الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المذاهب الأربعة (1).
• مستند الإجماع: عن ابن عباس قال: لما كان يوم بدر قال صلى الله عليه وسلم: "من قتل قتيلًا فله كذا ومن أسر أسيرًا فله كذا وكذا"، وكانوا قتلوا سبعين وأسروا سبعين فجاء أبو اليسر ابن عمرو بأسيرين فقال: يا رسول اللَّه، إنك وعدتنا من قتل قتيلا فله كذا وقد جئت بأسيرين، فقام سعد فقال: يا رسول اللَّه، إنا لم يمنعنا زيادة في الأجر ولا جبن عن العدو، ولكنا قمنا هذا المقام خشية أن يعطف المشركون؛ فإنك إن تعطِ هؤلاء لا يبقَ لأصحابك شيء. قال: وجعل هؤلاء يقولون وهؤلاء يقولون، فنزلت {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)} [الأنفال: 1] فسلموا الغنيمة لرسول صلى الله عليه وسلم، ثم نزلت {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] الآية (2).
• وجه الدلالة: أن هذه الآية نزلت في الأموال التي ظفر بها المسلمون من المشركين يوم بدر، وإنما كان ذلك بطريق القهر والغلبة، كما لا يخفى.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق على أن الغنيمة هي ما أخذ بطريق الغلبة من أهل الحرب؛ لعدم المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[72/ 2] أن قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 41] نزل بعد قوله سبحانه: {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1]:
• المراد بالمسألة: بيان أن الغنائم كانت في بدء الإِسلام لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصنع بها ما يشاء، كما قال تعالى:{قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} ثم نسخ ذلك بقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} ، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: (لم يختلفوا أن قوله عز وجل: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} نزلت بعد قوله: {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ})(3).
(1) انظر: "أنيس الفقهاء"(ص 183)، و"التعريفات" للجرجاني (ص 168)، و"تحرير ألفاظ التنبيه"(ص 317)، و"الكليات"(3/ 306)، و"المطلع"(ص 216).
(2)
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(5/ 239، برقم 9483)، وأبو نعيم في "الحلية"(7/ 102).
(3)
"الاستذكار"(5/ 151).
ونقل القرطبي (671 هـ) إجماع ابن عبد البر السابق مقرًّا له حيث قال: (ومما يدل على صحة هذا. .)(1).
• الموافقون للإجماع: هو قول ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك، والشعبي، والسدي (2)، وعليه يجيء مذهب أكثر الفقهاء؛ لأن جمهورهم يقول: لا يجوز للإمام أن ينفل أحدًا من الغنمية شيئًا إلا من سهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن أربعة الأخماس قد صارت لمن شهد الحرب من الجيش.
وهو قول جمهور المفسرين ومنهم ابن المنذر والقاضي عياض وابن العربي كما قال القرطبي (3).
• مستند الإجماع: ما ورد في سبب نزول الآية: فعن ابن عباس قال: لما كان يوم بدر قال صلى الله عليه وسلم: "من قتل قتيلًا فله كذا ومن أسر أسيرًا فله كذا"، وكانوا قتلوا سبعين وأسروا سبعين، فجاء أبو اليسر بن عمرو بأسيرين فقال: يا رسول اللَّه، إنك وعدتنا من قتل قتيلًا فله كذا وقد جئت بأسيرين، فقام سعد فقال: يا رسول اللَّه، إنا لم يمنعنا زيادة في الأجر ولا جبن عن العدو، ولكنا قمنا هذا المقام خشية أن يعطف المشركون، فإنك إن تعطِ هؤلاء لا يبقَ لأصحابك شيء، قال: وجعل هؤلاء يقولون وهؤلاء يقولون فنزلت {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)} [الأنفال: 1]، فسلموا الغنيمة لرسول صلى الله عليه وسلم، ثم نزلت {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] الآية (4).
• وجه الدلالة: أن هذا الأثر صريح في أن نزول {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} جاء متأخرًا بعد نزول {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} حيث رتب ذلك بـ (ثم) والتي تفيد الترتيب، وهذا معنى النسخ.
• الخلاف في المسألة: وقد قيل: إن الآية محكمة غير منسوخة، وأن الغنيمة لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وليست مقسومة بين الغانمين وحكاه المازري عن كثير من المالكية.
(1)"الجامع لأحكام القرآن"(8/ 2).
(2)
انظر: "الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد (ص 217)، و"نواسخ القرآن" لابن الجوزي (2/ 439)، و"جامع البيان"(9/ 114).
(3)
المصدر السابق.
(4)
سبق تخريجه.