الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيكم، ردوا الخيط والمخيط، فإن الغلول عار وشنار على صاحبه إلى يوم القيامة"، فجاء أعرابي بكبة من شعر فقال: أخذتها لأصلح بها بردعة بعيري (1) يا رسول اللَّه. فقال: "أما نصيبي فهو لك" (2).
2 -
لأن حق الغانمين مستقر في الغنيمة ولا علاقة لأحد معهم، ويد من هو في يده بمنزلة يد المودع ونحوه الأمناء.
3 -
ويجوز التصرف بالغنيمة قبل قبضها للرفق بالجند، ولأن يد السلطان في الحفظ يد المفرز له.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على جواز التصرف بالغنيمة قبل القبض إذا استقر ملك الغانم لنصيبه، لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[80/ 10] الموضع الذي تجب فيه قسمة الغنائم:
• قسمة الغنائم نوعان: قسمة حمل ونقل فهي: إن عزت الدواب، ولم يجد الإِمام حمولة يفرق الغنائم على الغزاة فيحمل كل رجل على قدر نصيبه إلى دار الإِسلام، ثم يستردها منهم فيقسمها قسمة ملك، وهذه القسمة جائزة بلا خلاف لأنها من باب الأمانات فلا نبحثها هنا.
قسمة الملك وهي موضع النظر في هذه المسألة.
• والمراد بالمسألة: إذا غنم المسلمون غنائم بدار الحرب، فإنه ينبغي تعجيل قسمتها متى أمكنهم ذلك، فلو تمكنوا من قسمته بدار الحرب جاز ذلك، وإن لم يتمكنوا إلا بالرجوع إلى دار الإِسلام فإنه يجب تعجيل قسمتها. وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن حزم الظاهري (456 هـ) حيث يقول: (واتفقوا أنهم إذا صاروا بالغنائم بأرض الإِسلام فقد وجبت قسمتها)(3).
(1) معنى قوله: (بِكُبَّةٍ) بِضَمُّ فَتَشْدِيدٍ: شَعْر مَلْفُوف بَعْضه عَلَى بَعْض، (بَرْدَعَة) بِفَتْحِ بَاءَ مُوَحدَة وَسُكُون مُهْمَلَة وَفَتْح مُعْجَمَة أَوْ مُهْمَلَة وَجْهَانِ: هِيَ الْحِلْس، وَهِيَ بِالْكَسْرِ كِسَاء يُلْقَى تَحْتَ الرَّحْلِ عَلَى ظَهْر الْبَعِير. "حاشية السندي على النسائي"(6/ 264).
(2)
أخرجه النسائي في "سننه"(6/ 264 برقم 3688)، والبيهقي في "سننه الكبرى"(9/ 102 برقم 17988)، وحسَّنه الألباني في "الإرواء"(5/ 36).
(3)
"مراتب الإجماع"(ص 201).
وابن جماعة (733 هـ) حيث يقول: (والإجماع على وجوب ذلك (أي: قسمة الغنيمة) عند إمكانه، ولا يقسم ذلك مع قيام القتال ودوامه، كي لا يشتغل الناس به على القتال، وليتحقق الظفر بالعدو، واستقرار الملك في الغنائم، فإذا انقضى القتال وانجلى القتال قسمت) (1).
والدمشقي (870 هـ) حيث يقول: (لكن الإِمام لو قسمها (أي: الغنائم) في دار الحرب نفذت القسمة بالاتفاق) (2).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: المالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5)، والظاهرية (6).
• مستند الإجماع:
1 -
أنه ينبغي تعجيل القسمة متى أمكن؛ لأن مطل ذي الحق لحقه ظلم (7).
2 -
وما ثبت أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قسم غنائم حنين بالجعرانة (8).
قال ابن عبد البر: (وفيه جواز قسمة الغنائم في دار الحرب لأن الجعرانة كانت يومئذ من دار الحرب)(9).
3 -
ما روى أبو إسحاق الفزاري قال: قلت للأوزاعي: هل قسم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئًا من الغنائم بالمدينة؟ قال: لا أعلمه، إنما كان الناس يتبعون غنائمهم ويقسمونها في أرض عدوهم، ولم يقفل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن غزاة قط أصاب فيها غنيمة إلا خمسه وقسمه من قبل أن يقفل، من ذلك غزوة بني المصطلق وهوازن وخيبر (10).
4 -
ولأن كل دار صحت القسمة فيها جازت، كدار الإِسلام.
(1) تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام" (1/ 217).
(2)
"رحمة الأمة"(ص 297).
(3)
انظر: "المدونة"(1/ 503)، و"الكافي" لابن عبد البر (1/ 476)، و"القوانين الفقهية"(ص 130).
(4)
انظر: "البيان"(12/ 207)، و"مغني المحتاج"(3/ 101).
(5)
انظر: "المحرر"(2/ 173)، و"المغني"(13/ 107).
(6)
انظر: "المحلى"(342).
(7)
المصدر السابق.
(8)
أخرجه البخاري، كتاب فرض الخمس، باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين (3/ 1143، برقم 2969).
(9)
"الاستذكار"(5/ 78).
(10)
انظر: "الأم"(7/ 335).