الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعله نكاية بالعدو، وهذا القول مقابل الأظهر عند المالكية (1).
وحجتهم: عموم قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195].
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق على جواز اقتحام المهالك في الحرب إذا كان فيه نكاية للعدو أو مصلحة للمسلمين، لوجود الخلاف المعتبر بين أهل العلم. وإن لم يتحقق الإجماع فهو قول جماهير أهل العلم والراجح فيما يظهر -واللَّه أعلم- بالشروط التالية:
1 -
الإخلاص للَّه تعالى: بحيث يقصد المجاهد بعمله نصرة دين اللَّه، وإعلاء كلمته.
2 -
قصد النكاية بالعدو.
3 -
ألَّا يترتب على هذا العمل مفسدة أكبر من مصلحته.
4 -
اشتراط الإذن العام من الأمير للقيام بهذه الأعمال (2).
[52/ 31] تحريم المبارزة لطلب السمعة:
• تعريف المبارزة: المبارز لغة: مشتقة من برز الرجل يبرز بروزًا: خرج. وأبرزه غيره. والبِرازُ: المبارزة في الحرب (3).
• والمبارزة هي: أن يبرز رجل بين الصفين قبل التحام الحرب يدعو للقتال، فيخرج له من العدو من يقابله، فأيهما غلب سر أصحابه وقواهم وكسر قلوب أعدائه (4).
• تعريف السمعة: السمعة لغة: مشتقة من الإسماع والمراد بها: الذكر. يقال: فعله رياء وسمعة، أي: ليراه الناس ويسمعوه فيحصل على الصيت والذكر (5).
• المراد بالمسألة: بيان أن من الأمور المحرمة والتي تبطل الأعمال أن يكون باعث المجاهد بجهاده وقتاله وبرازه لأعداء اللَّه السمعة والرياء، ومن صور السمعة في
(1) انظر: "حاشية الدسوقي"(2/ 178).
(2)
انظر: "الأعمال الفدائية صورها وأحكامها الفقهية"(ص 145).
(3)
انظر: "الصحاح"(3/ 864)، و"لسان العرب"(5/ 309)، مادة (برز).
(4)
"المغني"(13/ 40).
(5)
انظر: "لسان العرب"(2/ 203)، مادة (سمع)، و"النهاية"(2/ 998)، و"فتح الباري"(11/ 336).
المبارزة:
1 -
أن يذكر للناس ما خاضه من براز ومقارعة للأعداء فيما مضى، ليمدحوه أو يعظم في نفوسهم.
2 -
أن يبادر إلى البراز لقصد أن يمدحه الناس، فيقال: شجاع وجريء. وقد نُقل إجماع العلماء على تحريم ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن جزي الغرناطي (741 هـ) حيث يقول: (لا تجوز المبارزة للسمعة إجماعًا)(1).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك جميع الفقهاء من: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5).
• مستند الإجماع:
1 -
قول اللَّه تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110].
• معنى الآية: من كان يرجو ثواب اللَّه فلا يعبد معه غيره، ولا يعمل عملًا فيه رياء وسمعة، ولا يكتسب الدنيا بعمل الآخرة (6).
2 -
وعن جندب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّه بِهِ وَمَنْ يُرَائي يُرَائِي اللَّه بِهِ"(7)، وعن عبد اللَّه بن عمرو، ويحدث ابن عمر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"من سمع الناس بعمله سمع اللَّه به سامع خلقه وحقره وصغره" قال فذرفت عينا ابن عمر (8).
• وجه الدلالة: في الحديثين وعيد شديد لمن أراد بعمله الصالح السمعة والرياء بأن اللَّهَ يُسَمّع به ويُظْهر إلى الناس غَرَضه وأن عَمَله لم يكُن خالصًا، فتحصل له الفضيحة والخزي -عياذًا باللَّه تعالى.
1 -
وعن أبي هريرة، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول الناس يقضى يوم
(1)"القوانين الفقهية"(ص 99).
(2)
انظر: "حجة اللَّه البالغة"(1/ 597).
(3)
انظر: "شرح الزرقاني"(3/ 46)، و"حاشية العدوي"(1/ 256).
(4)
انظر: "شرح صحيح مسلم"(13/ 50)، و"فتح الباري"(2/ 504)
(5)
انظر: "غذاء الألباب"(2/ 704).
(6)
انظر: "شرح السنة"(14/ 322).
(7)
أخرجه البخاري، كتاب "الرقاق"، باب الرياء والسمعة (5/ 2383، برقم 6134).
(8)
أخرجه أحمد في "مسنده"(2/ 195، برقم 6839).