الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة: حيث يستلزم الحديث ألا يمتنع المسلمون عن الجهاد في حالة وجود السلطان المتولي عن طريق الغلبة والقهر، وإلا لتعطَّل أن يكون الجهاد ماضيًا إلى يوم القيامة، وتعطيل النص الشرعي لا يجوز.
3 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الجهاد واجب مع كل أمير برًّا كان أو فاجرًا"(1).
• وجه الدلالة: أن عبارة (كل أمير) جاءت عامة غير مخصصة بكون الأمير تولَّى بطريق البيعة (2)، أو الاستخلاف (3)، أو الغلبة والقهر، فمن خصه بشيء فعليه بالدليل.
النتيجة:
صحة الإجماع على مشروعية الجهاد مع السلطان المتغلب، وخلاف من خالف من طوائف أهل الضلال لا عبرة به ولا يخرم ما استقر عليه إجماع أهل السنة والجماعة، واللَّه تعالى أعلم.
[12/ 12] الجهاد مع القائد البر أو الفاجر
(4):
• المراد بالمسألة: بيان أن الجهاد مشروع مع كل إمام برًّا كان أم فاجرًا. وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• وممن نقل الإجماع: إسماعيل المزني (264 هـ) حيث يقول: (والجهاد مع كل إمام عدل، أو جائر، والحج. . هذه مقالات، وأفعال اجتمع عليه الماضون الأولون من
(1) أخرجه أبو داود في "السنن"، كتاب "الجهاد"، باب في الغزو مع أئمة الجور (3/ 18، برقم 2533)، وقال المنذري عن إسناده:(منقطع، مكحول لم يسمع من أبي هريرة)، وضعفه الألباني في "تخريج مشكاة المصابيح"(1/ 284).
(2)
والمراد بالبيعة بيعة أهل الحلّ والعقد، قال ابن خلدون:(اعلم أن البيعة هي العهد على الطاعة، كأن المبايع يعاهد أميره على أنه يسلم له النظر في أمر نفسه، وأمور المسلمين، لا ينازعه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره. وكانوا إذا بايعوا الأمير وعقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده تأكيدًا للعهد، فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري، فسمي بيعة، مصدر باع، وصارت البيعة مصافحة بالأيدي. هذا مدلولها في عرف اللغة ومعهود الشرع). "المقدمة"(ص 209).
(3)
الاستخلاف ويقال: (ولاية العهد)، وهي: أن يعهد الإمام إلى شخص بعينه، أو بواسطة تحديد صفات معينة فيه، ليخلفه بعد وفاته، سواء أكان قريبًا أم غير قريب. انظر:"الفقه الإسلامي وأدلته" للزحيلي (6/ 680).
(4)
الفاجر هو: المنبعث في المعاصي، والمحارم. انظر:"النهاية في غريب الحديث"(3/ 371).
أئمة الهدى) (1).
وابن بطة العكبري (387 هـ) حيث يقول: (وقد أجمعت العلماء من أهل الفقه، والعلم، والنساك، والعباد، والزهاد من أول هذه الأمة إلى وقتنا هذا: أن صلاة الجمعة، والعيدين، ومنى، وعرفات، والغزو، والحج، والهدي مع كل أمير برًّ، أو فاجر)(2).
وشيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ) حيث قال بعد أن أورد النصوص في هذه المسألة: (إلى غير ذلك من النصوص التي اتفق أهل السنة والجماعة من جميع الطوائف على العمل بها في جهاد من يستحق الجهاد مع الأمراء أبرارهم وفجارهم؛ بخلاف الرافضة (3) والخوارج الخارجين عن السنة والجماعة) (4).
والمرداوي (885 هـ) حيث يقول: (ويغزو مع كل برٍّ وفاجرٍ بلا نزاع)(5).
