الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسلمين) (1).
• ثانيًا: أنواع الجزية:
الجزية -باعتبار المحل الذي تجب فيه- نوعان: جزية رؤوس، وجزية أموال:
جزية الرؤوس: وهي ما يُفرض على أشخاص أهل الذمة. وهي على ضربين:
• الضرب الأول: الجزية العنوية: وهي المأخوذة من الكفار الذين فتحت بلادهم قهرًا وغلبة. لِأَمْنِهمِ بِاسْتِقْرَارِهمِ تَحْتَ حُكْمِ الإسلام وَصَوْنِهِم.
• الضرب الثاني: الجزية الصلحية: وَهِيَ الْمَأْخُوذَةُ مِمَّنْ مَنَعُوا أنفسهم وَحَفِظُوهَا برضاهم وَطَلَبوا الإقامة بِبَلَدِهِم، فَتُقْبَلُ منهم وَلَوْ بَعُدَتْ أماكنهم؛ لأنهم صَالَحُونَا على الْبَقَاءِ فيها (2).
2 -
جزية الأموال (العشور): وهي ما يُفرض على الأموال التجارية لأهل الذمة إذا اتجروا بها في بلاد المسلمين، كالعشر ونصف العشر (3).
قال ابن تيمية: (العشور التي تؤخذ من الذمي تدخل في أحكام الجزية)(4).
[130/ 1] مشروعية الجزية:
• المراد بالمسألة: أنه إذا فتح المسلمون ديار الكفار، فإن الكفار يُخيرون بين الدخول في الإسلام، أو دفع الجزية، أو القتل، فإن اختاروا دفع الجزية كان ذلك بمثابة الخضوع العام للنظام الاسلامي ويتركون على كفرهم، وقد نُقل الإجماع على جواز أخذ الجزية من الكفار في الجملة.
(1)"الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي"(3/ 777).
(2)
تفترق الجزية الصلحية عن الجزية العنوية من عدة وجوه منها: أن الجزية الصلحية توضع على أهل الصلح من الكافرين الذين طلبوا باختيارهم ورضاهم من المسلمين المصالحة على الجزية. أما الجزية العنوية فهي التي تفرض على المغلوبين بدون رضاهم. ومنها: أن الجزية العنوية محددة المقدار عند بعض الفقهاء كما سنين في مقدار الجزية. أما الجزية الصلحية فليس لها حد معين، وإنما تكون بحسب ما يقع عليه الاتفاق. ولبقية الفروق ينظر:"الموسوعة الفقهية الكويتية"(15/ 161).
(3)
انظر: "الفواكه الدواني"(1/ 397، 337)، و"القوانين الفقهية"(ص 105).
(4)
"الاختيارات الفقهية"(ص 615).
• من نقل الإجماع: ابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: (وأجمع المسلمون على جواز أخذ الجزية في الجملة)(1)
وابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول (والجزية ركن من أركان الفيء، والفيء حلال للأغنياء بإجماع من العلماء)(2).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6)، والظاهرية (7).
• مستند الإجماع:
1 -
• وجه الدلالة: حيث نصَّت الآية الكريمة على أن الغاية التي ينبغي عندها وقف القتال ضد الكفار هي إعطاؤهم الجزية، وأن يلتزموا بالصغار (8).
2 -
عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميرًا على جيش، أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى اللَّه، ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: "إذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصال -أو خلال-، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم. . . فإن هم أبوا فسلهم الجزبة، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن باللَّه وقاتلهم. . " (9).
(1)"المغني"(13/ 202).
(2)
"الاستذكار"(3/ 249).
(3)
انظر: "المبسوط"(10/ 77)، و"البناية"(6/ 662)، و"تحفة الفقهاء"(3/ 307).
(4)
انظر: "المعونة"(1/ 392)، و"مواهب الجليل"(4/ 593).
(5)
انظر: "الوسيط"(7/ 55)، و"البيان"(12/ 249)، و"مغني المحتاج"(4/ 321).
(6)
انظر: "المبدع"(3/ 404)، و"كشاف القناع"(3/ 108).
(7)
انظر: "المحلى"(7/ 345).
(8)
قال الشيرازي في "المهذب"(2/ 253): (الصغار: أن تجري عليهم أحكام المسلمين)، وإنما ذلك في غير ما أُقروا عليه في عباداتهم وملبوساتهم ومعلوماتهم، وشؤون الزواج، وما إلى ذلك.
(9)
سبق تخريجه.
• وجه الدلالة: أن قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن هم أبوا فسلهم الجزية" يدل على مشروعيَّة الجزية وإقرارها.
3 -
وجاء أن المغيرة بن شعبة قال لعامل كسرى بين يدي معركة "نهاوند" في بلاد فارس ما نصه: "فأمرنا نبينا رسول ربنا صلى الله عليه وسلم أن نقاتلكم حتى تعبدوا اللَّه، أو تؤدوا الجزية، وأخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن رسالة ربنا أنه من قتل منا صار إلى الجنة في نعيم لم ير مثلها قط، ومن بقي منا ملك رقابكم"(1).
• وجه الدلالة: حيث ينص الحديث على الأمر بقتال الكفار حتى يُسلموا، أو يؤدوا الجزية، فدلَّ ذلك على مشروعية أخذ الجزية.
4 -
وفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أخذ الجزية من مجوس هجر (2)(3)، ومن نصارى نجران (4)(5)، وصالح أُكيدر دومة الجندل على الجزية (6).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على مشروعية الجزية في الجملة، لعدم وجود المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
قال الحافظ ابن حجر: (قال العلماء: الحكمة في وضع الجزية أن الذل الذي يلحقهم يحملهم على الدخول في الإسلام مع ما في مخالطة المسلمين من الاطلاع على محاسن الإسلام)(7).
(1) أخرجه البخاري، أبو اب الجزية والموادعة، باب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب (3/ 1152، برقم 2989).
(2)
هَجَر (بفتح الهاء والجيم): اسم بلد بالبحرين، وتعتبر هجر قاعدة البحرين، وقيل: ناحية البحرين كلها هجر. انظر: "معجم البلدان"(5/ 393).
(3)
أخرجه البخاري، أبواب الجزية والموادعة، باب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب (3/ 1151، برقم 2987).
(4)
نَجْرَان (بفتح النون وسكون الجيم وفتح الراء): بلدة ما بين مكة واليمن على نحو سبع مراحل من مكة. انظر: "تهذيب الأسماء واللغات"(3/ 176).
(5)
أخرجه أبو داود في "السنن"، كتاب الخراج، باب في أخذ الجزية (3/ 132، برقم 3043)، والبيهقي في "سننه الكبرى"(9/ 187، برقم 18424)، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن أبي داود"(ص 546).
(6)
أخرجه أبو داود في "السنن"، كتاب الخراج، باب في أخذ الجزية (3/ 131، برقم 3039).
(7)
"فتح الباري"(6/ 259).