الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والظاهرية (1).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} [التوبة: 38].
• وجه الدلالة من الآية الكريمة: حيث اقتضى ظاهر الآية وجوب النفير على من يُستنفر (2).
2 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهادٌ ونيةٌ وإذا استنفرتم فانفروا"(3).
أي: إذا طلبكم الإمام إلى الغزو فاخرجوا إليه وجوبًا، وهذا دليل على أن الجهاد يتعيَّن على من عيَّنه الإمام (4).
3 -
أن الخروج في هذه الحالة يجب لطاعة الإمام وطاعته واجبة، نقول اللَّه تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59].
قال القرطبي: (والاستنفار يبعد أن يكون موجبًا شيئًا لم يجب من قبل، إلا أن الإمام إذا عين قومًا وندبهم إلى الجهاد، لم يكن لهم أن يتثاقلوا عند التعيين، ويصير بتعيينه فرضًا على من عينه لا لمكان الجهاد، ولكن لطاعة الإمام واللَّه أعلم)(5).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق، لعدم وجود المخالف في ذلك، واللَّه أعلم.
[6/ 6] جهاد الطلب فرض كفاية:
• المراد بالمسألة: هذه هي المرحلة الأخيرة من مراحل تشريع الجهاد وهو جهاد الطلب.
• والمراد به: ابتداء قتال الكفار بديارهم عند القدرة عليهم حتى يكونوا مسلمين أو مسالمين. ونُقِلَ الإجماع على أن جهاد الطلب فرض كفاية إذا قام به من به كفاية سقط الإثم عن الباقين (6).
(1) انظر: "المحلى بالآثار"(7/ 291).
(2)
انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (3/ 112).
(3)
أخرجه البخاري، كتاب "الجهاد"، باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية (3/ 1040 برقم 2670).
(4)
انظر: "فتح الباري"(6/ 39).
(5)
انظر: "الجامع لأحكام القرآن"(8/ 142).
(6)
قال ابن السبكي: (فرض الكفاية: مهم يقصد حصوله من غير نظر بالذات إلى فاعله). "حاشية العطار =
• وممن نقل الإجماع: التميمي (350 هـ) حيث يقول: (وأجمع الفقهاء أن الجهاد فرضْ على الناس إلا من كفي مؤنة العدو منهم أباح لمن سواه التخلُّف ما كان على كفايته، إلا عبيد اللَّه بن الحسن فإنه قال: هو تطوع)(1).
والجصاص (370 هـ) حيث يقول: (ولا نعلم خلافًا بين الفقهاء يحظر قتال من اعتزل قتالنا من المشركين. .)(2).
والقاضي عبد الوهاب (422 هـ) حيث يقول: (ولا خلاف بين الأمة في وجوبه)(3).
وابن عطية (541 هـ) حيث يقول: (والذي استمر عليه الإجماع أن الجهاد على كل أمة محمد صلى الله عليه وسلم فرض كفاية)(4).
وابن رشد (595 هـ) حيث يقول: (فأما حكم هذه الوظيفة فأجمع العلماء على أنها فرض على الكفاية لا فرض عين إلا عبيد اللَّه بن الحسن (5)، فإنه قال: إنها تطوع) (6).
والرازي (606 هـ) حيث يقول: (والإجماع اليوم منعقد على أنه من فروض الكفايات، إلا أن يدخل المشركون ديار المسلمين فإنه يتعين الجهاد حينئذٍ على الكل، واللَّه أعلم)(7).
وابن القطان الفاسي (628 هـ) حيث يقول: (وأجمع المسلمون جميعًا على أن اللَّه فرض الجهاد على الكافة إذا قام به البعض سقط عن البعض)(8).
والزيلعي (743 هـ) حيث يقول: (قال رحمه الله: (الجهاد فرض كفاية ابتداء) يعني يجب علينا أن نبدأهم بالقتال وإن لم يقاتلونا لقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} . . وعليه إجماع الأمة) (9).
= على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع" (1/ 236).
(1)
"نوادر الفقهاء"(ص 161 - 162).
(2)
"أحكام القرآن" للجصاص (2/ 278).
(3)
"المعونة"(1/ 392).
(4)
"المحرر الوجيز"(1/ 289)، و"الجامع لأحكام القرآن"(3/ 38).
(5)
وقد وقع تصحيف في "بداية المجتهد" لابن رشد (1/ 380) إلى (عبد اللَّه بن الحسن)، والصواب أنه (عبيد اللَّه بن الحسن) كما في "نوادر الفقهاء" للتميمي (ص 162).
(6)
"بداية المجتهد"(1/ 305).
(7)
"التفسير الكبير"(6/ 21).
(8)
"الإقناع في مسائل الإجماع"(3/ 1013).
(9)
"تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق"(3/ 241).
• الموافقون على الإجماع: هو قول جمهور أهل العلم كما قال ابن قدامة (620): (والجهاد من فروض الكفايات في قول عامة أهل العلم، وحكي عن سعيد بن المسيب أنه من فروض الأعيان)(1).
وهو مذهب الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5)، وإليه ذهب الظاهرية (6).
• مستند الإجماع: أما دليل فرضية الجهاد، فأدلة كثيرة منها ما يلي:
1 -
قول اللَّه تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة: 216].
2 -
وقوله سبحانه: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 41].
• وجه الدلالة: أن هاتين الآيتين قطعِيَّتَا الدلالة على وجوب القتال؛ لأن الأولى واردة بصيغة (كتب)، والثانية بصيغة الأمر وهما صريحتان في الوجوب على الراجح عند علماء الأصول (7).
لكن هذه النصوص وردت بإزائها نصوص أخرى خصصت عمومها، ودلَّت على أن الوجوب ليس عينيًّا، وإنما فرض كفاية، ومن ذلك قوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [النساء: 95].
• وجه الدلالة من الآية: أن اللَّه تعالى وعد القاعدين عن الجهاد الحسنى، ولو كان الجهاد فرض عين لاستحق القاعد العقاب لا الثواب (8).
• الخلاف في المسألة: وخالف في ذلك بعض العلماء على قولين: القول الأول: أن
(1)"المغني"(13/ 6).
(2)
انظر: "الهداية شرح بداية المبتدي"(2/ 135)، و"بدائع الصنائع"(7/ 98).
(3)
انظر: "المختصر" لخليل (ص 90)، و"المقدمات الممهدات"(1/ 346).
(4)
انظر: "الأم"(4/ 161)، و"مغني المحتاج"(4/ 208).
(5)
انظر: "المغني"(13/ 6)، و"كشاف القناع"(3/ 32).
(6)
انظر: "المحلى بالآثار"(7/ 219).
(7)
انظر: "المذكرة في أصول الفقه"(ص 19).
(8)
انظر: "تفسير البغوي"(1/ 471).