الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسائل الشُّفْعة
مسألة (557): لا تستحق الشُّفعة بالجوار
.
وقال أبو حنيفة: تستحق.
لنا:
2507 -
ما روى الإمام أحمد، قال: حدَّثنا عبد الرزَّاق ثنا مَعْمَر عن الزهريِّ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله قال: إنَّما جَعَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الشُفْعة في كلِّ ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق، فلا شُفْعة (1).
انفرد بإخراجه البخاريُّ (2).
2508 -
طريقٌ آخرٌ: قال مسلمٌ: حدَّثنا محمَّد بن عبد الله بن نُمير ثنا عبد الله بن إدريس ثنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشُّفْعة في كلِّ شركة لم تقسم، ربعة أو حائط، لا يحلُّ أن يبيع حتَّى يُؤذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإذا باع ولم يُؤذنه، فهو أحقُّ به.
انفرد باخراجه مسلمٌ (3).
(1)"المسند": (3/ 296).
(2)
"صحيح البخاري": (3/ 548)؛ (فتح- 4/ 407 - رقم: 2213).
(3)
"صحيح مسلم": (5/ 57).
احتجُّوا بأربعة أحاديث:
2509 -
الحديث الأوَّل: قال البخاريُّ: حدَّثنا مكيُّ بن إبراهيم أنا ابن جريج قال: أخبرني ابن ميسرة (1) عن عمرو بن الشَّرِيْد عن أبي رافع- مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال لسعد بن أبي وقَّاص: ابتع منِّي بيتي في دارك، ولولا أنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" الجار أحقُّ بصقبه ". ما أعطيتكها بأربعة آلاف (2).
أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ في "الصحيحين".
ز: هذا الحديث لم يخرِّجه مسلمٌ، بل انفرد به البخاريُّ، والله أعلم O.
2510 -
الحديث الثاني: قال الإمام أحمد: حدَّثنا عفَّان ثنا همَّام عن قتادة عن الحسن عن سَمُرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " جار الدار أحقُّ بالدار من غيره "(3).
2511 -
الحديث الثالث: قال أحمد: وحدَّثنا روح ثنا حسين المعلِّم عن عمرو بن شُعيب عن عمرو بن الشَّرِيد عن أبيه الشَّرِيد بن سُويد أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله، أرضٌ ليس لأحدٍ فيها شِرْكٌ ولا قسم إلا الجوار؟ فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الجار أحقُّ بسقبه ما كان "(4).
2512 -
طريق آخر: قال أحمد: وحدَّثنا إسحاق بن سليمان ثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى قال: سمعت عمرو بن الشَّرِيد عن أبيه قال:
(1) في هامش الأصل: (حـ: هو إبراهيم) ا. هـ
(2)
"صحيح البخاري": (3/ 558 - 559)؛ (فتح- 4/ 437 - رقم: 437).
(3)
"المسند": (5/ 8).
(4)
"المسند": (4/ 389).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الجار أحق بسقبه "(1).
2513 -
الحديث الرابع: قال أحمد: وحدَّثنا هُشيم أنا عبد الملك عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الجار أحقُّ بشفعة جاره، ينتظر بها إذا كان غائبًا، إذا كان طريقهما واحدًا "(2).
والجواب:
أمَّا حديث أبي رافع: فمحمولٌ على أنَّه كان شريكًا مخالطًا.
وأمَّا حديث سَمُرة: فروى أحمد بن حنبل عن يحيى بن سعيد قال: أحاديث الحسن عن سَمُرة من كتاب (3). وقال أحمد بن هارون البرديجيُّ (4): لا يحفظ عن الحسن عن سَمُرة حديثٌ يقول فيه: (سمعت سَمُرة) إلا حديث
واحد- وهو حديث العقيقة- ولا يثبت (5). وقال أبو حاتم بن حِبَّان: لم
(1)"المسند": (4/ 389).
وفي هامش الأصل: (حـ: قال أحمد في "المسند": ثنا روح ثنا حسين، (ح) والخفاف- هو عبد الرحمن بن عطاء- قال: أنا حسين، عن عمرو بن شعيب عن عمرو بن الشريد عن أبيه الشريد بن سويد أن رجلاً قال: يا رسول الله- قال الخفاف: قلت: يا رسول الله-، أرض ليس لأحد فيها شرك، ولا قسم، إلا الجوار. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الجار أحق بسقبه ما كان ".
قال: وثنا إسحاق بن سليمان ثنا عبد الله أبو يعلى الطائفي عن عمرو بن الشريد عن أبيه، (ح) وأبو عامر ثنا عمد الله بن عبد الرحمن بن يعلى قال: سمعت عمرو بن الشريد عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الجار أحق بسقبه ". قال أبو عامر في حديثه: " المرء أحق ".
