الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ربي
(1)
[3917][3918]. (ز)
{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا
(85)}
43926 -
عن يزيد بن زيادٍ أنّه بلغه: أن رجلين اختلفا في هذه الآية: {وما أوتيتُم
[3917] اختُلِف في الروح المسئول عنه على أقوال: الأول: أرواح بني آدم. الثاني: ملك له عشرة الآف جناح. الثالث: طائفة من الملائكة على صور بني آدم. الرابع: أنه جبريل صلى الله عليه وسلم. الخامس: ملك له سبعون ألف وجه. السادس: أنه القرآن. السابع: طائفة مع الملائكة ولا تراهم الملائكة. الثامن: عيسى بن مريم. ذكره ابن عطية (5/ 535).
وذكر أن الجمهور على القول الأول الذي قاله ابن عباس من طريق العوفي [الوارد في نزول الآية]، وبيّن أن الرُّوح على هذا القول اسم جنس، ورجَّحه، وانتقد البقية مستندًا إلى الدلالة العقلية، فقال: «وهذا هو الصواب، وهو المشْكل الذي لا تفسير له
…
وهذه كلها أقوال مفسِّرة، والأول أظهرها وأصوبها».
وذكر ابنُ تيمية (5/ 245) أنه على القول بأن المراد بالروح: أرواح بني آدم؛ فإن النص لم يخبر بكيفيتها؛ لأن الإخبار بالكيفية إنما يكون فيما له نظير يماثله، وليست الروح من جنس ما نشهده من الأعيان، فلا يمكن تعريفها بكيفيتها، وإن كانت لها كيفية في نفسها.
وذكر ابنُ القيم (2/ 153) أن أكثر السلف بل كلهم على أن الروح المسئول عنها في الآية ليست أرواح بني آدم، بل الروح الذي أخبر الله عنه في كتابه أنه يقوم يوم القيامة مع الملائكة، وهو ملك عظيم، وساق حديث ابن مسعود [الوارد في نزول الآية]، ثم رجَّح (2/ 153 - 154 بتصرف) القول بأنه مَلَك، وانتقد القول الأول مستندًا إلى الدلالة العقلية، والقرآن، فقال: «ومعلوم أنهم إنما سألوه عن أمر لا يعرف إلا بالوحي، وذلك هو الروح الذي عند الله لا يعلمها الناس، أما أرواح بني آدم فليست من الغيب، وقد تكلم فيها طوائف من الناس مِن أهل الملل وغيرهم، فلم يكن الجواب عنها من أعلام النبوة
…
ولم تقع تسميتها في القرآن إلا بالنفس، قال تعالى:{يا أيتها النفس المطمئنة} [الفجر: 27]، {ولا أقسم بالنفس اللوامة} [القيامة: 2]، {كل نفس ذائقة الموت} [آل عمران: 185]، وأما السنة فجاءت بلفظ النفس والروح».
[3918]
ذكر ابنُ عطية (5/ 535) أن قوله: {مِن أمْرِ رَبِّي} يحتمل تفسيرين: الأول: أن يكون الأمر اسم جنس للأمور، أي: الروح من جملة أمور الله التي استأثر بعلمها، فهي إضافة خلق إلى خالق. الثاني: أن يكون مصدرًا مِن: أمَر يأمر، أي: الروح مما أمر الله تعالى أمرًا بالكون فكان.
_________
(1)
تفسير يحيى بن سلام 1/ 161.
مِنَ العلم إلّا قليلًا}؛ فقال أحدهما: إنما أُريد بها أهلُ الكتابِ. وقال الآخرُ: بل أمَّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم. فانطلق أحدُهما إلى ابن مسعود، فسأله، فقال: ألست تقرأُ سورةَ البقرة؟ فقال: بلى. فقال: وأيُّ العلمِ ليس في سورة البقرة؟! إنما أُريد بها أهلُ الكتابِ
(1)
. (9/ 434)
43927 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {وما أوتيتُم من العلمِ إلا قليلًا} ، يعني: اليهود
(2)
. (9/ 436)
43928 -
قال مقاتل بن سليمان: ثم قال سبحانه: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} عندي، كثيرًا عندكم. وذلك أنّ اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنّ في التوراة علم كل شيء. وقال الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: قل لليهود: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} عندي، كثيرًا عندكم، وعلم التوراة عندكم كثير. فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: مَن قال هذا؟ فواللهِ، ما قاله لك إلا عدوٌّ لنا. يعنون: جبريل عليه السلام، ثم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: خاصة لنا أنّا لم نؤت من العلم إلا قليلًا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بل الناس كلهم عامة» . فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ولا أنت ولا أصحابك؟ فقال: «نعم» . فقالوا: كيف تجمع بين هاتين؟ تزعم أنك أوتيت الحكمة، ومَن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا، وتزعم أنك لم تؤت من العلم إلا قليلًا؟ فنزلت:{ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} إلى آخر الآية [لقمان: 27]، نزلت:{قل لو كان البحر مدادا} إلى آخر الآية [الكهف: 109]
(3)
. (ز)
43929 -
عن عبد الملك ابن جريج -من طريق حجاج- في قوله: {وما أُوتيتُم من العلمِ إلا قليلًا} ، قال: يا محمدُ، والناس أجمعون
(4)
. (9/ 436)
43930 -
قال يحيى بن سلّام: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} ، أي: إنّ علمكم الذي آتاكم الله قليلٌ في علم الله
(5)
[3919]. (ز)
[3919] اختُلِف فيمن خوطب بقوله: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} على ثلاثة أقوال: الأول: أنهم اليهود خاصة. الثاني: النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الخلق. الثالث: أنهم سائلو النبي من اليهود فقط. ذكره ابنُ عطية (5/ 535)، وأدخل ابنُ جرير (15/ 73) تحت هذا القول قول قتادة: إنهم اليهود.
وعلَّق ابنُ جرير (15/ 72) على القول الثاني الذي قاله عطاء، وابن جريج، ومقاتل، بقوله:«فإنه عنى بذلك: الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح وجميع الناس غيرهم، ولكن لما ضم غير المخاطَب إلى المخاطَب خرج الكلام على المخاطَبة؛ لأن العرب كذلك تفعل إذا اجتمع في الكلام مخبر عنه غائب ومخاطَب، أخرجوا الكلام خطابًا للجمع» .
ورجَّحه (15/ 73) مستندًا إلى اللغة، فقال:«وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يُقال: خرج الكلام خطابًا لمن خوطب به، والمراد به: جميع الخلق؛ لأن علم كل أحد سوى الله وإن كثر في علم الله قليل. وإنما معنى الكلام: وما أوتيتم أيها الناس من العلم إلا قليلًا مِن كثير مما يعلم الله» .
ونقل ابنُ عطية (5/ 535) قولًا بأن المخاطب العالم أجمع، ورجَّحه مستندًا إلى دلالة العموم، فقال:«قالت فرقة: العالم كله. وهذا هو الصحيح؛ لأن قول الله له: {قل الروح} إنما هو أمر بالقول لجميع العالم، إذ كذلك هي أقواله كلها، وعلى ذلك تمّت الآية من مخاطبة الكل» . ثم قال: «ويحتمل أيضًا أن تكون مخاطبة من الله للنبي ولجميع الناس» .
_________
(1)
عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(2)
أخرجه يحيى بن سلام 1/ 161، وابن جرير 15/ 69، 73.
(3)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 547 - 548.
(4)
أخرجه ابن جرير 15/ 73. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(5)
تفسير يحيى بن سلام 1/ 161.