الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمكة؟ قال: "وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور"(1)، وكان للنبي صلى الله عليه وسلم دار بمكة ورثها من خديجة رضي الله عنها، فاستولى عليه عقيل وكان مشركًا (2).
• الخلاف في المسألة: يرى الشافعية وأحمد في رواية، والظاهرية: أن الحربي لا يملك مال المسلم بحال، ومتى ظهر المسلم على ماله، فإنه يأخذه، وهو أحق به (3).
وحجتهم:
1 -
عن أنس بن مالك: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه"(4).
2 -
ولأن المسلم إذا استولى على مال مسلم آخر لا يصير ملكًا له، فكذلك الحربي إذا أسلم من باب أولى.
3 -
ولأن عصمة مال المسلم باقية، كعصمة نفسه، فاستيلاؤهم على أموال المسلمين محظور، ولا ينتهض سببًا للملك.
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق على أن ما استولى عليه أهل الحرب من أموال المسلمين ثم أسلموا فهو لهم؛ لوجود الخلاف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[200/ 22] إسلام رقيق الحربي لا يزيل الرق عنه، ويسعى لتخليصه منه
.
• المراد بالمسألة: بيان أن من مُلِك واستُرِق من الكفار، ثم بدا له أن يسلم، فأسلم، أن إسلامه لا يُزيل الرق عنه، فرقُّه باقٍ لمالكه، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• الناقلون للإجماع: الجصاص (370 هـ) حيث يقول: (وقد اتفقوا أيضًا على أن عبد الحربي المستأمن لو أسلم، منع من رده إلى دار الحرب، وأجبره على بيعه)(5).
(1) أخرجه البخارى، كتاب الحج، باب توريث دور مكة وبيعها (2/ 575، رقم 1511).
(2)
انظر: "تكملة المجموع"(19/ 346).
(3)
انظر: "البيان"(12/ 190)، و"روضة الطالبين"(10/ 294)، و"المبدع"(3/ 356)، و"المحلى"(7/ 300).
(4)
أخرجه الدارقطني في "سننه"(3/ 26، برقم 91)، وأحمد في "مسنده"(5/ 73)، وضعَّفه الحافظ في "التلخيص الحبير"(3/ 112).
(5)
"مختصر اختلاف العلماء"(3/ 450).
ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: (واتفقوا أن من أسلم منهم بعد أن ملك، فإن الرق باقٍ عليه)(1).
والنووي (676 هـ) حيث يقول: (يتصور ملك الكافر عبدًا مسلمًا وجارية مسلمة في صور منها: أن يسلم عبده أو أمته فلا يزول ملكه بنفس الإسلام بلا خلاف، لكن يؤمر بإزالة الملك)(2)، وقال أيضًا:(إذا كان في يد الكافر عبد كافر فأسلم، لم يزل ملكه عنه بلا خلاف، ولكن لا يقر في يده، بل يؤمر بإزالة ملكه عنه ببيع أو هبة أو عتق أو غيرها)(3).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7).
• مستند الإجماع:
1 -
عن عمران بن حصين قال: "كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأسر أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رجلًا من بني عقيل، واْصابوا معه العضباء، فأتى عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو في الوثاق قال: يا محمد، فأتاه فقال: "ما شأنك؟ ". فقال: بم أخذتني؟ وبم أخذت سابقة الحاج؟ (8) فقال إعظامًا لذلك: "أخدتك بجريرة حلفائك ثقيف". ثم انصرف عنه، فناداه فقال: يا محمد يا محمد. وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رحيمًا رقيقًا فرجع إليه فقال: "ما شأنك؟ ". قال: إني مسلم. قال: "لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح" (9).
قال الشافعي: (وهكذا من أسر من المشركين فأسلم حقن له إسلامه دمه، ولم يخرجه إسلامه من الرق)(10)
(1)"مراتب الإجماع"(ص 201).
(2)
"المجموع"(9/ 336).
(3)
المرجع السابق (9/ 338).
(4)
انظر: "شرح السير الكبير"(4/ 1249)، و"حاشية ابن عابدين"(3/ 195).
(5)
انظر: "تهذيب المدونة"(1/ 297).
(6)
انظر: "الأم"(4/ 253).
(7)
انظر: "المغني"(13/ 47).
(8)
المقصود بـ (سابقة الحاج) يعني ناقته العضباه، و (بجريرة حلفائك) أي بجنايتهم. انظر:"الديباج على مسلم"(4/ 241).
(9)
أخرجه مسلم، كتاب النذور، باب لا وفاء لنذر في معصية اللَّه ولا فيما لا يملك العبد (5/ 78، برقم 4333).
(10)
"الأم"(4/ 253)