الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• القول الثاني: أنه ليس بشرط، لكن يكره. وهو مذهب الشافعية وبعض المالكية (1).
• القول الثالث: تجوز المبارزة بلا إذن ما لم ينه الإمام. وهو مذهب الحنفية (2).
1 -
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على جواز المبارزة في الجملة، وكون الحسن كرهها لأنه لم يعرفها لا يخرم الإجماع من وجهين:
1 -
أنه لم يعرفها، وغيره قد عرفها، والذي يعلم حجة على الذي لا يعلم.
ب- أن إجماع الصحابة منعقد قبل خلاف الحسن، قال ابن المنذر:(ولم يزل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يبارزون في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، ولم ينكر ذلك منكر، فكان ذلك إجماعًا)(3).
2 -
أن الإجماع غير متحقق على اشتراط إذن الإمام في المبارزة، لوجود الخلاف المعتبر، واللَّه أعلم.
[54/ 33] عدم جواز تأخير الصلاة لأجل القتال:
• المراد بالمسألة: بيان أنه إذا دارت رحى المعركة، واستمر القتال، ثم حضر وقت الصلاة، فإن للمقاتلين أن يستمروا في القتال، ولا يلزمهم ترك القتال لأجل الصلاة، بل يجب أن يصلوا حسب حالهم، ولا يؤخرون الصلاة عن وقتها. وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن قدامة (620 هـ) حيث يقول -في معرض إيضاحه أن الحركة الكثيرة في صلاة الخوف معفوٌّ عنها: (ولأنه لا يخلو عند الحاجة إلى العمل الكثير من أجل ثلاثة أمور: إما تأخير الصلاة عن وقتها ولا خلاف بيننا في تحريمه، أو ترك القتال وفيه هلاكه، وقد قال اللَّه تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]. وأجمع المسلمون على أنه لا يلزمه هذا، أو متابعة العمل للمتنازع فيه وهو جائز بالإجماع، فتعين فعله وصحة الصلاة معه)(4).
(1) انظر: "أسنى المطالب"(4/ 192)، و"منح الجليل"(3/ 167).
(2)
انظر: "شرح السير الكبير"(1/ 173).
(3)
"الإشراف"(4/ 17).
(4)
"المغني"(3/ 317).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: المالكية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3)، والظاهرية (4).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195].
• وجه الدلالة: أن في ترك القتال -والقتال قائم مع الأعداء تعريض- للنفس للهلاك، وعليه فإن المسلم يصلي حسب حاله ولو إيماءً، ولا يخرج الصلاة عن وقتها، وهو مع ذلك متحفز للقتال.
2 -
ما رواه عبد اللَّه بن أنيس رضي الله عنه قال: "بعثني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن سفيان الهذلي، وكان نحو عرنة وعرفات، فقال: "اذهب فاقتله"، قال: فرأيته وحضرَتْ صلاة العصر، فقلت: إني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما إن أؤخر الصلاة، فانطلقت أمشي وأنا أصلي أومئ إيماء نحوه، فلما دنوت منه قال: من أنت؟ قلت: رجل من العرب بلغني أنك تجمع لهذا الرجل فجئتك في ذاك، قال: إني لفي ذاك، فمشيت معه ساعة حتى إذا أمكنني علوته بسيفي حتى برد"(5)(6).
• وجه الدلالة: حيث أقر النبي صلى الله عليه وسلم عبد اللَّه بن أنيس حين صلى صلاة الخوف وهو طالب للعدو، ولم يؤخر الصلاة، ولم يأمره بترك الطلب والتشاغل بالصلاة.
3 -
ولأنه مكلف تصح طهارته فلم يجز له إخلاء وقت الصلاة عن فعلها، كالمريض (7).
• الخلاف في المسألة: خالف بعض الفقهاء فقالوا: يجوز تأخير الصلاة عن وقتها في حالة التحام القتال، والاشتغال بالضرب والطعن والكر والفر، حتى ينكشف القتال.
قال بهذا الحنفية (8) وبعض المالكية (9) وهو قول عند الشافعية (10) رواية عند
(1) انظر: "كفاية الطالب الرباني"(1/ 488)
(2)
انظر: المجموع (4/ 433).
(3)
انظر: "المغني"(3/ 317).
(4)
انظر: "المحلى"(3/ 235).
(5)
أي: حتى مات، انظر:"لسان العرب"(3/ 85)، مادة (برد).
(6)
أخرجه أبو داود في "سننه"، كتاب "الصلاة"، باب صلاة الطالب (2/ 18 برقم 1249)، وحسن إسناده الحافظ في "فتح الباري"(2/ 556).
(7)
"المغني"(3/ 317).
(8)
انظر: "الاختيار"(1/ 89)، و"بدائع الصنائع"(1/ 559).
(9)
انظر: "عارضة الأحوذي"(3/ 38)، و"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 352).
(10)
انظر: "الحاوي الكبير"(2/ 472)، و"مغنى المحتاج"(1/ 579).