الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بنسب بعض، من غير إنكار، أو تكذيب، فإن نسبهم يثبت بذلك الإقرار، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: (وجملته أن أهل الحرب إذا دخلوا إلينا مسلمين، أو غير مسلمين، فأقر بعضهم بنسب بعض، ثبت نسبهم كما يثبت نسب أهل دار الإسلام من المسلمين وأهل الذمة بإقرارهم، . . . ولا نعلم في هذا خلافًا)(1).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5).
• مستند الإجماع:
1 -
لأنه إقرار لا ضرر على أحد فيه، فقبل، كإقرارهم بالحقوق المالية.
2 -
ولأن الإقرار بالنسب أحد أسباب ثبوته، والشارع يتشوَّف للحوق بالنسب، والكافر كالمسلم في سبب النسب.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على أن نسب الحربي يثبت بالإقرار عليه، لعدم المخالف في ذلك، واللَّه تعالى أعلم.
[190/ 12] صحة ما اقتسمه أهل الحرب:
• المراد بالمسألة: بيان أن ما حصل من قسمة بين أهل الحرب في دارهم، من مواريث، أو نصيب في شركة من عقابى أو غيره، ثم دخلوا دار الإسلام، وهم مسلمون، أو مستأمنون، أو بعقد ذمة، فإنا نقر تلك القسمة على ما هي عليه، ولا نتعرَّض لها بتغيير، أو رد، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن حزم الظاهري (456 هـ) حيث يقول: (واتفقوا أن ما اقتسمه الحربيون قبل أن يسلموا، فإنه لا يرد)(6).
(1)"المغني"(14/ 331).
(2)
انظر: "شرح السير الكبير"(5/ 1748)، و"بدائع الصنائع"(7/ 133).
(3)
انظر: "الذخيرة"(6/ 309).
(4)
انظر: "المهذب"(1/ 436).
(5)
انظر: "المغني"(14/ 331).
(6)
"مراتب الإجماع"(ص 188).
وابن تيمية (728 هـ) حيث يقول بعد أن أورد حديث: "كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ: فِي الجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ": (وهذا أيضًا يوافق ما دل عليه كتاب اللَّه، ولا نعلم فيه خلافًا؛ فإن الحربي لو عقد عقدًا فاسدًا من ربا، أو بيع خمر، أو خنزير، أو نحو ذلك، ثم اسلم بعد قبض العوض، لم يحرم ما بيده، ولم يجب عليه رده)(1).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5).
• مستند الإجماع:
1 -
عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ، وَكُلُّ قَسْمٍ أَدْرَكَهُ الإِسْلَامُ فَإِنَّهُ عَلَى قَسْمِ الِإسْلَامِ"(6).
2 -
وعن عبد اللَّه بن عمر أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ما كان من ميراث قسم في الجاهلية فهو على قسمة الجاهليَّة، وما كان من ميراث أدركه الإسلام، فهو على قسمة الإسلام"(7).
قال الخطابي: (فيه بيان أن أحكام الأموال والأسباب والأنكحة التي كانت في الجاهلية ماضية على ما وقع الحكم منهم فيها في أيام الجاهلية، لا يرد منها شيء في الإسلام، وأن ما حدث من هذه الأحكام في الإسلام، فإنه يستأنف فيه حكم الإسلام)(8).
3 -
وعن ابن أبي نجيح قال: "لما قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مكة، نظر إلى تلك الرباع، فما أدرك منها قد اقتسم على أمر الجاهلية تركه لم يحركه، وما وجده لم يقسم، قسمه على قسمة الإسلام"(9).
4 -
وأن هذا ما كان عليه عمل الصحابة حيث كانوا يجرون قسم الجاهلية على ما
(1)"الصارم المسلول على شاتم الرسول"(2/ 310).
(2)
انظر: "شرح مشكل الآثار"(8/ 254).
(3)
انظر: "التمهيد"(2/ 49).
(4)
انظر: "الأم"(5/ 50).
(5)
انظر: "المغني"(9/ 161).
(6)
أخرجه أبو داود في "سننه"(3/ 126، برقم 2914)، وابن ماجه في "سننه"(2/ 831، رقم 2485)، وقال الألباني:(صحيح). انظر حديث رقم (4543) في "صحيح الجامع".
(7)
أخرجه ابن ماجه في "سننه"(2/ 918، رقم 2749)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل"، رقم (1717).
(8)
"عون المعبود"(8/ 90).
(9)
عزاه شيخ الإسلام إلى ابن إسحاق، كما في "الصارم المسلول على شاتم الرسول"(2/ 310).