كذا رواه أحمد، وفي بعضه مخالفة لما ذكر. المؤلِّف، والله أعلم) ا. هـ.
وما في مطبوعة "المسند" موافق لما ذكره المنقح في حاشيته هذه.
(2)
"المسند": (3/ 303).
(3)
" المعرفة والتاريخ " للفسوي: (3/ 11) وفيه: (سمعنا أنها من كتاب).
(4)
في "التحقيق": (البرزعي)!
(5)
انظر ما تقدم: (3/ 576).
يشافه الحسن سَمُرة (1). وقد قال ابن المدينيِّ: سمع الحسن من سَمُرة (2).
وأمَّا حديث عمرو بن الشَّرِيد: فقال ابن المنذر: هو حديثٌ منكرٌ، لا أصل له.
وأمَّا حديث جابر: فقال شعبة: سها فيه عبد الملك بن أبي سليمان، فإن روى حديثًا آخر مثله طرحت حديثه (3). ثُمَّ ترك شعبة التحديث عنه، وقال أحمد بن حنبل: هذا الحديث منكرٌ (4). وقال يحيى: لم يروه غير عبد اللك، وقد أنكروه عليه (5).
ثُمَّ نحمل الأحاديث على الشريك المخالط، وقد يسمَّى جارًا.
ز: حديث الحسن عن سَمُرة: رواه أبو داود (6) والترمذيُّ (7) والنسائيُّ (8) من رواية قتادة عنه، وصحَّحه الترمذيُّ.
ورواه النسائيُّ (9) والطَّحاويُّ (10) وابن حِبَّان (11) من رواية سعيد عن قتادة عن أنس، وكأنَّه وهمٌ.
(1)"المجروحون"(2/ 163) تحت ترجمة عباد بن راشد التميمي، وانظر:"الإحسان" لابن بلبان: (5/ 113 - رقم: 1807).
(2)
"العلل": (ص: 53 - رقم 57).
(3)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (5/ 367 - رقم: 1719).
(4)
"العلل" برواية عبد الله: (2/ 281 - رقم: 2256).
(5)
"تاريخ بغداد" للخطيب: (10/ 394 - 395 - رقم: 5570).
(6)
"سنن أبي داود": (4/ 186 - رقم: 3511).
(7)
"الجامع": (3/ 43 - 44 - رقم: 1368).
(8)
لم نقف عليه، وقد ذكره المزي في "تحفة الأشراف":(4/ 69 - رقم: 4588).
(9)
لم نره، وقد ذكره المزي في "تحفة الأشراف":(1/ 318 - رقم: 1222).
(10)
" شرح معاني الآثار ": (4/ 122).
(11)
"الإحسان" لابن بلبان: (11/ 585 - رقم: 5182).
وحديث عمرو بن الشَّرَيد عن أبيه: رواه النسائيُّ (1) وابن ماجة (2) من حديث حسين المعلِّم، ورواه النسائيُّ من رواية عبد الله بن عبد الرحمن عنه، وفي إسناده اختلافٌ قد ذكره النسائيُّ (3).
ورواه أيضًا من رواية حسين المعلِّم عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جدِّه (4)، والمحفوظ حديث عمرو بن الشَّرَيد عن أبي رافع.
وحديث عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر: رواه أصحاب " السنن الأربعة "(5)، وقال الترمذيُّ: حسنٌ غريبٌ، لا نعلم أحدًا رواه غير عبد الملك، وعبد الملك هو ثقةٌ مأمونٌ عند أهل الحديث، لا نعلم أحدًا تكلَّم
فيه غير شعبة، من أجل هذا الحديث.
وقال الشافعيُّ: سمعنا بعض أهل العلم بالحديث يقول: نخاف أن لا يكون هذا الحديث محفوظًا (6).
وقال إسحاق بن إبراهيم: قال لي أبو عبد الله- يعني: أحمد بن حنبل-:
(1)"سنن النسائي": (7/ 320 - رقم: 4703).
(2)
"سنن ابن ماجة": (2/ 834 - رقم: 2496).
(3)
لم نره، وقد ذكره المزي في "تحفة الأشراف":(4/ 152 - رقم: 4840).
(4)
لم نقف عليه، وقد أشار إلى هذا المزي في " التحفة ":(4/ 153 - رقم: 4840) في " مسند الشريد بن سويد " فقال: (روى حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وسيأتي) اهـ
وتعقبه الحافظ ابن حجر في "النكت الطراف" بقوله: (ورقم عل حسين " س " ولم يخرجه " س " إلا من رواية: " الحكم بن عتيبة عن عمرو بن شعيب "، وعليه اقتصر المزي في "مسند عبد الله بن عمرو") اهـ وانظر: "التحفة": (6/ 311 - رقم: 8696).
