الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[131/ 2] الجزية لقاء الهدنة:
• تعريف الهدنة:
• الهدنة في اللغة: السكون: مأخوذ من هدن الأمر، أو الشخص يهدن هدونًا. سكن بعد الهيج، ويقال: هادنه مهادنة: صالحه (1).
• وفي الاصطلاح: هي عقد يقيمه الإمام أو نائبه مع الحربيين مدة محددة من الزمن بعوض أو بغير عوض (2).
• المراد بالمسألة: إذا عقد الإمام مع دار الحرب عقدًا لمدة زمنية محدودة على أن يكون العوض من الكفار، فإن ذلك جائز وهو من جنس الجزية (3)، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: (واتفقوا أن إعطاء المهادنة على إعطاء الجزية بالشروط التي قدمنا جائزة)(4).
المرداوي (885 هـ) حيث يقول: (قوله: (وإن سألوا الموادعة بمال أو غيره: جاز، إن كانت المصلحة فيه). . . تنبيه: قوله: "بمال وغيره" أما المال: فلا نزاع فيه) (5).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك الحنفية (6)، والمالكية (7)، والشافعية (8)، والحنابلة (9)، والظاهرية (10).
• مستند الإجماع:
1 -
ما جاء عن ابن إسحاق أنه قال: "فلما انتهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
(1) انظر: "لسان العرب"(13/ 434)، مادة (هدن).
(2)
انظر: "نهاية المحتاج"(8/ 100)، و"كشاف القناع"(3/ 111).
(3)
ويطلق عليها الفقهاء (الجزية الصلحية) كما سبق بيانه.
(4)
"مراتب الإجماع"(ص 205).
(5)
"الإنصاف مع الشرح الكبير"(10/ 111).
(6)
انظر: "شرح السير الكبير"(5/ 15)، "فتح القدير"(5/ 462).
(7)
انظر: "الكافي"(1/ 210)، "جواهر الإكليل"(1/ 267)، و"مواهب الجليل"(4/ 596).
(8)
انظر: "مغني المحتاج"(4/ 345)، "البيان"(12/ 308).
(9)
انظر: "الشرح الكبير"(10/ 373).
(10)
"السيرة النبوية" لابن هشام (5/ 206).
إلى تبوك أتاه يُحنَّة بن رؤبة صاحب أيلة (1)، فصالح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزية" (2).
• وجه الدلالة: حيث دلَّ هذا الحديث أن المهادنة التي كانت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين يُحنَّة ملك (أيلة)، كانت على أساس دفع جزية معينة، وهذا يدل على مشروعية أخذ الجزية لقاء الهدنة.
2 -
أن الهدنة إذا جازت على غير مال، فعلى مال وهو أكثر نفعًا أولى (3).
3 -
أن في ذلك مصلحة للمسلمين (4).
4 -
أن أخذ الجزية منهم في هذه الحالة نوع من الجهاد؛ لما فيه من كسر شوكتهم، وإضعاف مادتهم (5).
• الخلاف في المسألة: يرى بعض العلماء أنه وإن جاز أخذ العوض من الكفار مقابل المصالحة والهدنة معهم فإن هذا العوض لا يُعَدّ جزية.
يقول ابن رشد: (وقوم لم يجيزوها -أي: الهدنة- إلَّا لمكان الضرورة الداعية لأهل الإسلام من فتنة أو غير ذلك، إما بشيء يأخذونه منهم لا على حكم الجزية إذ كانت الجزية إنما شرطها أن تؤخذ منهم وهم بحيث تنفذ عليهم أحكام المسلمين)(6).
ويقول ابن المناصف: (فأمَّا مصالحة من صولح من العدو على مالٍ يُؤذونه، وإقرارهم هناك على حالِ مملكتهم ومنعتهم؛ فليس هذا من باب الجزية في شيء، وهي مهادنة، ولا تجوز إلَّا لضرورة)(7).
ولمناقشة هذا الرأي يمكن القول: أن ما يعطيه الكفار لقاء الهدنة وإن كان لا يسمى جزية فإن له حكم الجزية، ولذا قال العلماء: والمال الذي هودنوا عليه مثل
(1) أيلة: مدينة على ساحل بحر القلزم (ويُسمى الآن البحر الأحمر) مما يلي الشام، وقيل: هي آخر الحجاز وأول الشام. وهي مدينة لليهود الذين حرم اللَّه عليهم صيد السمك يوم السبت، فخالفوا، فمسخوا قردة وخنازير. انظر:"معجم البلدان"(1/ 292)، وهي الآن تُسمى (إيلات) على رأس خلح العقبة.
(2)
أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 185)، والطبري في "تاريخه"(2/ 184).
(3)
انظر: "المغني"(13/ 155)، و"فتح القدير"(5/ 458).
(4)
انظر: "المهذب"(2/ 260).
(5)
انظر: "فتح القدير"(5/ 458).
(6)
"بداية المجتهد"(1/ 387).
(7)
"الإنجاد"(ص 455).