الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{كل يعمل على شاكلته} ، قال: على دينه، الشّاكِلة: الدين
(1)
. (ز)
43893 -
قال يحيى بن سلّام: أي: المؤمن على إيمانه، والكافر على كفره
(2)
[3913]. (ز)
{فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا
(84)}
43894 -
قال يحيى بن سلّام: {فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا} ، أي: فهو يعلم أنّ المؤمن أهدى سبيلًا مِن الكافر
(3)
.
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا
(85)}
نزول الآية:
43895 -
عن عبد الله بن مسعود، قال: كنتُ أمشي مع النَّبي صلى الله عليه وسلم في حرْثِ المدينةِ، وهو متَّكئ على عَسيبٍ، فمرَّ بقومٍ مِن اليهودِ، فقال بعضُهم لبعضٍ: سَلُوه عن الرُّوحِ. وقال بعضُهم: لا تسألوه. فسألوه، فقالوا: يا محمدُ، ما الروحُ؟ فما زال مُتَوَكِّئًا على العسيبِ، فظننتُ أنه يُوحى إليه، فقال:{ويَسئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِن أمْرِ رَبِّي وما أُوتيتُم مِّن العِلمِ إلا قَليلًا}
(4)
[3914]. (9/ 431)
[3913] لَخَّص ابنُ عطية (5/ 533) الاختلاف في المراد بالشاكلة، فقال:«قال مجاهد: {على شاكلته} معناه: على طبيعته. وقال أيضًا: معناه: على حدته. وقال ابن عباس: معناه: على ناحيته. وقال قتادة: معناه: على ناحيته وعلى ما ينوي. وقال ابن زيد: معناه: على دينه» . ثم قال مرجِّحًا: «وأرجح هذه العبارات قول ابن عباس، وقتادة» . ولم يذكر مستندًا.
ورأى ابنُ كثير (9/ 71) تقارب معنى الأقوال، فقال:«وكل هذه الأقوال متقاربة في المعنى» .
[3914]
علَّق ابنُ عطية (5/ 534) على هذا الأثر بقوله: «وذلك أنه كان عندهم في التوراة: أنّ الروح مما انفرد الله بعلمه، ولا يُطلع عليه أحدًا من عباده» . ثم علَّق على عبارة بعضهم: لا تسألوه. بقوله: «يعني: -والله أعلم- مِن أنه لا يفسره، فتقوى الحجة عليهم في نبوته» . وذكر أن الضمير في {ويسألونك} لليهود، والآية مدنية.
وذكر ابنُ كثير (9/ 72) أن هذا السياق يقتضي مدنية الآية، وأنها إنما نزلت حين سأله اليهود عن ذلك بالمدينة، مع أن السورة كلها مكية. وأجاب عن هذا بأمرين: الأول: أنه قد يكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك. الثاني: أنه نزل عليه وحي بأنه يجيبهم عما سألوا بالآية المتقدم إنزالها عليه، وهي هذه الآية:{ويسألونك عن الروح} .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 15/ 66.
(2)
تفسير يحيى بن سلام 1/ 159.
(3)
تفسير يحيى بن سلام 1/ 159.
(4)
أخرجه البخاري 1/ 37 (125)، 6/ 87 (4721)، 9/ 96 (7297)، 9/ 135 - 136 (7456)، 9/ 136 - 137 (7462)، ومسلم 4/ 2152 (2794)، وابن جرير 15/ 67، 68 - 69. وأورده الثعلبي 6/ 130.
