الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشافعية (1)، والحنابلة (2).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، وقوله تعالى:{فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: 4] وقوله تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} [التوبة: 7].
• وجه الدلالة: حيث جاءت ألفاظ الأمر بالوفاء بالهدنة والمعاهدة بصيغة الجمع (أوفوا، فاتموا، استقاموا)، مع أن عقد الهدنة قد يتم من رجلين يمثلان كلا الطرفين، فدلَّ ذلك على دخول من تحت أيديهم من الرعية في الوفاء ببنود هذه الهدنة.
2 -
يمكن أن يقال: أن الإمام والرئيس باعتباره ممثلًا للجماعة التي يرأسها، ومعبرًا عن إرادتها، وناظرًا لمصلحتها فإن ما يعقده من مهادنات يسري حكمها على من تحت يده من الرعية.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق، لعدم وجود المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[175/ 3] الإمام هو من يعقد الهدنة مع أهل الحرب:
المراد بالمسألة: أن عقد الهدنة من اختصاص الإمام أو من يقيمه الإمام مقامه، فإن تولى أحد الأفراد عقد الهدنة بدون تفويض من الإمام بطل العقد، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن قدامة المقدسي (620 هـ) حيث يقول: (ولا يصح عقد الذمة والهدنة إلا من الإمام أو نائبه، وبهذا قال الشافعي ولا نعلم فيه خلافًا)(3).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: جمهور الفقهاء من الحنفية (4)، المالكية (5)، والشافعية (6) والحنابلة (7).
• مستند الإجماع: أن عقد الهدنة متعلق بمصلحة عامة بالمسلمين والتي لا يقررها
(1) انظر: "روضة الطالبين"(10/ 373).
(2)
انظر: "المغني"(13/ 157).
(3)
"المغني"(13/ 213).
(4)
انظر: "فتح القدير"(5/ 204)، و"تحفة الفقهاء"(3/ 507).
(5)
انظر: "الكافي" لابن عبد البر (1/ 469)، و"القوانين الفقهية"(ص 175).
(6)
انظر: "مغني المحتاج"(4/ 260)، و"نهاية المحتاج"(8/ 106).
(7)
انظر: "المحرر"(2/ 182)، و"المبدع"(3/ 398)، و"كشاف القناع"(3/ 103).
إلا الإمام (1).
لو جاز أن يعقد الهدنة آحاد الرعية، لكان ذلك افتياتًا على الإمام وتعديًا على سلطانه، وقد يؤدي إلى تعطُّل الجهاد فلا يؤمن أن يهادن الرجل أهل إقليم والمصلحة في قتالهم (2).
• الخلاف في المسألة: يرى بعض الحنفية (3)، وسحنون من المالكية (وقيده في حال الضرورة) (4): أنه لا يقتصر حق إبرام عقد الهدنة على الإمام أو من ينيبه، فيجوز عندهم أن يعقد الموادعة فريق من المسلمين من غير إذن الإمام إن كانت هناك مصلحة للمسلمين. وللإمام أن ينهي الهدنة عند عدم تحقق المصلحة.
• وحجتهم أنهم قالوا: أن المعوَّل عليه وجود المصلحة، وقد وجدت، فجاز ذلك. أن الموادعة أمان، وأمان الواحد كأمان الجماعة (5).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق، وما ذكر من خلاف بعض الأحناف وسحنون من المالكية لا يقدح في ثبوت الإجماع وصحته لما يأتي:
1 -
ما ذكر من خلاف بعض الأحناف، فالذي يظهر من مذهبهم أنه لو وقع مثل هذه الهدنة فعقد واحد من الرعية بدون إذن الإمام فإنها تصح على أنها أمان، ثم ينظر فيها الإمام فإن رأى فيها مصلحة أمضاها فتقع هدنة وإلا أبطلها، وعندئِذٍ ينتفي الضرر.
يقول محمد بن الحسن الشيباني (198 هـ): (ولو أن مسلمًا وادع أهل الحرب سنة على ألف دينار جازت موادعته، ولم يحل للمسلمين أن يغزوهم، وإن قتلوا واحدًا منهم غرموا ديته؛ لأن أمان الواحد من المسلمين بمنزلة أمان جماعتهم. وإن لم يعلم الإمام بذلك حتى مضت سنة أمضى موادعته وأخذ المال فجعله في بيت المال؛ لأن منفعة المسلمين متعينة في إمضاء الموادعة بعد مضي المدة. . . وإن علم بموادعته قبل مضي السنة، فإنه ينظر في ذلك فإن كانت المصلحة في إمضاء تلك الموادعة أمضاها وأخذ المال فجعله في بيت المال؛ لأن له أن ينشئ الموادعة بهذه الصفة إذا رأى المصلحة فيها، فلأن يمضيها كان أولى. وإن رأى المصلحة في إبطالها رد المال إليهم
(1) انظر: "التاج والإكليل"(3/ 386).
(2)
انظر: "تكملة المجموع"(19/ 439).
(3)
انظر: "بدائع الصنائع"(9/ 4324)، و"الفتاوى الهندية"(2/ 196).
(4)
انظر: "الشرح الكبير" للدردير (2/ 205).
(5)
انظر: "شرح السير الكبير"(2/ 576).