الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنهم نجسٌ دينًا.
ب- وأما منعهم من الاستيطان في جزيرة العرب، فلما رواه ابن عباس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"أخرجوا المشركين من جزيرة العرب"(1)، وعن عمر بن الخطاب أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلمًا"(2).
• وجه الدلالة: أن هذه النصوص واضحة على وجوب إخراج الكفار من جزيرة العرب، وعدم إقامتهم فيها.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على حرية الذمي بالتنقل والسكن في أرض الإسلام، والدخول في أي البلاد حاشا جزيرة العرب؛ لعدم المخالف.
ومن الجدير بالذكر: أن الفقهاء نصوا على أن أهل الذمة لا يُمنعون من الاجتياز والمرور بجزيرة العرب وهم مسافرون، ولكن لا يُقيمون بها فوق ثلاثة أيام (3).
ويدل لذلك: ما جاء أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "ضرب لليهود والنصارى والمجوس بالمدينة إقامة ثلاثة أيام يتسوقون بها، ويقضون حوائجهم، ولا يقيم أحد منهم فوق ثلاث ليال"(4).
[241/ 23] جواز تعامل أهل الذمة فيما بينهم، وفيما بينهم وبين المسلمين:
• المراد بالمسألة: بيان أن الأصل المقرر في عموم التعامل مع أهل الذمة هو الجواز مطلقًا، ويستثنى من ذلك ما كان الحرام في ذات المتعامل فيه، كالعوض المحرم، مثل: الخمر، ولحم الخنزير، والميتة، أو كالمنفعة غير المباحة مثل: الفوائد الربوية، وكذلك يحرم التعامل في الوسائل التي يستعينون بها في إقامة دينهم،
(1) أخرجه البخاري، في أبواب الجزية، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب (3/ 1151، برقم 2997).
(2)
أخرجه مسلم، كتاب الجهاد، باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب (5/ 160، برقم 4693).
(3)
انظر: "المنتقى شرح الموطأ (7/ 195)، ومن الغريب أن بعض العلماء ينسبون إلى الإمام أبي حنيفة القول بجواز الاستيطان في الحجاز، والمقرر في كتب الأحناف خلاف ذلك، انظر: "شرح السير الكبير" (4/ 1541)، و"تبيين الحقائق" (3/ 280)، وقارن بما قاله الماوردي في "الأحكام السلطانية" (ص 215)، و"الإفصاح" (2/ 300).
(4)
أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى": (9/ 209).
وأعيادهم ونحو ذلك، مما ثبت النهي عنه، أما ما عدا ذلك فقد نُقل الإجماع على جواز التعامل معهم فيه.
• من نقل الإجماع: ابن حزم الظاهري (456 هـ) حيث يقول: (واتفقوا أن مبايعة أهل الذمة فيما بينهم، وفيما بينهم وبيننا، ما لم يكن رقيقهم، أو عقارهم، أو ما جرت عليه سهام المسلمين من السبي، إذا وقع على حكم ما يحل ويحرم في دين الإسلام علينا، فإنه جائز)(1).
والنووي (676 هـ) حيث يقول: (وقد أجمع المسلمون على جواز معاملة أهل الذِّمَّة، وغيرهم من الكفَّار إذا لم يتحقق تحريم ما معه)(2).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6).
• مستند الإجماع: ما ثبت وقوعه من معاملة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم واْصحابه بعد هجرته إلى المدينة، حيث عامل هو وأصحابه اليهود من أهل المدينة، وكانت معاملة الصحابة لهم أيضًا بمرأى منه ومسمع، ولم ينقل على كثرة معاملاتهم التجارية والمالية، وطول مدتها، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم منع منها، بل أحاديث كثيرة ثبت فيها تعامل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه مع يهود المدينة بالبيع، والشراء، والقرض، والرهن، وغير ذلك من المعاملات المالية والتجارية المباحة في ملتنا، ومما يدل على ذلك:
ما صح عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جاء رجل مشرك، مشعان (7) طويل، بغنم يسوقها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بيعا أم عطية؟ " أو قال: "هبة". قال: لا، بل بيع، فاشترى منه شاة"(8).
• وجه الدلالة: دلَّ الحديث على جواز التعامل مع أهل الشرك بالبيع والشراء،
(1)"مراتب الإجماع"(ص 158).
(2)
"شرح صحيح مسلم"(11/ 41).
(3)
انظر: "كشف الأسرار"(2/ 242).
(4)
انظر: "جواهر الإكليل"(2/ 4).
(5)
انظر: "الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص 254).
(6)
انظر: "المنثور في القواعد"(3/ 99).
(7)
مشعان: بضم أوله وتشديد النون، أي منتفش الشعر. انظر:"فتح الباري"(1/ 139).
(8)
أخرجه البخاري، كتاب البيوع، باب الشراء والبيع مع المشركين وأهل الحرب (2/ 772، برقم 2103).