الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الفصل الخاص بأحكام الحربي عند مسألة: (الحربي إذا استولى على الحر المسلم أو الذمي لم يملكه، ولا يُزيل عنه الحرية).
وكانت النتيجة التي توصَّل إليها الباحث: أن الإجماع متحقق على أن استرقاق الحربي للحر الذمي لا يزيل حريته، ولا يثبت به الرق عليه، ولا ينقض عقد الذمة؛ لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[245/ 27] نقض الذمة بالتجسس:
• المراد بالمسألة: بيان أن الذمي المقيم إقامة دائمة في دار الإسلام، وكان قد شُرط عليه عدم القيام بالتجسس على عورات المسلمين، أو الدلالة عليها بالمكاتبة أو غيرها، فإنه ينتقض عهده، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: الحافظ ابن حجر (852 هـ) حيث يقول: (قال النووي: "فيه قتل الجاسوس الحربي الكافر وهو باتفاق وأما المعاهد والذمي فقال مالك والأوزاعي: ينتقض عهده بذلك، وعند الشافعية خلاف" (1). أما لو شرط عليه ذلك في عهده فينتقضن اتفاقًا) (2)، ونقله مقرًّا له الشوكاني (1255 هـ)(3)، والعظيم آبادي (1329 هـ)(4).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: المالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7).
• مستند الإجماع:
1 -
عن فرات بن حيان: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمر بقتله، وكان عينًا لأبي سفيان، وكان حليفًا لرجل من الأنصار، فمر بحلقة من الأنصار، فقال: إني مسلم، فقال رجل من الأنصار: يا رسول اللَّه، إنه يقول: إني مسلم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن منكم رجالًا نكلهم إلى إيمانهم، منهم فرات بن حيان" (8).
(1) هنا ينتهي كلام النووي كما في "شرح صحيح مسلم"(67/ 12)، وما بعده من كلام الحافظ ابن حجر.
(2)
"فتح الباري"(6/ 169).
(3)
"نيل الأوطار"(8/ 155).
(4)
"عون المعبود"(7/ 226).
(5)
انظر: "حاشية الدسوقي"(2/ 205)، و"مواهب الجليل"(3/ 357).
(6)
انظر: "روضة الطالبين"(10/ 329)، و"تكملة المجموع"(18/ 205).
(7)
انظر: "الأحكام السلطانية" لأبي يعلى (ص 159)، و"أحكام أهل الذمة"(3/ 1370).
(8)
أخرجه أحمد في "مسنده"(4/ 336)، وأبو داود في "سننه"(3/ 48، رقم 2652)، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة" برقم (1701).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل هذا الجاسوس، ولكنه لما أسلم، وأقلع عن عمله المشين، فدلَّ ذلك أن حكم الجاسوس الذمي هو القتل.
2 -
أن عقد الذمة إذا اشترط فيه أن لا يتجسس الذمي، ولا ينقل عورات المسلمين، ثم خالف الذمي ذلك الشرط، كان غير ملتزم بالعقد فيبطل، والحكم المعلَّق بالشرط لا يوجد إلا بوجود الشرط، وعليه فإن العقد في هذه الحال انتقض، فعاد حربيًّا، وأمر عقابه إلى إمام المسلمين.
• الخلاف في المسألة: يرى الحنفية أن تجسس الذمى لا ينقض عهده سواء شُرط عليه، أو لم يُشرط عليه (1).
واحتجوا بما سبق في قصة حاطب رضي الله عنه، فلم يكن لا بتجسسه لحساب المشركين، وهو مسلم ناقض لإيمانه، فكذلك الذمي لا يكون بتجسسه ناقض لأمانه.
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق عدى أن تجسس الذمي الذي شُرط عديه أن لا يتجسس فتجسس أنه ينقض عهده؛ لثبوت الخلاف في ذلك، واللَّه تعالى أعلم.
* * *
(1)"شرح السير الكبير"(5/ 2041)، و"حاشية ابن عابدين"(4/ 212).