الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة:
1 -
حيث حمل العلماء المراد بالسفر في هذه الأحاديث سفر الجهاد ونحوه من كل سفر واجب (1).
2 -
وبما تقرر في كتب الأصول أن الوسائل لها أحكام المقاصد، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب؛ فوسائل المأمورات مأمور بها، ووسائل المنهيات منهي عنها (2)، فإذا كان المقصد هنا وهو الجهاد واجبًا إما وجوبًا كفائيًّا أو عينيًّا، فكذلك يكون حكم السفر له؛ لأنه وسيلة لتحقيقه.
قال القرافي (684 هـ): (فكما أن وسيلة المحرم محرمة فوسيلة الواجب واجبة كالسعي للجمعة والحج. . ومما يدل على حسن الوسائل الحسنة قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة: 120]، فأثابهم اللَّه على الظمأ والنصب وإن لم يكونا من فعلهم؛ بسبب أنهما حصلا لهم بسبب التوسل إلى الجهاد الذي هو وسيلة لإعزاز الدين وصون المسلمين، فيكون الاستعداد وسيلة الوسيلة)(3).
النتيجة:
صحة الإجماع في حال تعتن الجهاد، حيث لم أقف على من خالف في ذلك، واللَّه تعالى أعلم.
[10/ 10] تفضيل الرباط في ثغور المسلمين على المجاورة في المساجد الثلاثة:
• المراد بالمسألة: بيان أن المقام في ثغور المسلمين، والرباط بها، أفضل من المجاورة (4) في المساجد الثلاثة، وهي المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى. وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• وممن نقل الإجماع: شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: (بل المقام في ثغور المسلمين كالثغور الشامية، والمصرية أفضل من المجاورة في المساجد الثلاثة،
(1) انظر: "فيض القدير"(4/ 109).
(2)
انظر: "إعلام الموقعين"(3/ 135).
(3)
"الفروق"(2/ 61).
(4)
المجاورة بمكة والمدينة يراد بها: المقام مطلقًا غير ملتزم بشرائط الاعتكاف الشرعي. انظر: "النهاية"(1/ 314)، فالمجاورة أعمّ من الاعتكاف؛ لأنّه يكون في المسجد وغيره، ويكون مع الصّيام وبدونه.
وما أعلم في هذا نزاعًا بين أهل العلم)، (1) وقال أيضًا:(المرابطة في ثغور المسلمين -وهو المقام فيها بنية الجهاد- أفضل من المجاورة في الحرمين، باتفاق أئمة المسلمين؛ أهل المذاهب الأربعة، وغيرهم)(2).
ونقل الإجماع عنه كذلك المرداوي (885 هـ) في "الإنصاف"(3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على ذلك الحنفية (4) وهو المذهب عند الحنابلة (5) ونقل عن المالكية (6).
• مستند الإجماع: واستندوا على بعض الأحاديث والآثار منها:
1 -
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "رباط يوم في سبيل اللَّه خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل"(7).
2 -
وعن أبي أُمامة الباهلي قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لأن أحرس ثلاث ليالٍ مرابطًا من وراء بيضة المسلمين أحب إلي من أن تصيبني ليلة القدر في أحد المسجدين: المدينة أو بيت المقدس"(8).
3 -
وقال أبو هريرة: "رباط ليلة في جانب البحر من وراء عورة المسلمين، أحب إلي من أن أوافق ليلة القدر في أحد المسجدين: مسجد الكعبة أو مسجد رسول اللَّه في المدينة"(9).
4 -
أن المرابطة من جنس الجهاد، والمجاورة من جنس الحج، وجنس الجهاد
(1)"مجموع الفتاوي"(28/ 5).
(2)
"مسألة في المرابطة بالثغور أفضل أم المجاورة بمكة شرفها اللَّه تعالى" لابن تيمية (ص 17).
(3)
"الإنصاف"(10/ 18).
(4)
انظر: "شرح السير الكبير"(1/ 13).
(5)
"شرح منتهى الإرادات"(4/ 160).
(6)
كما نقل ذلك عنهم شيخ الإسلام، ولم يصرحوا بذلك فيما اطلعت عليه من كتبهم. انظر:"مجموع الفتاوى"(27/ 25).
(7)
أخرجه أحمد (1/ 65، رقم 470)، والترمذى في "السنن"، كتاب السير، باب فضل المرابط (4/ 189، رقم 1667) وقال: حسن صحيح غريب، وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي"(2/ 241).
(8)
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"، باب في المرابطة في سبيل اللَّه (9/ 317، برقم 4123)، وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك" برقم (443).
(9)
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(5/ 281، برقم 9616)، وسعيد بن منصور في "سننه"(2/ 193).