد اللَّه بن أبي ربيعة "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، كان في بعض مغازيه، فمر بأناس من مزينة، فأتبعه عبد لامرأة منهم، فلما كان في بعض الطريق سلم عليه، فقال: "فلان؟ " قال: نعم قال: "ما شأنك؟ " قال: أجاهد معك قال: "أذنت لك سيدتك؟ " قال: لا، قال: "ارجع إليها فأخبرها، فإن مثلك مثل عبد لا يصلي إن مت قبل أن ترجع إليها، واقرأ عليها السلام" فرجع إليها فأخبرها الخبر، فقالت: آلله هو أمر أن تقرأ علي السلام؟ قال: نعم، قالت: ارجع فجاهد معه"(3).
4 -
ولأن الجهاد عبادة تتعلق بقطع مسافة، فلم تجب على العبد، كالحج (4).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق، حيث لم أجد من خالف في حكم هذه المسألة.
[17/ 17] لا يجب الجهاد على الصغير الذي لم يبلغ:
• المراد بالمسألة: بيان أنه لا يجب الجهاد على الصغير الذي لم يبلغ، لأن البلوغ شرط من شروط وجوبه بإجماع الفقهاء.
• وممن نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: (واتفقوا أن لا جهاد فرضا على امرأة، ولا على من لم يبلغ، ولا على مريض لا يستطيع، ولا على فقير لا يقدر على
(1)"مغني المحتاج"(4/ 217).
(2)
أخرجه مسلم، كتاب المساقاة الحيوان بالحيوان من جنسه متفاضلًا (5/ 55، برقم 4197).
(3)
أخرجه الحاكم في "مستدركه"(2/ 129) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، والبيهقي في "سننه الكبرى"(9/ 23).
(4)
"المغني" لابن قدامة (13/ 9).
زاد) (1).
ابن رشد (595 هـ) حيث يقول: (وأما على من يجب؟ فهم الرجال الأحرار البالغون الذين يجدون بما يغزون، الأصحاء إلا المرضى وإلا الزمنى، وذلك لا خلاف فيه)(2).
وابن القطان الفاسي (628 هـ) حيث يقول: (والجميع أجمعوا على أن النساء، والأصاغر، والعبيد غير داخلين في خطاب اللَّه تعالى بقوله: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41])(3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7).
• مستند الإجماع:
1 -
قول اللَّه تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ} [التوبة: 91]، فقد قيل: إن الضعفاء هم الصبيان لضعف أبدانهم (8).
2 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "عُرِضْتُ عَلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، وَأَنَا ابْنُ أرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَم يُجِزْني، وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ اَلْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عشْرَةَ سَنَةً، فَأَجَازَنِي"(9). وفي لفظ بزيادة: "عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق فلم يجزني ولم يرني بلغت"(10).
• وجه الدلالة: أن عدم إجازة النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر في الجهاد، وهو في سن الرابعة عشرة، وحينها لم يبلغ دليل على عدم وجوب الجهاد على غير البالغين.
3 -
أن البلوغ شرط من شروط التكليف بالأحكام الشرعية، ومنها الجهاد فغير البالغ لا يجب عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة -وذكر منهم- وعن الصبي حتى
(1)"مراتب الإجماع"(ص 201).
(2)
"بداية المجتهد"(1/ 381).
(3)
"الإقناع في مسائل الإجماع"(3/ 1016).
(4)
"بدائع الصنائع"(7/ 98).
(5)
"القوانين الفقهية"(ص 165).
(6)
"المهذب"(2/ 228).
(7)
"المغني"(13/ 8).
(8)
"مغني المحتاج"(4/ 286).
(9)
أخرجه البخاري، كتاب "الشهادات"، باب بلوغ الصبيان، وشهادتهم (2/ 948 برقم 2551).
(10)
أخرجه الدارقطني في "سننه"(4/ 115) وابن حبان في "صحيحه"(11/ 30)، وعبد الرزاق (5/ 311)، قال ابن حجر:(وهي زيادة صحيحة لا مطعن فيها)"فتح الباري"(5/ 279).