الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معه، كمبارز ضربه فقطع أذنه، ثم ضربه ففقأ عينه ونحو ذلك؛ فهذا لا بأس به إن لم يقدر عليه إلا بذلك كأن يكون مقاتلًا ومدافعًا، لأنه أسلوب من أساليب الحرب، وهو أَبْلَغُ في كبت الأعداء ووهنهم، وأضرُّ بهم. وقد نُقل الإجماع على جواز ذلك (1).
• من نقل الإجماع: ابن المناصف (620 هـ) حيث يقول: (يختصُّ النهيُ عن المثلة بالمقدور عليه؛ ألا ترى أن قَطْعَ الأيدي والأرجلِ وغيرِ ذلك من المُثلة، وهو جائز باتفاقٍ في حال المقاتلة، إذا لم يتمكن منه إلا بذلك؟ )(2).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك نصا الحنفية (3)، والمالكية (4)، والمفهوم من كلام الشافعية (5)، والحنابلة (6).
• مستند الإجماع: لأنه أسلوب من أساليب الحرب، وهو أَبْلَغُ في كبت الأعداء ووهنهم، وأضرُّ بهم (7).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على جواز المثلة حال القتال والمدافعة للعدو الكافر إذا لم يُقدر عليه إلا بذلك، لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[39/ 18] تحريم المثلة بالكفار بعد القدرة عليهم:
• المراد بالمسألة: في حالة ما بعد القتال أو الانتصار على الأعداء؛ كأن يقعوا في الأسر، أو يُقدر على الجندي الكافر بغير تمثيل. ففي هذه الحالة إذا كانت المُثْلة لغير حاجة ولغير المعاملة بالمثل (8) فإنه ينبغي اجتنابها؛ لأنها منهي عنها، وقد نُقل الإجماع على اجتنابها في هذه الحالة.
(1) انظر: "المنتقى" للباجي (3/ 172).
(2)
"الإنجاد في أبواب الجهاد"(ص 243).
(3)
انظر: "حاشية ابن عابدين"(4/ 131)، و"البحر الرائق"(5/ 83).
(4)
انظر: "مواهب الجليل"(4/ 548)، و"أوجز المسالك"(9/ 97).
(5)
حيث ينصون على النهي عن المثلة بعد القدرة على الكافر بالأسر. انظر: "الأم"(4/ 162).
(6)
حيث نصوا على كراهية التمثيل في الأعداء بعد قتلهم أو القدرة عليهم. انظر: "المغني"(13/ 199).
(7)
"حاشية ابن عابدين"(4/ 131).
(8)
فقد أجاز الحنفية، والحنابلة المثلة لمصلحة على سبيل المعاملة بالمثل أو لكبت العدو، بينما قرر بقية الفقهاء تعميم التحريم حتى في مثل هاتين الحالتين، انظر:"شرح السير الكبير"(4/ 186)، و"المبسوط"(10/ 22)، و"المغني"(13/ 199).
• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال عقب حديث بريدة في تحريم الغلول والغدر والمثلة: (أجمع العلماء على القول بهذا الحديث ولم يختلفوا في شيء منه فلا يجوز عندهم الغلول ولا الغدر ولا المثلة. . . وكذلك المثلة لا تحل بإجماع، والمثلة المعروفة نحو قطع الأنف والأذن وفقء العين وشبه ذلك من تغيير خلق اللَّه عبثًا)(1).
وأبو العباس القرطبي (656 هـ) حيث يقول: (ولا خلاف في تحريم الغلول والغدر وفي كراهة المثلة)(2).
والنووي (676 هـ) حيث يقول: (وفي هذه الكلمات من الحديث فوائد مجمع عليها، وهي تحريم الغدر وتحريم الغلول وتحريم قتل الصبيان إذا لم يقاتلوا وكراهة المثلة)(3).
والصنعاني (1182 هـ) حيث يقول: (في الحديث مسائل: الأولى: دل على أنه إذا بعث الأمير من يغزو أوصاه بتقوى اللَّه وبمن يصحبه من المجاهدين خيرًا، ثم يخبره بتحريم الغلول من الغنيمة وتحريم الغدر وتحريم المثلة وتحريم قتل صبيان المشركين وهذه محرمات بالإجماع)(4).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)، والحنابلة (8).
• مستند الإجماع:
1 -
عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يحثنا على الصدقة وينهانا عن المثلة"(9).
2 -
وعن بريدة رضي الله عنه قال: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميرًا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى اللَّه ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: "اغزوا باسم اللَّه
(1) التمهيد" (24/ 233).
(2)
"المفهم فيما أشكل من تلخيص كتاب مسلم"(3/ 512).
(3)
"شرح صحيح مسلم"(12/ 37).
(4)
"سبل السلام"(4/ 46).
(5)
انظر: "المبسوط"(10/ 5)، و"حاشية ابن عابدين"(4/ 131).
(6)
انظر: "التاج والإكليل"(3/ 353).
(7)
انظر: "البيان"(12/ 154).
(8)
انظر: "الشرح الكبير"(10/ 407)، و"كشاف القناع"(3/ 53).
(9)
أخرجه البخاري معلقا، كتاب "المغازي"، باب قصة عكل وعرينة (4/ 1535، برقم: 3956)، قال ابن حجر: وهو موصول بالإسناد المذكور. انظر: "فتح الباري"(7/ 582).