الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: "وفي الركاز الخمس"(1).
• وجه الدلالة: فإنه يدل بعمومه على وجوب الخمس في كل ركاز يوجد، وبمفهومه على أن باقية لواجده من كان.
2 -
ولأنه مال كافر مظهور عليه، فكان فيه الخمس على من وجده، وباقيه لواجده، كالغنيمة.
• الخلاف في المسألة: ويرى الشافعية إلى أنه لا يجب الخمس إلا على من تجب عليه الزكاة، ويمنع الذمي من أخذ المعدن والركاز بدار الإسلام، كما يمنع من الإحياء بها؛ لأن الدار للمسلمين وهو دخيل فيها (2).
النتيجة:
أن الإجماع غير متحقق على أخذ ما يجب في الركاز من الذمي، لوجود الخلاف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[232/ 14] جواز أخذ العشر من التاجر الذمي:
سبق بحث هذه المسألة سابقًا في فصل الجزية عند مسألة: (جواز أخذ العشر على تجار أهل الذمة زيادة على الجزية إذا شُرط عليهم).
وقد توصلنا إلى النتيجة التالية: أن الإجماع متحقق على جواز أخذ العشر من تجار غير المسلمين إذا دخلوا بلاد الإسلام، لعدم وجود المخالف المعتبر، واللَّه تعالى أعلم.
[233/ 15] جواز تقاضي الذميين أمام الحاكم المسلم:
• تعريف القضاء:
• القضاء لغة: يرِد بمعنى الحكم، والجمع (أقضية) ويرد القضاء بمعانٍ أخرى كالفراغ والأداء والإنهاء (3).
وأما في اصطلاح الفقهاء فهو: الإخبار بحكم شرعي على وجه الإلزام (4).
(1) أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب في الركاز الخمس (2/ 545، برقم 1428).
(2)
انظر: "مغني المحتاج"(1/ 395).
(3)
انظر: "مختار الصحاح"(ص 540)، مادة (قضى).
(4)
"البهجة في شرح التحفة"(1/ 25).
• المراد بالمسألة: بيان أنه إذا كان طرفي الدعوى ذميين، ورضيا برفع الدعوى إلى الحاكم المسلم، فللحاكم المسلم أن يحكم بينهم فيما عرض عليه من نزاع بحكم دين الإسلام، وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) حيث يقول: (واتفقوا على أنه إن حكم بين الذميين الراضيين بحكمه، مع رضا حكام أهل دين ذينك الذميين، أن ذلك له وأنه يحكم بما أوجبه دين الإسلام)(1).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5)، والظاهرية (6).
• مستند الإجماع:
1 -
الآيات الصريحة التي تدل على مشروعية الحكم بينهم، مثل قوله سبحانه وتعالى:{فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [المائدة: 42]. وقوله سبحانه وتعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: 49].
2 -
وعن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: إن اليهود جاؤوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكروا له أن رجلًا منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ ". فقالوا: نفضحهم ويجلدون، قال عبد اللَّه بن سلام: كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدهم يده على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد اللَّه بن سلام: ارفع يدك فرفع يده، فإذا فيها آية الرجم، قالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرجما، فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة (7).
(1)"مراتب الإجماع"(ص 86).
(2)
انظر: "بدائع الصنائع"(2/ 311)، و"أحكام القرآن" للجصاص (2/ 528).
(3)
انظر: "المدونة الكبرى"(4/ 400)، و"تفسير القرطبي"(6/ 184).
(4)
انظر: "مغني المحتاج"(3/ 195).
(5)
انظر: "كشاف القناع"(3/ 140)، و"المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف"(10/ 491).
(6)
انظر: "المحلى"(9/ 425).
(7)
أخرجه البخاري، كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب أحكام أهل الذمة وإحصانهم إذا زنوا ورفعوا إلى الإمام (6/ 2510، برقم 6450).