الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ} -يعني: افتداء الأسارى هو مما كتبه اللَّه تعالى- {وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} [البقرة: 85] يعني: قتالهم وإخراجهم.
2 -
وعن أبي موسى قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "فُكُّوا العاني -يعني: الأسير- وأطعموا الجائع، وعودوا المريض"(1).
• وجه الدلالة: أن قوله صلى الله عليه وسلم: "فُكُّوا العاني" أمر وهو للوجوب، ويتجه لكل المسلمين (2).
وسئل مالك: أواجبٌ على المسلمين افتداء من أُسِرَ منهم؟ قال: نعم؛ أليس واجبًا عليهم أن يقاتلوا حتى يستنقذوهم؟ فقيل: بلى. قال: فكيف لا يفتدونهم بأموالهم؟ ! قيل: أراد مالكٌ قول اللَّه -تعالى-: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} [النساء: 75]، نزل في قتال أهل مكة لاستنقاذ من فيها من المستضعفين. قال مالك: وإن لم يقدروا على فدائهم إلا بكلِّ ما يملكون، فذلك عليهم (3).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على وجوب استنقاذ الأسر المسلمين ولو بالفداء؛ لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[127/ 16] دفع بدل الفداء، إذا كان بإذن الأسير:
• المراد بالمسألة: إذا أسر الكفار الحربيون مسلمًا، فاشترى مسلمٌ هذا الأسير، وخلَّصه من أيدي العدو، وكان هذا الشراء بإذن الأسرى، فإنه يلزم الأسير المُشتَرى أن يؤدي إلى المشتري ما دفعه في تخليصه. وقد نُقل الإجماع على ذلك.
وصورته: أن يقول الأسير: افتدني من أهل الحرب، أو اشترني منهم (4).
(1) أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فكاك الأسير (3/ 1109، رقم 2881).
(2)
هذا ما كان واقعًا في الدولة الاسلامية على مر العصور، وأما اليوم فقد قضر المسلمون تقصيرًا ذريعًا في استنقاذ أسراهم، وخذلوهم في كثير من الأحيان، واللَّه المستعان.
(3)
انظر: النوادر والزيادات (3/ 301)، و"البيان والتحصيل"(3/ 80).
(4)
انظر: "السير الكبير"(4/ 1625).
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) حيث يقول: (وأجمعوا على أن الرجل إذا اشترى أسيرًا من أسرى المسلمين بأمره بمال معلوم ودفع المال بأمره، أن له أن يرجع بذلك عليه)(1).
وابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: (وإجماعهم على أنه لو أمره بالفداء رجع عليه دون جماعة المسلمين)(2).
وابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: (وإذا اشترى المسلم أسيرًا من أيدي العدو) ثم قال: (لا يخلو هذا من حالتين، أحدهما: أن يشتريه بإذنه فهذا يلزمه أن يؤدي إلى المشتري ما أداه فيه بغير خلاف نعلمه)(3).
وابن جزي (741 هـ) حيث يقول: (من فدى أسيرًا بامره رجع عليه بالفدية اتفاقًا)(4).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)، والحنابلة (8)، والظاهرية (9).
• مستند الإجماع:
1 -
قال الشعبي: أغار أهل ماه (10) وأهل جلولاء (11) على العرب، فأصابوا سبايا العرب، فكتب السائب بن الأقرع إلى عمر رضي الله عنه في سبايا المسلمين ورقيقهم ومتاعهم، قد اشتراه التجار من أهل ماه، فكتب عمر رضي الله عنه:
(1)"الإجماع"(ص 73)، و"الأوسط"(11/ 241 - 242).
(2)
"الاستذكار"(14/ 131).
(3)
"المغني"(13/ 85).
(4)
"القوانين الفقهية"(ص 133).
(5)
انظر: "شرح السير الكبير"(4/ 1625)، و"الخراج"(ص 217).
(6)
انظر: "الذخيرة"(3/ 389)، "القوانين الفقهية"(ص 133).
(7)
انظر: "الأوسط"(11/ 241).
(8)
انظر: "المغني"(13/ 133)، و"منتهى الإرادات"(2/ 111).
(9)
انظر: "المحلى"(7/ 308).
(10)
ماه: أصلها ماء، فقلبت الهمزة إلى هاه، ويراد بها المكان، يقال: ماه الكوفة، وماه البصرة. انظر:"النهاية"(3/ 374).
(11)
جلولاء: مدينة حصينة من بلاد الفرس كانت مليئة جدًّا "بالأموال" والخيرات، فتحها سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. انظر:"معجم البلدان"(2/ 156).