وابن قاسم (1393 هـ) حيث يقول: (ويجب النفير مع كل أمير برًّا كان، أو فاجرًا بلا نزاع، بشرط أن يحفظ المسلمين)(6).
• الموافقون للإجماع: اتفقت مذاهب أهل السنة والجماعة من الحنفية (7)، والمالكية (8)، والشافعية (9)، والحنابلة (10)، والظاهرية (11) على مشروعية الجهاد مع كل إمام برًا كان أم فاجرًا.
• مستند الإجماع:
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الجهاد واجب مع كل أمير برًّا كان، أو فاجرًا"(12).
(1)"شرح السنة" للمزني (ص 87).
(2)
"الشرح والإبانة" لابن بطة (ص 278).
(3)
الرافضة: من أكبر طوائف الشيعة، وهم أرباب انحراف في الصفات، وشرك في توحيد العبادة، وغلو في الأئمة، وتضليل للصحابة رضي الله عنهم، وزعموا أن الإمامة أهم منازل الدين. انظر:"الملل والنحل" للشهرستاني (1/ 162).
(4)
"مجموع فتاوى شيخ الإسلام"(28/ 506).
(5)
"الإنصاف"(10/ 19).
(6)
"حاشية الروض المربع"(4/ 258).
(7)
"المبسوط"(1/ 40).
(8)
"مواهب الجليل"(4/ 537).
(9)
"تكملة المجموع"(19/ 279).
(10)
"المبدع"(3/ 307).
(11)
"المحلى بالآثار"(7/ 299).
(12)
سبق تخريجه.
• وجه الدلالة: حيث دلَّ الحديث صراحةً على مشروعية الجهاد ولو كان الإمام فاجرًا.
2 -
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من أصل الإيمان: الكف عمن قال: لا إله إلا اللَّه لا يكفره بذنب ولا يخرجه من الإسلام بعمل، والجهاد ماض منذ بعثني اللَّه عز وجل إلى أن يقاتل آخر أمتى الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار"(1).
3 -
وعن عروة البارقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر والمغنم"(2).
استدل الإمام البخاري وسبقه الإمام أحمد بهذا الحديث على أن الجهاد ماض مع الإمام البر والفاجر، ووجه ذلك (لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر بقاء الخير في نواصي الخيل إلى يوم القيامة، وفسره (بالأجر والمغنم)، المغنم المقترن بالأجر إنما يكون من الخيل بالجهاد، ولم يقيد ذلك بما إذا كان الإمام عادلًا، فدل على أن لا فرق في حصول هذا الفضل بين أن يكون الغزو مع الإمام العادل، أو الجائر) (3).
4 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه من حديث طويل، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن اللَّه ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر"(4).
5 -
ولأن ترك الجهاد مع القائد الفاجر يؤدي إلى ترك الجهاد فيظهر الكفار على المسلمين، وفي هذا ضرر عظيم على الإسلام والمسلمين، فيخرج مع القائد الفاجر ارتكابًا لأخف الضررين (5).
وقد حكى الإمام عبد الملك بن حبيب مفاسد ترك الغزو مع أئمة الجور فقال:
(1) أخرجه أبو داود في "السنن"، كتاب "الجهاد"، باب في الغزو مع أئمة الجور (3/ 18، برقم 2532) والبيهقى في "السنن الكبرى"(9/ 156)، وفي إسناده يزيد بن أبي نشبة قال المنذري:(في معنى المجهول)، وضعفه الألباني في "مشكاة المصابيح"(1/ 13).
(2)
أخرجه البخاري، كتاب "الجهاد والسير"، باب الجهاد ماض مع البر والفاجر (3/ 1048، برقم 2697).
(3)
"فتح الباري"(6/ 56).
(4)
أخرجه البخاري، كتاب "الجهاد"، باب: إن اللَّه يؤيد الدين بالرجل الفاجر، (3/ 1114، رقم 2897).
(5)
انظر: "مجموع الفتاوى"(28/ 306).