43896 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- قال: قالت قريشٌ لليهود: أعطُونا شيئًا نسأل هذا الرجلَ. فقالوا: سلُوه عن الروح. فسألوه؛ فنزلت: {ويسألُونَكَ عَنِ الرُّوحُ قُلِ الرُّوح مِن أمْر ربِّي وما أوتيتُم من العلمِ إلا قليلًا} . قالوا: أُوتينا علمًا كثيرًا؛ أوتينا التوراة، ومَن أوتيَ التوراةَ فقد أوتيَ خيرًا كثيرًا. فأنزل اللهُ:{قُل لوْ كان البَحْرُ مدادًا لكلماتِ ربِّي لنفدَ البحرُ قبل أن تنفد كلماتُ ربِّي ولو جئنا بِمثلِهِ مَدَدًا} [الكهف: 109]
(1)
[3915]. (9/ 432)
43897 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفيِّ- أنّ اليهودَ قالوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: أخبرنا ما الروحُ؟ وكيف تُعذَّبُ الروحُ التي في الجسد؟ وإنما الروحُ من الله، ولم يكن نزل عليه فيه شيءٌ، فلم يُحِرْ
(2)
إليهم شيئًا، فأتاه جبريلُ، فقال له:{قُل الرُّوح مِن أمْر رَبي وما أوتيتُم مِن العلْم إلا قليلًا} . فأخبرهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذلك، فقالوا: مَن جاءك بهذا؟ قال: «جبريلُ» . قالوا: واللهِ، ما قاله لك إلا عدوٌّ لنا. فأنزل اللهُ:{قُلْ من كانَ عدُوًّا لجبريلَ} الآية [البقرة: 97]
(3)
. (9/ 432)
[3915] ذكر ابنُ كثير (9/ 72) أن هذا الأثر مما يؤيد مكية السورة.
_________
(1)
أخرجه أحمد 4/ 154 (2309)، والترمذي (3140)، والنسائي في الكبرى (11314)، وابن حبان (99)، وأبو الشيخ العظمة (405)، والحاكم 2/ 531، والبيهقي في الدلائل 2/ 269. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن مردُويَه.
صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2510).
(2)
لم يحر: لم يرد. النهاية 2/ 458.
(3)
أخرجه ابن جرير 15/ 69 - 70، من طريق محمد بن سعد، عن أبيه، قال: حدثني عمي الحسين بن الحسن، عن أبيه، عن جده عطية العوفي، عن ابن عباس به.
الإسناد ضعيف، لكنها صحيفة صالحة ما لم تأت بمنكر أو مخالفة. وينظر: مقدمة الموسوعة.
43898 -
عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أمِّ الحكم الثقفيِّ، قال: بينما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في بعض سكك المدينة إذ عرض له اليهودُ، فقالوا: يا محمدُ، ما الروح؟ وبيده عسيبُ نخْلٍ، فاعتمد عليه، ورفع رأسه إلى السماءِ، ثم قال:{ويسألونَكَ عن الرُّوح} إلى قوله: {قليلا}
(1)
. (9/ 435)
43899 -
عن عطاء بن يسار -من طريق محمد بن إسحاق عن بعض أصحابه- قال: نزلت بمكةَ: {وما أوتيتُم منَ العلمِ إلا قليلًا} . فلما هاجر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أتاه أحبارُ يهود، فقالوا: يا محمد، ألم يَبْلُغْنا أنك تقولُ:{وما أُوتيتُم منَ العلمِ إلّا قليلًا} . أفعنَيتنا أم قومَك؟ قال: «كُلًّا قد عنيتُ» . قالوا: فإنك تَتْلو أنّا أوتينا التوراة، وفيها تبيانُ كلِّ شيءٍ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«هي في علم الله قليلٌ، وقد آتاكم الله ما إن عملتم به انتفعتم» . فأنزل الله: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلام} . إلى قوله: {إن الله سميعٌ بصيرٌ} [لقمان 27 - 28]
(2)
. (9/ 435)
43900 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: {ويَسئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} ، قال: يهودُ يسألونه
(3)
. (9/ 431)
43901 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق الأعمش-: أنّ ناسًا من اليهود لقوا نبيَّ الله وهو على بغلته، فسألوه عن الروح؛ فأنزل الله:{ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}
(4)
. (ز)
43902 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: {ويسألونك عن الروح} : لقيت اليهودُ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم، فتغشوه، وسألوه، وقالوا: إن كان نبيًّا عُلِّمَ فسيعلم ذلك. فسألوه عن الروح، وعن أصحاب الكهف، وعن ذي القرنين؛ فأنزل الله في كتابه ذلك كله:{ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}
(5)
. (ز)
43903 -
في تفسير محمد بن السائب الكلبي: أنّ المشركين بعثوا رسلًا إلى
(1)
أخرجه ابن عساكر 35/ 44.
