الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا تسقط عنه الجزية.
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق على أن الجزية غير واجبة على أهل الصوامع غير المخالطين، لوجود الخلاف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
وأما إذا كانوا من المخالطين، أو ممن لهم أعمال وتجارات، فإنهم كسائر أهل الكتاب، تؤخذ عليهم الجزية بالإجماع، كما أوضحنا ذلك في مسألة:(أخذ الجزية من أهل الكتاب).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (من له تجارة منهم أو زراعة وهو مخالطهم أو معاونهم على دينهم، كمن يدعو إليه من راهب وغيره، تلزمه الجزية، وحكمه حكمهم، بلا نزاع)(1).
[144/ 15] لا تجب الجزية على الزمنى وأصحاب العاهات:
• تعريف الزمنى، وأصحاب العاهات: الزمنى: جمع زَمِنٍ، يقال: رجل زَمِنٌ أَي مُبْتَلًى بَيِّنُ الزَّمانة، والزَّمانة العاهة (2).
أصحاب العاهات: جمع عاهة وهي الآفة التي تصيب الإنسان وغيره وتلازمه (3).
والمراد بهم: أصحاب الأمراض والآفات المزمنة، التي لا يُرجى برؤها كالشلل، والعمى ونحوها.
• المراد بالمسألة: بيان أن من شروط وجوب الجزية على الذمي أن يكون صحيحًا سالمًا من العاهات المزمنة، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: نقل الإجماع على ذلك: ابن حزم (456 هـ)، وابن هبيرة (560 هـ) في الضرير.
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (4)، والشافعية في قول (5)،
(1)"الفتاوى الكبرى"(4/ 651).
(2)
انظر: "طلبة الطلبة"(1/ 103)، و"لسان العرب"(13/ 199)، مادة (زمن).
(3)
انظر: "النهاية"(3/ 610)، مادة (عوه).
(4)
انظر: "فتح القدير"(5/ 293)، و"الاختيار"(4/ 138).
(5)
انظر: "البيان"(12/ 269)، و"مغني المحتاج"(4/ 326).
والحنابلة (1).
• مستند الإجماع:
1 -
عموم قول اللَّه -تعالى-: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} إلى قوله: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29].
• وجه الدلالة: حيث دلَّت الآية الكريمة أن الجزية تؤخذ ممن كان منهم من أهل القتال، ولذلك لا تؤخذ الجزية ممن لم يكن من أهل القتال: كالأعمى والزمن والمشلول، سواء أكان موسرا، أم غير موسر، كالنساء والصبيان.
2 -
ولأن الجزية تؤخذ ممن أبيح قتله من الحربيين، وهؤلاء لا يقتلون.
• الخلاف في المسألة: وفي المسألة قولان آخران:
• القول الأول: ذهب المالكية (2)، وأبو يوسف من الحنفية (3) إلى أن الجزية تؤخذ من الزمنى والعميان وأصحاب العاهات إذا كان لهم مال.
• واحتجوا بما يأتي:
1 -
بأن هؤلاء المصابين بالعاهات المزمنة أهل للقتال إذ إنهم يقتلون إذا كانوا ذوي رأي في الحرب والقتال، فتجب عليهم الجزية، كما تجب على غيرهم.
2 -
ولأن الجزية تجب على الفقير المعتمل، ووجود المال عند هؤلاء المصابين أكثر من القدرة على العمل، فتجب عليهم الجزية إذا كانوا موسرين، ولا تجب عليهم إذا كانوا معسرين.
3 -
أن هذا ما كان عليه عمل الصحابة رضي الله عنهم فقد جاء في كتاب الصلح بين خالد بن الوليد رضي الله عنه وأهل الحيرة: (وجعلت لهم أيُّما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيًّا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه طرحت جزيته، وعيل من بيت مال المسلمين وعياله ما أقام بدار الهجرة ودار الإسلام. .)(4).
• القول الثاني: وذهب أبو ثور والمذهب عند الشافعية إلى أن الجزية تؤخذ من
(1) انظر: "المغني"(13/ 219)"كشاف القناع"(3/ 120).
(2)
انظر: "جواهر الإكليل"(1/ 267)، و"الشرح الكبير"(2/ 201).
(3)
انظر: "الخراج" لأبي يوسف (ص 123)، و"الهداية"(2/ 160).
(4)
أخرجه أبو يوسف في "كتاب الخراج"(ص 144).