(5)
"سنن أبي داود": (4/ 186 - 187 - رقم: 3512)؛ "الجامع" للترمذي: (3/ 45 - رقم: 1369)؛ "سنن ابن ماجة": (2/ 833 - رقم: 2494).
ولم نره عند النسائي، وقد ذكره المزي في "تحفة الأشراف":(2/ 229 - رقم: 2434).
(6)
"سنن البيهقي": (6/ 106).
ليس العمل على هذا، لا شفعة إلا للخليط (1).
واعلم أنَّ حديث عبد الملك حديثٌ صحيحٌ، ولا منافاة بينه وبين رواية جابر المشهورة، فإنَّ في حديث عبد الملك:" إذا كان طريقهما واحدًا "، وحديث جابر المشهور لم ينف فيه استحقاق الشُفْعة إلا بشرط تصرف الطرق.
فنقول: إذا اشترك الجاران في المنافع- كالبئر أو السطح أو الطريق- فالجار أحقُّ بصقب جاره، لحديث عبد الملك؛ وإذا لم يشتركا في شيءٍ من النافع فلا شُفْعة، لحديث جابرٍ المشهور؛ وهو أحد الأوجه الثلاثة في مذهب أحمد وغيره.
وطَعْنُ شعبة في عبد الملك بسبب هذا الحديث= لا يقدح في عبد الملك، فإنَّ عبد الملك ثقةٌ مأمونٌ، وشعبة لم يكن من الحذَّاق في الفقه، ليجمع بين الأحاديث إذا ظهر تعارضها، وإنَّما كان إمامًا في الحفظ، وطَعْنُ من طَعَنَ عليه
سواه إنَّما هو اتباعٌ لشعبة، وقد احتجَّ مسلمٌ في "صحيحه بحديث عبد الملك (2)، وخرَّج له أحاديث، واستشهد به البخاريُّ، وكان سفيان يقول: حدَّثني الميزان عبد الملك بن أبي سليمان (3). وقد وثَّقه الإمام أحمد (4) ويحيى
ابن معين (5) والعِجْليُّ (6) وابن عمَّار (7) والنسائيُّ (8) وغيرهم، وقد قيل
(1)"مسائل ابن هانئ": (2/ 26 - رقم: 1282).
(2)
"رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (1/ 435 - رقم: 978).
(3)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (5/ 366 - رقم: 1719).
(4)
"العلل" برواية عبد الله: (1/ 410 - رقم: 857).
(5)
"التاريخ" لأبي زرعة الدمشقي: (1/ 460 - رقم: 1169).
(6)
"معرفة الثقات": (ترتيبه- 2/ 103 - رقم: 1134).
(7)
"تاريخ بغداد" للخطيب: (10/ 396 - 397 - رقم: 5570).
(8)
"تهذيب الكمال" للمزي (18/ 328 - رقم: 3532).
لشعبة: مالكَ لا تحدِّث عن عبد الملك بن أبي سليمان. قال: تركت حديثه.
قيل له: تحدِّث عن محمَّد بن عبيد الله العَرْزَمِيِّ وتدع عبد الملك، وقد كان حسن الحديث؟! قال: من حسنها فررت (1)! قال الخطيب: قد أساء شعبة في اختياره حيث حدَّث عن محمَّد بن عبيد الله العَرْزَميِّ وترك التحديث عن
عبد الملك بن أبي سليمان، لأنَّ محمَّد بن عبيد الله لم يختلف الأئمة من أهل الأثر في ذهاب حديثه وسقوط روايته، وأمَّا عبد الملك فثناؤهم عليه مستفيضٌ، وحُسنُ ذكرهم له مشهورٌ (2) O.
واحتجُّوا:
2514 -
بما رووا عن أبي سعيد عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: " الخليط أحقُّ من الشفيع، والشفيع أحقُّ من غيره ".
وهذا الحديث لا يعرف هكذا، إنَّما المعروف:
2514/أ - ما رواه سعيد بن منصور، قال: حدَّثنا عبد الله بن المبارك عن هشام بن المغيرة الثقفيِّ قال: قال الشعبيُّ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الشفيع أولى من الجار، والجار أولى من الجنب ".
ز: هذا مرسلٌ.
وهشام: وثَّقه ابن معين (3)، وقال أبو حاتم: لا بأس بحديثه (4) O.
*****
(1)" الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (5/ 367 - رقم: 1719) وفيه: (من حسن حديثه أفر).
(2)
"تاريخ بغداد": (10/ 395 - رقم: 5570).
(3)
"الجرح والتعديل": (9/ 68 - 69 - رقم: 261) من رواية إسحاق بن منصور.
(4)
"الجرح والتعديل" لابنه: (9/ 69 - رقم: 261).