(2)
أخرجه ابن إسحاق- (1/ 308 - سيرة ابن هشام)، وابن جرير 15/ 72.
(3)
أخرجه ابن جرير 15/ 69 من طريق ابن جريج أيضًا. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(4)
أخرجه يحيى بن سلام 1/ 159.
(5)
أخرجه يحيى بن سلام 1/ 161، وابن جرير 15/ 69.
المدينة، فقالوا لهم: سلوا اليهود عن محمد، وصِفُوا لهم نعته وقوله، ثم ائتونا فأخبرونا. فانطلقوا حتى قدموا المدينة، فوجدوا بها علماء اليهود من كل أرض قد اجتمعوا فيها لعيدٍ لهم، فسألوهم عن محمد، ونعتوا لهم نعته، فقال لهم حَبر من أحبار اليهود: إنّ هذا لنعت النبي الذي نتحدث أنّ الله باعثه في هذه الأرض. فقالت لهم رسل قريش: إنّه فقير، عائل، يتيم، لم يتبعه من قومه مِن أهل الرأي أحدٌ، ولا من ذوي الأسنان. فضحك الحبر، وقال: كذلك نجده. قالت لهم رسل قريش: فإنّه يقول قولًا عظيمًا؛ يدعو إلى الرحمن، ويقول: إنّ الذي باليمامة الساحر الكذاب. يعنون: مسيلمة. فقالت لهم اليهود: اذهبوا، فسلوا صاحبكم عن خلال ثلاث، فإن الذي باليمامة قد عجز عنهن، فأما اثنتان من الثلاث فإنه لا يعلمهما إلا نبي، فإن أخبركم بهما فقد صدق، وأما الثالثة فلا يجترئ عليها أحد. فقالت لهم رسل قريش: أخبرونا بهِنَّ. فقالت لهم اليهود: سلوه عن أصحاب الكهف والرقيم -فقصوا عليهم قصتهم-، وسلوه عن ذي القرنين -وحدثوهم بأمره-، وسلوه عن الروح، فإن أخبركم فيه بشيء فهو كاذب. فرجعت رسل قريش إليهم، فأخبروهم بذلك، فأرسلوا إلى النبي، فلقيهم، فقالوا: يا ابن عبد المطلب، إنا سائلوك عن خلال ثلاث، فإن أخبرتنا بهن فأنت صادق، وإلا فلا تذكرن آلهتنا بشيء. فقال لهم رسول الله:«وما هن؟» . قالوا: أخبِرنا عن أصحاب الكهف، فإنا قد أخبرنا عنهم بآية بينة، وأخبرنا عن ذي القرنين، فإنا قد أخبرنا عنه بأمر بين، وأخبرنا عن الروح. فقال لهم رسول الله ×: أنظروني حتى أنظر ماذا يُحْدِث إلَيَّ فيه ربي. قالوا: فإنّا ناظروك فيه ثلاثًا. فمكث نبيُّ الله ثلاثة أيام لا يأتيه جبريل، ثم أتاه، فاستبشر به النبي ×، وقال:«يا جبريل، قد رأيت ما سأل عنه قومي ثم لم تأتني!» . قال له جبريل: {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا} [مريم: 64]، فإذا شاء ربك أرسلني إليك. ثم قال له جبريل: إن الله قال: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} . ثم قال له: {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم} [الكهف: 9]، فذكر قصتهم. قال:{ويسألونك عن ذي القرنين} [الكهف: 3]، فذكر قصته. ثم لقي رسول الله قريشًا في آخر اليوم الثالث، فقالوا: ماذا أحدث إليك ربك في الذي سألناك عنه؟ فقصَّه عليهم. فعجبوا، وغلب عليهم الشيطان أن يصدقوه
(1)
. (ز)
(1)
علَّقه يحيى بن سلام 1/ 159 - 160.