الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وحجتهم:
1 -
استدلوا بقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29].
• وجه الدلالة: أن اللَّه أمر بقتال الكفار، وجعل الغاية: التي نكف عنهم بمقتضاها هو الدفع المنجز للجزية مقرونًا بعقد الذمة.
2 -
ولأن الجزية تجب عوضًا لحقن الدم، وعصمة النفس في المستقبل، فلا تؤخر إلى آخر السنة، فوجب أن يتقرر العوض قياسًا على سائر المعوضات.
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق على أن الجزية يجب أداؤها في آخر الحول؛ لوجود الخلاف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[148/ 19] تُصرف الجزية من غير تخميس في مصالح المسلمين:
• المراد بالمسألة: بيان أن الجزية التي تؤخذ من أهل الذمة تُصرف في مصالح المسلمين كالفيء يصرف جميعه -ولا يُخمَّس- في مصالح المسلمين العامة ومرافق الدولة الهامة: كأرزاق المجاهدين وذراريهم وسد الثغور، وبناء الجسور، والمساجد والقناطر، وإصلاح الأنهار التي لا مالك لها، ورواتب الموظفين من القضاة والمدرسين والعلماء والمفتين والعمال وغير ذلك، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن رشد (595 هـ) حيث يقول: (وأما المسألة السادسة وهي: في ماذا تصرف الجزية؟ فإنهم اتفقوا على أنها مشتركة لمصالح المسلمين، من غير تحديد، كالحال في الفيء)(1).
وابن المناصف (620 هـ) حيث يقول: (ولم يختلفوا: أن حكم ما يؤخذ منهم على ذلك بمثابة حكم الجزية، لا حكم الصدقة، ويوضع في مال الفيء)(2).
وابن رجب الحنبلي (795 هـ) حيث يقول: (وحكى طائفة من أصحابنا -منهم أبو الخطاب- الإجماع على أن الجزية لا تُخمَّس)(3).
(1)"بداية المجتهد"(1/ 407).
(2)
"الإنجاد في أبواب الجهاد"(ص 530).
(3)
"الاستخراج لأحكام الخراج"(ص 459).
• الموافقون للإجماع: وافق: الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4)، والظاهرية (5).
• مستند الإجماع:
1 -
قول اللَّه تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [الحشر: 7].
قال معمر: "بلغنا أن هذه الآية نزلت في الجزية، والخراج"(6).
2 -
عن أنس: "أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بمال من البحرين، فقال: "انثروه في المسجد"، فكان أكثر مال أتي به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة ولم يلتفت إليه، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه، فما كان يرى أحدًا إلا أعطاه، إذ جاءه العباس، فقال: يا رسول اللَّه، أعطني، إني فاديت نفسي، وفاديت عقيلًا، قال: "خذ"، فحثا في ثوبه، ثم ذهب ويُقِلُّهُ فلم يستطع، فقال: اؤْمُرْ بعضهم يرفعه إلي، قال: "لا"، قال: فارفعه أنت علي، قال: "لا"، فنثر منه، ثم ذهب يُقِلُّهُ فلم يرفعه، فقال: اؤْمُرْ بعضهم يرفعه علي، قال: "لا"، قال فارفعه أنت علي قال: "لا"، فنثر ثم احتمله على كاهله، ثم انطلق فما زال يتبعه بصره حتى خفي علينا، عجبا من حرصه، فما قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وثَمَّ منها درهم"(7).
• وجه الدلالة: أن مال البحرين من مال الجزية، وقد صرفه صلى الله عليه وسلم في الناس حسب ما تقتضيه المصلحة، وسدًّا لحاجاتهم.
3 -
ولأنه مال وصل إلى المسلمين بغير قتال، فيكون لبيت مالهم معدًّا لمصالحهم، وذلك في مثل:(أرزاق المقاتلة وذراريهم، وسد الثغور. .) أما سد
(1) انظر: "الخراج" لأبي يوسف (ص 124)، و"تبيين الحقائق"(3/ 283)، و"حاشية ابن عابدين"(4/ 217).
(2)
انظر: "بداية المجتهد"(1/ 407).
(3)
انظر "الأحكام السلطانية" للماوردي (ص 144)، و"كفاية الأخيار"(2/ 32).
(4)
انظر: "المحرر" لابن تيمية (2/ 188)، و"أحكام أهل الذمة"(1/ 135).
(5)
حكاه ابن رجب عن ابن المغلس من أصحاب داود الظاهري. انظر: "الاستخراج لأحكام الخراج"(ص 458).
(6)
"الاستخراج لأحكام الخراج"(ص 458).
(7)
أخرجه البخاري معلقًا في أبواب الجزية والموادعة باب ما أقطع النبي صلى الله عليه وسلم من البحرين وما وعد من مال البحرين والجزية ولمن يقسم الفيء والجزية (3/ 1145، برقم 2994).