الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول مسائل الإجماع في حكم الجهاد، وفضله، وعلى من يجب
[1/ 1] حظر الجهاد قبل الهجرة:
• تعريف الهجرة:
الهجرة لغة: اسمٌ مِنْ هَاجَرَ مُهَاجَرةً. وهي: التَّرْكُ والمُفَارَقَةُ (1).
وفي الاصطلاح: الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام (2).
والمراد بالهجرة هنا: الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة النبوية.
• المراد بالمسألة: ذكر العلماء أن تشريع الجهاد مر بمراحل متدرجة، فالمرحلة الأولى ما كان قبل الهجرة حيث لم يكن هناك أمر بجهاد قتالي دفعًا أو طلبًا. ولذلك نقل الإجماع على أن حكم الجهاد قبل الهجرة كان محرمًا.
• وممن نقل الإجماع: أبو بكر الجصاص (370 هـ) حيث يقول: (لم تختلف الأمة أن القتال كان محظورًا قبل الهجرة)(3).
والقرطبي (671 هـ)، حيث يقول:(ولا خلاف في أن القتال كان محظورًا قبل الهجرة)(4).
والشوكاني (1250 هـ)، حيث يقول:(لا خلاف بين أهل العلم أن القتال كان ممنوعا قبل الهجرة)(5).
• الموافقون للإجماع: ووافق على ذلك الحنفية (6)، والمالكية (7)، والشافعية (8)، والحنابلة (9).
(1) انظر: "المصباح المنير"(2/ 634)، مادة (هجر).
(2)
انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 484)، و"فتح الباري"(1/ 16).
(3)
"أحكام القرآن" للجصاص (1/ 319).
(4)
"الجامع لأحكام القرآن"(2/ 347).
(5)
"فتح القدير"(1/ 293).
(6)
"حاشية رد المحتار"(4/ 298).
(7)
"حاشية الصاوي على الشرح الصغير"(4/ 298).
(8)
"الأم"(4/ 169)، و"مغني المحتاج"(4/ 276).
(9)
انظر: "الصارم المسلول"(1/ 104).
يقول شيخ الإسلام: (وهذا من العلم العام بين أهل المعرفة بسيرة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يخفى على أحد منهم أنه صلى الله عليه وسلم كان قبل الهجرة وبعيدها ممنوعًا عن الابتداء بالقتل والقتال)(1).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94)} [الحجر: 94]، وقوله تعالى:{فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: 85].
• وجه الدلالة: حيث دلَّت الآيتان أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤمر في مكة قبل الهجرة إلى المدينة بقتال الكفار، وإنما كان مأمورًا مدة إقامته بمكة بالصفح والإعراض عن المشركين (2).
2 -
وقوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)} [الحج: 39].
• ووجه الدلالة: أن اللَّه سبحانه وتعالى صرَّح بالإذن بالقتال، بمعنى: أباحه وأجازه؛ (لأن هذا هو معنى الإذن الشرعي)(3)، فدلَّ ذلك أنه كان قبل ذلك غير مأذون فيه، وغير مباح، وهذا معنى التحريم (4).
قال ابن العربي: (فلما عتت قريش على اللَّه، وردوا أمره وكرامته، وكذبوا نبيه، وعذبوا من آمن به وعبده ووحده، وصدق نبيه، واعتصم بدينه، أذن اللَّه لرسوله في القتال والامتناع والانتصار ممن ظلمهم وبغى عليهم؛ فكانت أول آية أنزلت في إذنه له بالحرب وإحلاله له الدماء: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} (5).
3 -
ما ورد في سبب نزول قول اللَّه تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ} [النساء: 77].
فقد نزلت هذه الآية في نفر من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منهم عبد الرحمن بن عوف، والمقداد بن الأسود، وقدامة بن مظعون، وسعد بن أبي وقاص كانوا يلقون من المشركين أذىً كثيرًا ويقولون: يا رسول اللَّه، ائذن لنا في قتال هؤلاء، فيقول لهم:
(1) المصدر السابق.
(2)
انظر: "الحاوي الكبير"(14/ 105).
(3)
"مجموع الفتاوي"(14/ 388)، وانظر:"أحكام القرآن" لابن الحربي (3/ 300).
(4)
انظر: "فتح الباري"(6/ 120).
(5)
"أحكام القرآن" لابن الحربي (3/ 301).