الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيقتل كالشاب) (1).
واستدلوا أيضًا بما روي عن سمرة بن جندب قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اقتلوا شيوخ المشركين، واستبقوا شرخهم (2) "(3).
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق لوجود المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[50/ 29] جواز قتل من شارك في القتال من النساء، والصبيان، والمسنِّين:
• المراد بالمسألة: جاء الشرع بالنهي عن قتل النساء والصبيان والشيوخ، وكل من لا يقاتل في العادة، لكنهم إذا شاركوا في القتال، فإنهم يقتلون ولا كرامة، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: (ولم يختلف العلماء فيمن قاتل من النساء والشيوخ أنه مباح قتله، ومن قدر على القتال من الصبيان وقاتل قتل)(4) وقال: (وأجمعوا أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قتل دريد بن الصمة يوم حنين؛ لأنه كان ذا رأي ومكيدة في الحرب، فمن كان هكذا من الشيوخ قتل من الجميع)(5).
وابن هبيرة (560 هـ) حيث يقول: (واتفقوا على أن النساء منهم ما لم يقاتلن فإنهن لا يقتلن إلا أن يكن ذوات رأي فيقتلن)(6).
وابن رشد (595 هـ) حيث يقول: (لا خلاف بينهم في أنه لا يجوز قتل صبيانهم ولا قتل نسائهم ما لم تقاتل المرأة والصبي، فإذا قاتلت يستبيح دمها)(7).
ابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: (ومن قاتل من هؤلاء -أي الصبيان أو المشايخ أو الرهبان في المعركة- قتلوا. . . لا نعلم فيه خلافًا)(8).
والنووي (676 هـ) حيث يقول: (أجمع العلماء على العمل بهذا الحديث وتحريم
(1) انظر: "المغني"(13/ 177).
(2)
الشرخ: جمع شارخ وهو الشاب الذي لم يبلغ الحلم. انظر: "النهاية"(2/ 456).
(3)
أخرجه أبو داود في "سننه"(رقم 2670)، وأحمد في "مسنده"(5/ 12، 20)، وابن أبي شيبة (12/ 388، رقم 33138)، وعلته الحجاج بن أرطاة وهو: صدوق كثير الخطأ والتدليس. وضعَّف الحديث الزيلعي في "نصب الراية"(3/ 386).
(4)
"الاستذكار"(5/ 30).
(5)
"التمهيد"(16/ 142).
(6)
"الإفصاح"(2/ 274).
(7)
"بداية المجتهد"(1/ 445).
(8)
"المغني"(13/ 179).
قتل النساء والصبيان إذا لم يقاتلوا) (1).
وأبو الفرج ابن قدامة (682 هـ) حيث يقول: (فصل: ومن قاتل من ذكرنا جميعهم جاز قتله لا نعلم فيه خلافًا)(2).
وشيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: (ولا تقتل نساؤهم إلا أن يقاتلن بقول أو عمل باتفاق العلماء)(3).
وابن جماعة الكناني (733 هـ) حيث يقول: (والأصح: أن الراهب والشيخ الضعيف والأعمى والمزمن، يقتلون أيضًا بكل حال، وقيل: إن لم يكن لهم رأي في الحرب، ولم يقاتلوا لم يقتلوا، أما إذا قاتلوا أو كان لهم رأي في الحرب قتلوا بلا خلاف)(4).
والحطاب (954 هـ) حيث يقول: (فإن قاتلن وباشرن السلاح فلا خلاف في جواز قتلهن في حين القتل في المسايفة)(5).
وابن عابدين (1307 هـ) حيث يقول: (وكذا المرأة إذا قاتلت. . ولا خلاف في هذا لأحد)(6).
وابن قاسم (1392 هـ) حيث يقول: (فإن شاركوا -أي الصبي والمرأة والراهب والشيخ- العدو في الرأي قتلوا اتفاقًا)(7).
• مستند الإجماع:
1 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة مقتولة يوم الخندق فقال: "من قتل هذه؟ " قال رجل: أنا يا رسول اللَّه قال: "ولما نازعتني قائمًا سيفي". قال: فسكت (8). وعن عكرمة نحوه ولكن ذكر يوم حنين (9).
• ووجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما عرف بمشاركتها سكت إقرارًا منه بجواز قتلها.
قال الشوكاني: (ولهذا لم ينكر صلى الله عليه وسلم على قاتل المرأة التي أرادت قتله)(10).
(1)"شرح صحيح مسلم"(12/ 48).
(2)
"الشرح الكبير"(5/ 512).
(3)
"مجموع الفتاوى"(28/ 414).
(4)
"تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام"(1/ 182).
(5)
"مواهب الجليل"(4/ 543).
(6)
"حاشية ابن عابدين"(4/ 142).
(7)
"حاشية الروض المربع"(4/ 271).
(8)
أخرجه أحمد في "مسنده"(1/ 256)، والطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 388).
(9)
أخرجه البيهقي في "سننه الكبرى"(9/ 82)، وأبو داود في "المراسيل" ووصله الطبراني في "الكبير". انظر:"نيل الأوطار"(7/ 281).
(10)
"نيل الأوطار"(7/ 282).
2 -
وقُتِلَ دريد بن الصمة وهو شيخ لا قتال فيه يوم حنين، وكانوا أخرجوه معهم يتيمنون به (1)، ويستعينون به فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم قتله (2).
• ووجه الدلالة: إقرار النبي صلى الله عليه وسلم قتل الشيخ الكبير حينما شارك في القتال ولو برأيه.
3 -
قال عكرمة: لما حاصر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أهل الطائف أشرفت امرأة فكشفت عن قبلها، فقالت: ها دونكم فارموا، فرماها رجل من المسلمين فما أخطأ ذلك منها (3).
• ووجه الدلالة: أن تحديها للمسلمين وكشفها لعورتها للضغط على المسلمين واستفزازهم نوع من المشاركة في الحرب لذا جاز قتلها.
4 -
"أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر يوم قريظة بقتل امرأة طرحت الرحا (4) على خلاد بن سويد رضي الله عنه فقتلته"(5). .
وروي أنه "أمر يوم حنين بقتل قينتين -أي جاريتين- كانتا تعينا ابن خطل في هجاء الرسول"(6). ودلالته ظاهرة.
5 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على امرأة مقتولة فقال: "ما بالها قتلت، وهي لا تقاتل"(7).
• وجه الدلالة: حيث علل النهي عن قتلها بأنها لا تقاتل، فإن قاتلت زالت العلة فجاز قتلها.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على جواز قتل من شارك في القتال ولو كان شيخًا
(1) كانت العرب في الجاهلية تخرج في الحروب كبار السن والشيوخ تيمنا بهم، وإن كانوا لا يقاتلون في العادة، وجاء الإسلام بالنهي عن طلب اليمن والبركة في الذوات إلا في ذاته صلى الله عليه وسلم.
(2)
أخرجه البخاري، كتاب "الجهاد"، باب غزوة أوطاس (4/ 1517، برقم 4068).
(3)
أخرجه البيهقي في "سننه الكبرى"(9/ 82).
(4)
الرحا: آله طحن الدقيق تصنع عادة من حجرين متراكمين وعصا في الوسط انظر: "لسان العرب"(14/ 314)، و"النهاية"(2/ 211).
(5)
أخرجه أبو داود في "سننه"، باب في قتل النساء في سياق قصة لعائشة رضي الله عنها (3/ 54)، والبيهقي في "سننه الكبرى"(9/ 82).
(6)
أخرجه الحارث في "مسنده". انظر: "زوائد الهيثمي"(2/ 709)، وابن عبد البر في "الاستذكار"(5/ 25)، وقد جاء عند أبي شيبة في "مصنفه"(7/ 400) أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل سارة مولاة ابن هشام مع أبي بن خطل، وقصة قتل ابن خطل أخرجها البخاري في "صحيحه"، باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام (2/ 655).
(7)
صحيح سبق تخريجه وهو جزء من حديث العسيف.