الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[136/ 7] لا جزية على المرتد:
• تعريف المرتد: المرتد: هو المكلف الذي يرجع عن الإسلام طوعًا إما بتصريح بالكفر، أو بلفظ يقتضيه، أو بفعل يتضمنه (1).
• المراد بالمسألة: أن المرتد عن الإسلام -والعياذ باللَّه- لا يمر على كفره بالجزية، بخلاف غيره من الكفار (2)، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: (وبرهان ذلك: إجماعكم معنا على أن المرتد لا يقر على ردته، بخلاف المشرك الكتابي الذي يقر على كفره إذا أدى الجزية صاغرًا وتذمم، وأنه لا يقبل من المرتد جزية أصلًا)، ثم حكى أن قومًا ادعوا الإجماع على عدم قبول الجزية من المرتد حيث يقول: "فإن ادعوا أن المرتد لا تقبل منه جزية، ولا تؤكل ذبيحته، ولا يسترق إجماعًا) (3).
والماوردي (450 هـ) حيث يقول: (أما المرتدون إذا كانوا في دار الإسلام ولم يلحقوا بدار الحرب فلا خلاف نعرفه في أنه لا يجوز سبيهم ولا استرقاقهم، تغليبًا لما تقدم من حرمة إسلامهم ولا يجوز أن تؤكل ذبائحهم، ولا ينكحوا تغليبًا لحكم شركهم، ولا تقبل جزيتهم، ولا يهادنوا)(4).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)، والحنابلة (8)، والظاهرية (9).
(1)"الفقه الإسلامي وأدلته"(7/ 502)، وانظر:"أنيس الفقهاء"(ص 186)، و"الكليات"(2/ 387).
(2)
وعلل السرخسي ذلك بقوله: (لأن قتل المرتد مستحق حدًّا، ولا يجوز ترك إقامة الحد ولا تأخيره بمال؛ ولأن المقصود من عقد الذمة مع أهل الحرب ليس هو المال، بل التزام الحربي أحكام الإسلام، فيما يرجع إلى المعاملات، وأحكام الإسلام لازمة على المرتد فلا يكون في إعطاء "الأمان" ان له غرض سوى إظهار الرغبة في المال وذلك لا يجوز) شرح كتاب "السير الكبير"(5/ 2016).
(3)
"المحلى"(11/ 138).
(4)
"الحاوي الكبير"(13/ 160).
(5)
انظر: "الاختيار لتعليل المختار"(4/ 155)، و"شرح السير الكبير"(5/ 2016)، و"المبسوط"(10/ 117).
(6)
انظر: "الذخيرة"(3/ 452)"جواهر الإكليل"(2/ 278)، و"مواهب الجليل"(8/ 371).
(7)
انظر: "البيان"(12/ 62)، و"الحاوي الكبير"(13/ 443).
(8)
انظر: "المغني"(12/ 277)، و"كشاف القناع"(6/ 183).
(9)
انظر: "المحلى"(7/ 346).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [الفتح: 16].
• وجه الدلالة: حيث ذهب بعض أهل العلم أن المراد بهم أهل الردة من بني حنيفة وغيرهم الذين قاتلهم أبو بكر الصديق، فقد جعل اللَّه حكمهم القتل أو الإسلام ولم يذكر الجزية. فدل أن الجزية لا تقبل من المرتد (1).
2 -
وعن عكرمة قال: أتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس فقال لو كنت أنا لم أحرقهم، لنهي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "لا تعذبوا بعذاب اللَّه"، ولقتلتهم لقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"من بدل دينه فاقتلوه"(2).
• وجه الدلالة: حيث دلَّ الحديث أن حكم المرتد هو القتل، فلا يقر بالجزية، ولا يقبل منه سوى الإسلام أو السيف.
3 -
ولأن قبول الجزية موضوع للإقرار على الكفر، والمرتد لا يقر على كفره (3).
• الخلاف في المسألة: أشار ابن حزم أن من السلف من قال بأخذ الجزية من المرتدين، حيث قال:(فَقَدْ صَحَّ عن بَعْضِ السَّلَفِ أَخْذُ الْجِزْيَةِ منهم)(4).
والذي وقفت عليه من أقوال السلف في المسألة قول عمر بن عبد العزيز: وهو التفريق بين المرتد الذي عرف شرائع الإسلام ثم ارتد بعد ذلك: فهذا لا يقر ويقتل على ردته، وبين المرتد الذي لم يعرف شرائع الإسلام وهذا يُقر ولكن تُغلَّظ عليه الجزية.
فقد كتب عروة إلى عمر بن عبد العزيز في رجل أسلم ثم ارتد، فكتب إليه عمر: أن سله عن شرائع الإسلام، فإن كان قد عرفها فاعرض عليه الإسلام، فإن أبي فاضرب عنقه، وإن كان لم يعرفها فغلظ الجزية ودعه (5).
(1) انظر: "جامع البيان"(22/ 220)، و"تفسير البغوي"(7/ 303)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (4/ 135).
(2)
أخرجه البخاري، كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم (2/ 2537، برقم 6524).
(3)
"الحاوي الكبير"(13/ 160).
(4)
"المحلى"(11/ 138).
(5)
"مصنف عبد الرزاق"(10/ 171)، و"المحلى"(11/ 138)، وقال ابن حزم: وقد روي نحو هذا عن عمر ابن الخطاب.