الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في سبيل اللَّه، قاتلوا من كفر باللَّه، اغزوا ولا تغلوا ولا تندروا ولا تمثلوا. . " (1).
• وجه الدلالة من الحديثين: أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن المثلة، والنهي يقتضي التحريم.
3 -
وعن شداد بن أوسٍ قال: ثنتان حفظتهما عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال:"إن اللَّه كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلةَ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليُحِدَّ أحدكم شفرته، وليُرح ذبيحته"(2).
4 -
وعن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أَعَفُّ الناسِ قِتلةً: أهلُ الإيمان"(3).
• وجه الدلالة: أن من الإحسان والعفة في القتل ترك التمثيل بجثث القتلى والأسرى، ولا سيما بعد القدرة عليهم والظفر بهم.
5 -
أن المثلة فيه تغيير لخلق اللَّه فتحرم (4).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على النهي عن المثلة بالأعداء بعد القدرة عليهم، لعدم الخلاف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[40/ 19] كراهية حمل رؤوس الأعداء:
• المراد بالمسألة: أن مما يتصل بالتمثيل، وهو نوع منها: قطع رؤوس الكفار الذين قتلوا في الحرب مع المسلمين وحملها إلى الولاة، ونقلها من بلد إلى بلد آخر، وقد نُقل الإجماع على كراهية ذلك، إذا وقع لغير حاجة أو مصلحة (5)، أو لغير المعاملة بالمثل (6).
(1) سبق تخريجه (ص 131).
(2)
سبق تخريجه (ص 152).
(3)
سبق تخريجه (ص 152).
(4)
انظر: "التمهيد"(24/ 234)، و"حجة اللَّه البالغة"(1/ 793).
(5)
مثلوا للحاجة: كاطمئنان القلوب بالجزم بموته، إذا كان المقتول من قواد المشركين، كحمل رأس كعب بن الأشرف من خيبر إلى المدينة. انظر:"حاشية الدسوقي"(2/ 179)، ويقول الشوكاني في "السيل الجرار" (4/ 568):(إذا كان في حملها تقوية لقلوب المسلمين، أو إضعاف لشوكة الكافرين، فلا مانع من ذلك. بل هو فعل حسن، وتدبير صحيح، ولا وجه للتعليل بكونها نجسة، فإن ذلك ممكن بدون التلوث بها، والمباشرة لها، ولا يتوقف جواز هذا على ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن تقوية جيش الإسلام، وترهيب جش الكفار، مقصد من مقاصد الشرع، ومطلب من مطالبه لا شك في ذلك، وقد وقع في حمل الرؤوس في أيام الصحابة، وأما ما روي من حملها في أيام النبوة فلم يثبت شيء من ذلك).
(6)
ومما يروى في ذلك عن الصحابة: ما جاء: أن عمرو بن العاص حين حاصر الإسكندرية، ظفر أهلها =
• من نقل الإجماع: العمراني (558 هـ) حيث يقول: (أما نقل رؤوس مَنْ قُتِلَ من الكفار إلى بلاد الإسلام، فليست منصوصة لنا، ولكن أجمع أهل العلم على أنه مكروه)(1).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5).
• مستند الإجماع:
1 -
عن عقبة بن عامر، أنه قدم على أبي بكر الصديق صلى الله عليه وسلم برأس يَنَاق البطريق فأنكر ذلك، فقال: يا خليفة رسول اللَّه فإنهم يفعلون ذلك بنا، قال:(فاستنان بفارس والروم؟ لا تحمل إليَّ رأس، فإنما يكفي الكتاب والخبر)(6).
• وجه الدلالة: حيث نهى عن ذلك الخليفة الراشد الصديق صلى الله عليه وسلم، وبين أن هذا من فعل أهل الجاهلية، وقد نُهينا عن التشبه بهم.
2 -
وعن الزهري قال: لم يحمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم رأس قط، ولا يوم بدر، وحمل إلى أبي بكر رأس فأنكره، وأول من حملت إليه الرؤوس عبد اللَّه بن الزبير (7).
• وجه الدلالة: أن قطع وحمل الرؤوس ليس معهودًا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا خلفائه الراشدين، وما وقع في زمن ابن الزبير يُحمل على ما إذا حصل لمصلحة.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على كراهية قطع وحمل رؤوس من قتل من الكفار إذا كان لغير حاجة أو لغير المعاملة بالمثل، لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
= برجل من المسلمين، فأخذوا رأسه، فجاء قومه عمرًا متعصبين، فقال لهم عمرو: خذوا رجلًا منهم فاقطعوا رأسه، فارموا به إليهم في المنجنيق، ففعلوا ذلك، فرمى أهل الإسكندرية رأس المسلم إلى قومه. انظر:"الشرح الكبير"(10/ 460).
(1)
"البيان"(12/ 155).
(2)
انظر: "شرح السير الكبير"(1/ 110)، و"البحر الرائق"(5/ 84).
(3)
انظر: "جواهر الإكليل"(1/ 254)، و"القوانين الفقهية"(ص 153).
(4)
انظر: "الأم"(4/ 162)، و"تكملة المجموع"(19/ 314).
(5)
انظر: "الكافي" لابن قدامة (4/ 273)، و"المغني"(13/ 199).
(6)
أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(2/ 245، برقم 2649)، وابن أبي شيبة في "مصنفه"(12/ 515).
(7)
أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(2/ 245، برقم 2651)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 132).