الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مثل الخيل والسلاح ونحوها (1).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على أن جميع أموال أهل الحرب المنقولة مغنومة، إلا ما استثناه الشرع كالأسلاب ونحوها، لعدم المخالف المعتبر، واللَّه أعلم.
[76/ 6] المال المغنوم إذا كان ملكًا لأحد من المسلمين قبل ذلك: فإنه يرد إلى صاحبه إذا عرف:
• المراد بالمسألة: إذا غلب الكفار على شيء من أموال المسلمين، ثم غنمه المسلمون في جملة أموال الكفار، فإن عُلِم صاحبُهُ قبل القسمة رد له بلا شيء، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن قدامة المقدسي (620 هـ) حيث يقول: (إذا أخذ الكفار أموال المسلمين، ثم قهرهم المسلمون، فأخذوها منهم، فإن علم صاحبها قبل قسمها ردت إليه بغير شيء في قول عامة أهل العلم)(2).
وشيخ الإِسلام ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: (وإذا كان المغنوم مالًا قد كان للمسلمين قبل ذلك من عقار، أو منقول وعرف صاحبه قبل القسمة، فإنه يرد إليه بإجماع المسلمين)(3).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7)، والظاهرية (8).
• مستند الإجماع:
1 -
قول اللَّه تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} .
(1) انظر: "المغني"(13/ 50)، و"نهاية المحتاج"(8/ 68).
(2)
"المغني"(13/ 117).
(3)
"مجموع الفتاوى"(28/ 273).
(4)
انظر: "تحفة الفقهاء"(3/ 304)، و"الهداية"(2/ 443)، و"مختصر اختلاف العلماء" للجصاص (3/ 466).
(5)
انظر: "المدونة"(1/ 375)، و"المعونة"(1/ 608)، و"عقد الجواهر الثمينة"(1/ 474).
(6)
انظر: "الأم"(4/ 276)، و"روضة الطالبين"(10/ 293)، و" الحاوي الكبير"(18/ 249).
(7)
انظر: "المغني"(13/ 117)، و"المبدع"(3/ 354)، و"شرح الزركشي"(6/ 508).
(8)
انظر: "المحلى"(7/ 300).
• وجه الدلالة: حيث دلت الآية الكريمة أن كل مال أخذ من مالكه على غير وجه الشرع، فإنه باطل ويجب أن يرد إلى صاحبه، ولا فرق بين أخذ الكفار له أو المسلمين.
2 -
وعن عمران بن حصين قال: أسرت امرأة من الأنصار، وأصيبت العضباء، فكانت المرأة في الوثاق، وكان القوم يريحون نعمهم بين يدي بيوتهم، فانفلتت ذات ليلة من الوثاق، فأتت الإبل، فجعلت إذا دنت من البعير رغا فتتركه، حتى تنتهي إلى العضباء، فلم ترغ -قال: وهي ناقة منوقة- (1) فقعدت في عجزها، ثم زجرتها، فانطلقت، ونذروا بها فطلبوها، فأعجزتهم، قال: ونذرت للَّه: إن نجاها اللَّه عليها لتنحرنها، فلما قدمت المدينة رآها الناس، فقالوا: العضباء: ناقة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالت: إنها نذرت إن نجاها اللَّه عليها لتنحرنها، فأتوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فقال:"سبحان اللَّه! بئس ما جزتها! نذرت للَّه إن نجاها اللَّه عليها لتنحرنها؟ ! ، لا وفاء لنذر في معصية، ولا فيما لا يملك"(2).
• وجه الدلالة: في هذا دليل على أن أهل الحرب لا يملكون علينا بالغلبة، ولو ملكوها لكانت المرأة قد ملكتها كسائر أموالهم، وكان يصح نذرها (3).
3 -
وعن ابن عمر قال: "ذهب فرس له، فأخذه العدو، فظهر عليهم المسلمون، فرد عليه في زمان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأبق عبد له، فلحق بالروم، فظهر عليه المسلمون، فرده عليه خالد بن الوليد بعد النبي صلى الله عليه وسلم"(4).
4 -
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "ما أصاب المشركون من مال المسلمين،
(1) منوَّقة: أي: ذلول مدرَّبة. انظر: "النهاية في غريب الأثر"(1/ 200).
(2)
أخرجه مسلم، كتاب النذر، باب لا وفاء في معصية اللَّه ولا فيما لا يملك العبد (5/ 78، برقم 4333).
(3)
انظر: "المناهج الأصولية في الاجتهاد بالرأي"(1/ 289 - 291)، وقال فتحي الدريني فيه: (لو كان الاستيلاء القهري بقوة السلاح من قبل الأعداء وسيلة معترفا بها شرعا، لامتلاكهم أموال المسلمين، واستيطان ديارهم بعد إخراجهم منها، لما وجب الجهاد -في مثل هذه الحالة- فرضًا عينيًّا على كل قادر على حمل السلاح رجالًا ونساءً، بالإجماع، من أجل استرداد ما استولى عليه العدو عنوة! واللَّه -تعالى- يقول:{وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 191].
(4)
أخرجه البخاري تعليقًا في "صحيحه"، كتاب الجهاد والسير، باب إذا غنم المشركون مال المسلم، ثم وجده المسلم (3/ 1116، برقم 2902)، ووصله ابن أبي شيبة (12/ 445). انظر:"فتح الباري"(6/ 126).