الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على جواز دك حصون العدو، وإتلاف أموالهم المستخدمة حال القتال، وما يُعد قوة لهم، لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[34/ 13] إتلاف شجر العدو وزرعه إذا دعت الحاجة إلى إتلافه:
• المراد بالمسألة: بيان جواز إحراق وإتلاف زروع الكفار، وقطع شجرهم، إذا دعت الحاجة إلى إتلافه، كأن يحتمون ويستترون به، أو إذا لم نقدر على الظفر بهم إلا بذلك. وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: (الشجر والزرع ينقسم ثلاثة أقسام، أحدها: ما تدعو الحاجة إلى إتلافه كالذي يقرب من حصونهم، ويمنع من قتالهم، أو يسترون به من المسلمين، أو يحتاج إلى قطعه لتوسعة طريق، أو تمكن من قتال، أو سد بثق، أو إصلاح طريق، أو ستارة منجنيق، أو غيره، أو يكونون يفعلون ذلك بنا، فيفعل بهم ذلك، لينتهوا، فهذا يجوز، بغير خلاف نعلمه)(1).
وشيخ الإسلام (728 هـ) حيث يقول: (ولهذا اتفق العلماء على جواز إتلاف الشجر والزروع الذي للكفار إذا فعلوابنا مثل ذلك، أو لم يقدر عليهم إلا به)(2) وقال أيضًا: (كما أبحنا إتلاف البناء والغراس لأهل الحرب مثل ما يفعلون بنا، بغير خلاف)(3).
وابن التركماني (750 هـ) حيث يقول: (مع أن قطع الشجر يجوز عند الحاجة بالاتفاق)(4).
والمرداوي (885 هـ) حيث يقول: (اعلم أن الزرع والشجر ينقسم ثلاثة أقسام. أحدها: ما تدعو الحاجة إلى إتلافه لغرض ما، فهذا يجوز قطعه وحرقه، قال المصنف والشارح: بغير خلاف نعلمه)(5).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (6)، والمالكية (7)، والشافعية (8)،
(1)"المغني"(13/ 146).
(2)
"منهاج السنة النبوية"(3/ 442).
(3)
"مجموع الفتاوى"(28/ 414).
(4)
"الجوهر النقي"(9/ 87).
(5)
"الإنصاف"(4/ 127).
(6)
انظر: "حاشية ابن عابدين"(4/ 129)، و"المبسوط"(10/ 31)، و"شرح السير الكبير"(1/ 43).
(7)
انظر: "المدونة"(2/ 7)، و"القوانين الفقهية"(ص 153).
(8)
انظر: "روضة الطالبين"(10/ 258)، و"مغني المحتاج"(4/ 223).
والحنابلة (1)، والظاهرية (2).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة: 120].
• وجه الدلالة: أن المجاهدين في سبيل اللَّه لا يطؤون أرض الكفار ولا ينالون منهم نيلًا بإتلاف مال أو قتل نفس، إلا كتب لهم بذلك عمل صالح قد ارتضاه اللَّه لهم (3). وإذا كان الأمر كذلك جاز فعل ما فيه غيظ للكفار، ونيل منهم وعمل صالح يثابون عليه.
2 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير، وقطع وهي البويرة (4)، فأنزل اللَّه تعالى:{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)} [الحشر: 5].
قال النووي: (وفي هذا الحديث دليل على جواز قطع شجر الكفار وإحراقه)(5).
3 -
أنه لما زادت جرأة ثقيف، وامتناعها عن الاستسلام في غزوة الطائف، عند ذلك أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقطع أعنابهم ونخيلهم وتحريقها إغاظة لهم، فسارع المسلمون إلى ذلك وقطعوا قطعًا ذريعًا، حتى نادى الثقفيون: يا محمد، لم تقطع أموالنا؟ إما أن تأخذها إن ظهرت علينا، وإما أن تدعها للَّه وللرحم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"فإني أدعها للَّه وللرحم"(6).
• وجه الدلالة: أنه لو لم يكن حرق زروع الكفار، ونخيلهم جائزًا ما فعله صلى الله عليه وسلم.
4 -
ولأن ذلك من باب القتال، لما فيه من كبت العدو وقهرهم وغيظهم (7).
(1) انظر: "المبدع"(3/ 319)، و"كشاف القناع"(3/ 42).
(2)
انظر: "المحلى بالآثار"(7/ 294).
(3)
"جامع البيان"(6/ 511).
(4)
البويرة: موضع منازل بني النضير وهم اليهود الذين غزاهم النبي صلى الله عليه وسلم بعد أحد، وهي شرق العوالي من ظهر المدينة. انظر:"معجم البلدان"(1/ 607).
(5)
"شرح صحيح مسلم"(11/ 295).
(6)
انظر: "سيرة ابن هشام"(2/ 478)، و"مغازي الواقدي"(3/ 924)، و"زاد المعاد"(3/ 496)، و"التلخيص الحبير"(4/ 112).
(7)
"بدائع الصنائع"(6/ 63)، و"المبسوط"(10/ 32).