الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة:
1 - أن الإجماع متحقق على جواز إعطاء الإمام الأمان، لعدم المخالف في ذلك.
2 -
أن الإجماع متحقق على جواز إعطاء آحاد الرعية الأمان، إذا كان بإذن الإمام.
3 -
أن الإجماع غير متحقق على جواز إعطاء آحاد الرعية الأمان إذا لم يأذن به الإمام، لوجود الخلاف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[158/ 2] صحة أمان المرأة للعدو:
• المراد بالمسألة: أن أمان المرأة المسلمة الحرة صحيح كالرجل، فإذا أعطت امرأة مسلمة لبعض الكفار أو أحدهم أمانًا، بألَّا يقتله أو يعرض له أحد من المسلمين، صح أمانها، وحرم أن يخفر أمانها أحد من المسلمين، ونقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: الترمذي (276 هـ) حيث يقول: (والعمل على هذا عند أهل العلم، أجازوا أمان المرأة)(1).
وابن المنذر (318 هـ) حيث يقول: (وأجمعوا أن أمان المرأة جائز، وانفرد الماجشون فقال: لا يجوز)(2).
وعلاء الدين السمرقندي (539 هـ) حيث يقول: (أمان الواحد الحر أو العبد المقاتل أو المرأة صحيح بلا خلاف)(3).
وابن قدامة المقدسي (620 هـ) حيث يقول: (وبالمرأة، فإن أمانها يصح في قولهم جميعًا)(4).
ونقله أيضًا: ابن مفلح (763 هـ)(5)، والقنوجي (1307 هـ)(6)، وابن القاسم (1392 هـ)(7).
• الموافقون للإجماع: وافق على أن أمان المرأة الحرة جائزٌ كالرجل: الحنفية (8)،
(1)"جامع الترمذي"(4/ 141).
(2)
"الإجماع"(ص 73).
(3)
"تحفة الفقهاء"(3/ 296).
(4)
"المغني"(13/ 76).
(5)
"الفروع"(6/ 248).
(6)
"الروضة الندية"(2/ 759).
(7)
"حاشية الروض المربع"(4/ 296).
(8)
انظر: "الهداية"(2/ 431)، و"شرح فتح القدير"(5/ 462).
والمالكية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3)، والثوري، والأوزاعي، وأبو ثور، وإسحاق، وداود، وغيرهم (4).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] وقوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27].
• وجه الدلالة: فهاتان الآيتان عامتان في الأمر بالوفاء والنهي عن الخيانة مطلقًا، ويدخل فيها المرأة كما يدخل فيها الرجل ولا فرق.
2 -
عن عليٍّ قال: ما كتبنا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا القرآن، وما في هذه الصَّحيفة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"المدينة حرامٌ، ما بين عائِرٍ إلى ثور، فمن أحدثَ حَدثًا، أو آوى مُحدثًا؛ فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين، لا يُقبلُ منه عدلٌ ولا صَرف، وذمَّة المسلمين واحدة؛ يسعى بها أدناهم، فمن أخْفرَ مُسلمًا، فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين، ولا يُقبل منه صرفٌ ولا عدل"(5).
• وجه الدلالة: أن قوله صلى الله عليه وسلم: "ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم" عام في جميع المسلمين، دون تفريق بين ذكر وأنثى.
3 -
وعن ابن عباسٍ قال: حدثتني أم هانئ بنت أبي طالب، أنها أجارت رجلًا من المشركين يوم الفتح، فأراد علي قتله، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، قال:"قد أجرْنَا من أجَرْتِ، وأمَّنَّا من أمَّنتِ"(6).
4 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "إن كانت المرأة لَتُجير على المؤمنين فيجوزُ"(7).
5 -
وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن المرأة لتأخذ للقوم"، يعني: تجير على المسلمين (8).
(1) انظر: "الذخيرة"(3/ 444)، و"الكافي"(1/ 469).
(2)
"الأم"(7/ 370)، و"الحاوي الكبير"(18/ 223).
(3)
"المغني"(13/ 75)، و"المقنع"(10/ 341 - مع "الشرح الكبير" و"الإنصاف").
(4)
وانظر لبقية المذاهب المذكورة: "الأوسط"(11/ 262)، و"الجامع لأحكام القرآن"(8/ 76).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
سبق تخريجه.
(7)
أخرجه أبو داود في "سننه"، كتاب الجهاد، باب في أمان المرأة (3/ 85، رقم 2764).
(8)
أخرجه الترمذي في جامعه، كتاب السير، باب ما جاء في أمان العبد والمرأة (4/ 143، رقم 1579)، =
6 -
عن أنس رضي الله عنه قال: لما أسر أبو العاص زوج زينب بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قالت زينب: إني قد أجرت أبا العاص، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"قد أجرنا من أجارت زينب، إنه يجير على المسلمين أدناهم"(1).
• وجه الدلالة من النصوص السابقة: أنها صريحة الدلالة في ثبوت أمان المرأة وصحته.
• الخلاف في المسألة: يرى بعض العلماء أن أمان المرأة موقوفٌ على إجازة الإمام، رُوي عن خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص ما يدلُّ على ذلك (2).
وبه قال من أصحاب مالك: سحنون، وعبد الملك بن الماجشون (3).
ومستندهم في المنع من تأمين المرأة مما وقفت عليه ما يأتي:
1 -
يحتمل أن يكون لأنها ليست من أهل القتال، فلم يكن لها تصرف في الأمان.
2 -
وأجابوا عن حديث أم هانئ من وجهين: الأول: قالوا: لو كان تأمينها جائزًا على كل حالٍ دون إذن الإمام؛ ما أراد عليٌّ قتل من أمَّنتْهُ، وهو قد حرُم بتأمينها دمُه.
• والثاني: قالوا: ولو كان تأمينها جائزًا لقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الجواب عن ذلك قولًا مُسْتقلًّا يعمُّ أمانَ النساء، وإنما جاوبها على الخصوص في ذلك، إنما قال:"قد أجَرنا من أجرتِ، وأمَّنَّا من أمنتِ"، فهو دليل على أن أمان المرأة موقوفٌ على إجازة الإمام أو ردِّه (4).
النتيجة:
أن الإجماع متحقق، وأما خلاف ابن الماجشون وسحنون فشاذ (5)، واللَّه تعالى أعلم.
= وقال الترمذي: حسن غريب. وسألت محمدًا (يعني: البخاري) فقال: هذا حديث صحيح. وأحمد في "المسند"(2/ 365) ولفظ أحمد: "يُجير على أمتي أدناهم".
(1)
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(5/ 224)، والحاكم في "المستدرك"(4/ 49).
(2)
"الأوسط"(11/ 255)، و"الاستذكار"(14/ 89).
(3)
انظر: "الكافي"(1/ 469)، و"الأوسط"(11/ 262)، و"فتح الباري"(6/ 273)، و"نيل الأوطار"(8/ 181).
(4)
انظر: "بداية المجتهد"(1/ 280).
(5)
قال ابن عبد البر في "الاستذكار"(14/ 88): (وكان ابن الماجشون وسحنون يقولان: أمان المرأة موقوف على إجازة الإمام لها، فإن أجازه لها جاز، فهو قول شاذ، لا أعلم قال به غيرهما من أئمة الفتوى).