الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحنابلة (1).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141].
• وجه الدلالة: حيث دلَّت الآية الكريمة أنه ليس للكافرين ولاية على المسلمين، والأمان من باب الولاية، إذ به ينفذ كلام المؤمنين على غيرهم شاؤوا أم أبوا (2).
2 -
قوله صلى الله عليه وسلم: "ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم"(3).
• وجه الدلالة: حيث دلَّ الحديث أن التأمين الذي يلزم المسلمين الوفاء به هو ما عقدوه، أو عقده واحدٌ منهم. وعليه لا يصح أمان الذمي.
3 -
ومن جهة النظر أنه كافر، غير مأمونٍ في الدِّين، ولا ناصحٍ لجماعة المسلمين، فلم يلزمهم تأمينه، كالحربي.
4 -
أن الأمان فيه معنى النصرة، والكافر ليس من أهل نصرة الدين (4).
• الخلاف في المسألة: قال ابن المنذر: (وقد رُوينا عن الأوزاعي أنه قال: "إن كان غزا مع المسلمين، فإن شاء الإمام أجاره، وإن شاء ردَّه إلى مأمنه")(5).
ولم يذكر له دليلًا، وعلى كل حال فإن المجير في هذه الحال هو الإمام، فدلَّ ذلك أن أمان الذمي لا يصح استقلالًا.
النتيجة:
أن الإجماع متحقق لعدم وجود المخالف المعتبر، وما ذكر من خلاف للأوزاعي لا يقدح في الإجماع، واللَّه تعالى أعلم.
[164/ 8] صفة الأمان:
• المراد بالمسألة: بيان أن الأمان ينعقد بكل لفظ مفيد للغرض صريحًا، كقوله: أجرتك، أو لا تخف، وكناية كقوله: أنت على ما تحب، أو كن كيف شئت، ومثله الكتابة، والرسالة، والإشارة المفهمة (6)، لذا فإنه بأي صفة قيل الأمان وفهم منه
(1) انظر: "المغني"(13/ 77)، و"كشاف القناع"(3/ 104).
(2)
انظر: "فتح القدير"(5/ 267).
(3)
سبق تخريجه.
(4)
انظر: "السير الكبير"(1/ 253).
(5)
"الإشراف"(4/ 137). وانظر: "فقه الإمام الأوزاعي"(2/ 411).
(6)
"تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان"(3/ 434).
المراد ثبت الأمان، وحرم على المسلمين خفره، سواء بالكلمات التي ورد بها الشرع، مثل: أمنتك وأجرتك أو غيرها مما هي في معناها. وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (463 هـ) حيث يقول: (ولا خلاف علمته بين العلماء في أن من أمن حربيًّا بأي كلام لهم به الأمان فقد تم له الأمان)(1).
وابن قدامة (620 هـ) حيث يقول: (صفة الأمان فالذي ورد به الشرع لفظتان: أجرتك وأمنتك. . . وفي معنى ذلك إذا قال: لا تخف، لا تذهل، لا تخش، لا خوف عليك، لا بأس عليك. . . وهذا كله لا نعلم فيه خلافًا)(2).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6).
• مستند الإجماع:
1 -
فدليل انعقاد الأمان باللفظ الصريح قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ} [التوبة: 6]، 2 - وقوله صلى الله عليه وسلم لأم هانئ:"قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ"(7)، 3 - وقوله صلى الله عليه وسلم:"من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن"(8).
• وجه الدلالة: حيث جاء الأمان بلفظه الصريح وهو: أجرنا، وآمن.
4 -
وعن أبي وائلٍ قال: كتب إليَّ عمر بن الخطاب فقال: "وإذا لقي الرجلُ الرجلَ فقال: مَتَّرْسْ؛ فقد أمَّنه، وإذا قال: لا تخف؛ فقد أمَّنه، وإذا قال: لا تذهل، فقد أمَّنه، إن اللَّه يعلم الألسنة"(9).
• وجه الدلالة: فيه دليل أن الصحابة رضي الله عنهم اعتبروا كل لفظ دلَّ على معنى الأمان سواء كان عربيًّا أو أعجميًّا مما هو في لغة العدو.
(1)"الاستذكار"(5/ 36).
(2)
"المغني"(13/ 192).
(3)
انظر: "شرح السير الكبير"(1/ 283)، و"حاشية ابن عابدين"(6/ 219).
(4)
انظر: "القوانين الفقهية"(ص 103)، و"النوادر والزيادات"(3/ 75).
(5)
انظر: "روضة الطالبين"(10/ 279)، و"مغني المحتاج"(4/ 237).
(6)
انظر: "كشاف القناع"(3/ 98)، و"المبدع"(3/ 390).
(7)
سبق تخريجه.
(8)
أخرجه مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب فتح مكة (5/ 170، برقم 4722).
(9)
علَّقه البخاري، كتاب الجزية والموادعة، باب إذا قالوا: صبأنا ولم يحسنوا أسلمنا (6/ 274 - "الفتح"). وذكره مختصرًا دون قوله: "وإذا قال: لا تدهل، فقد أمَّنه"، ووصله عبد الرزاق في "المصنف" =