الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قتل، فإن لم يكن أنبت لم يقتل (1). فجعل الإنبات علامة لجواز قتل الأسير.
فهذه الأدلة وأمثالها تدل على أن الشارع ربط التكليف، ولزوم الأحكام عامة بشرط البلوغ، فمن اعتبر بالغًا بأي علامة من علامات البلوغ فهو رجل تام أو امرأة تامة، مكلف -إن كان عاقلًا- كغيره من الرجال والنساء، يلزمه ما يلزمهم. وتنتهي ولاية الأب على الغلام إذا بلغ وعقل واستغنى برأيه. وعليه فإن إسلام الأب لا يشمل أبنائه البالغين لانتهاء ولايته عليهم.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على أن إسلام الحربي لا يشمل أولاده الكبار؛ لعدم المخالف، واللَّه تعالى أعلم.
[198/ 20] لزوم الإسلام على من أسلم أبواه جميعًا، وهو صغير لم يبلغ:
• المراد بالمسألة: بيان أن الطفل تبعٌ لأبويه في الأحكام الدنيوية، ولهذا فإن أطفال أهل الحرب غير البالغين يلزمهم الإسلام، إن أسلم أبويهم جميعًا. ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) حيث يقول: (وأجمعوا على أن حكم الطفل حكم أبويه إن كانا مسلمين، فحكمه حكم أهل الإسلام، وإن كانا مشركين، فحكمه حكم الشرك، يرثهم ويرثونه، ويحكم في ديته إن قتل، حكم دية أبويه)(2).
وابن حزم (456 هـ) حيث يقول: (واتفقوا أن من أسلم أبواه جميعًا، وهو صغير لم يبلغ، أنه يلزمه الإسلام)(3).
وشيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: (لكن الصغير حكمه في أحكام الدنيا حكم أبويه؛ لكونه لا يستقل بنفسه، فإذا بلغ وتكلم بالإسلام أو بالكفر، كان حكمه معتبرًا بنفسه باتفاق المسلمين)(4).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)،
(1) سبق تخريجه.
(2)
"الإجماع"(ص 85).
(3)
"مراتب الإجماع"(ص 203).
(4)
"مجموع الفتاوى"(35/ 226).
(5)
انظر: "شرح السير الكبير"(5/ 1877)، و"بدائع الصنائع"(7/ 102).
(6)
انظر: "بداية المجتهد"(1/ 175).
(7)
انظر: "مغني المحتاج"(2/ 423).
والحنابلة (1).
• مستند الإجماع:
1 -
قول اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21].
• وجه الدلالة: حيث دلَّت الآية الكريمة أن اللَّه تعالى يلحق الأولاد الصِّغار وإن لم يبلغوا الإيمان، بأحكام الآباء المؤمنين (2).
2 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة هل ترى فيها جدعاء"(3)(4).
• وجه الدلالة: حيث ألحق النبي صلى الله عليه وسلم الطفل بأبويه في الحكم في الدنيا، فكأنه قال لهم: حكم الطفل في الدنيا حكم أبويه فاعرفوا ذلك بالأبوين، فمن كان صغيرًا بين أبوين كافرين ألحق بحكمهما، ومن كان صغيرًا بين أبوين مسلمين ألحق بحكمهما (5).
3 -
أنه لما كان الطفل غير مستقل بنفسه، لم يكن له بد من ولى يقوم بمصالحه ويكون تابعًا له، وأحق من نصب لذلك الأبوان، فهو تابعٌ لهما، فإن أسلما لزمه أن يتبعهما (6).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على أن الطفل الذي لم يبلغ، أنه تابع لأبويه في أحكام الدنيا، فإذا أسلما فإنه يلزمه الإسلام؛ لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
(1) انظر: "المغني"(13/ 115)، و"الكافي"(4/ 218).
(2)
انظر: "تفسير البغوي"(4/ 239).
(3)
يقول ابن القيم: (تشبيه المولود في ولادته عليها (أي الفطرة) بالبهيمة الجمعاء وهي الكاملة الخلق، ثم تشبيهه إذا خرج عنها بالبهيمة التي جدعها أهلها فقطعوا أذنها دليل على أن الفطرة هي الفطرة المستقيمة السليمة، وما يطرأ على المولود من التهويد والتنصير بمنزلة الجدع والتغيير في ولد البهيمة)، "حاشية ابن القيم على سنن أبي داود"(12/ 318).
(4)
أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين (1/ 465، برقم 1319).
(5)
انظر: "التمهيد"(18/ 87).
(6)
انظر: "أحكام أهل الذمة"(2/ 895).