الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34].
• وجه الدلالة: حيث دلَّت على وجوب الوفاء بالعهود عمومًا، وعليه فمن أعطى العهد بالأمان وترك الحرب، ثم حارب أو قاتل فإنه ناقض للعهد، متعرض للوعيد.
2 -
عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا جمع اللَّه الأولين والآخرين يوم القيامة، يرفع لكل غادر لواء (1)، فقيل: هذه غدرة فلان بن فلان"(2).
• وجه الدلالة: أنه صريح في النهي عن الغدر والخيانة، فمن أعطى الأمان ثم قتل فقد غدر.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على تحريم الغدر والخيانة في العهد؛ حيث لم يخالف في ذلك أحد، واللَّه تعالى أعلم.
[70/ 49] جواز صبغ المجاهد شعره بالسواد:
• المراد بالمسألة: بيان الرخصة في صبغ المجاهد لشعره بالسواد؛ لما فيه من إرهاب العدو، وإظهار المجاهد بقوة الشباب، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: برهان الدين المرغيناني (616 هـ) حيث يقول كما نقل عنه ابن عابدين: (قال في الذخيرة أما الخضاب بالسواد للغزو ليكون أهيب في عين العدو فهو محمود بالاتفاق)(3).
ابن حجر (852 هـ) حيث يقول: (ولهذا اختار النووي أن الصبغ بالسواد يكره كراهية تحريم. . . ويستثني من ذلك المجاهد اتفاقًا)(4).
(1) قال أبو العباس القرطبي في "المفهم"(3/ 520) معفقًا على هذا الحديث: (هذا منه رضي الله عنه خطاب للعرب بنحو ما كانت تفعل، وذلك: أنهم كانوا يرفعون للوفاء راية بيضاء، وللغدر راية سوداء، ليشهروا به الوفي، فيعظموه، ويمدحوه، والغادر فيذموه، ويلوموه بغدره. وقد شاهدنا هذا فيهم عادة مستمرة إلى اليوم. فمقتضى هذا الحديث: أن الغادر يُفعل به مثل ذلك؛ ليشهر بالخيانة والغدر، فيذمه أهل الموقف، ولا يبعد أن يكون الولي بالعهد يُرفع له لواء يُعرف به وفاؤه وبره، فيمدحه أهل الموقف، كما يرفع لنبينا صلى الله عليه وسلم لواء الحمد فيحمده كل من في الموقف).
(2)
سبق تخريجه قريبًا.
(3)
"حاشية ابن عابدين"(6/ 422).
(4)
"فتح الباري"(6/ 499).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (1)، والمالكية بل هو عندهم مندوب إليه في الجهاد (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4).
• مستند الإجماع:
1 -
عن صهيب الخير قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن أحسن ما اختضبتم به لهذا السواد أرغب لنسائكم فيكم، وأهيب لكم في صدور عدوكم"(5).
2 -
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، "أنه كان يأمر بالخضاب بالسواد، ويقول: هو تسكين للزوجة وأهيب للعدو"(6).
3 -
ولما فيه من إدخال الرهبة في نفوس الأعداء بإظهار الشباب وما ينطوي عليه من مظهر القوة (7).
• الخلاف في المسألة: ذكر القاضي أبي يعلى في "الأحكام السلطانية" أن من العلماء من يمنع من الخضاب بالسواد في الجهاد وفي غير الجهاد (8).
وحجتهم: عموم النهي عن الصبغ بالسواد، يشمل المجاهد وغيره، فعن جابر بن عبد اللَّه قال: أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة، ورأسه ولحيته كالثغامة بياضًا فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"غيروا هذا بشيء، واجتنبوا السَّواد"(9).
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق على جواز الصبغ بالسواد للمجاهد؛ لخلاف بعض فقهاء الحنابلة في ذلك، واللَّه تعالى أعلم.
(1) انظر: شرح كتاب "السير الكبير"(1/ 14).
(2)
انظر: "حاشية العدوي"(2/ 583)، و"كفاية الطالب الرباني"(4/ 333).
(3)
انظر: "المجموع"(1/ 360)، و"الأحكام السلطانية" للماوردي (ص 14).
(4)
انظر: "كشاف القناع"(1/ 77)، و"الآداب الشرعية"(3/ 335).
(5)
أخرجه ابن ماجه في "سننه"(2/ 1197 برقم 362)، وقال ابن مفلح في "الآداب الشرعية":(وهذا خبر لا يصح)، قال الألباني:(والحديث منكر المتن عندي؛ لأن ظاهره الترغيب في الخضب بالسواد، وقد ثبت النهي عنه في غير ما حديث). انظر: "السلسلة الضعيفة"(6/ 543).
(6)
"عمدة القاري"(22/ 51).
(7)
انظر: "المجموع"(1/ 360)، و"كفاية الطالب الرباني"(4/ 333).
(8)
"الأحكام السلطانية" لأبي يعلى (ص 307)، ونقله ابن مفلح في "الآداب الشرعية"(3/ 333).
(9)
أخرجه مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب في صبغ الشعر وتغيير الشيب (6/ 155، برقم 5631)، وقال النووي في "شرح صحيح مسلم" (14/ 79): (الثغامة بثاء مثلثة مفتوحة ثم غين معجمة مخففة. قال =