الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسائل الإفلاس
مسألة (533): إذا أفلس المشتري بالثمن، فوجد البائع [عين](1) ماله
- والمفلس حيٌّ- ولم يقبض من ثمنه شيئًا، فهو أحقُّ به من سائر الغرماء.
وقال أبو حنيفة: هو أسوة الغرماء، في الموت والحياة.
وقال الشافعيُّ: هو أحقُّ به، في الموت والحياة.
لنا حديثان:
2460 -
الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا هُشيم ثنا يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من وجد عين ماله عند رجل قد أفلس، فهو أحقُّ به ممن سواه "(2).
أخرجه البخاريُّ ومسلم في "الصحيحين"(3).
2461 -
الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا عبد الصمد ثنا عمر بن إبراهيم ثنا قتادة عن الحسن عن سَمُرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " من وجد متاعه عند مفلس بعينه، فهو أحقُّ به "(4).
(1) في الأصل: (غير)، والتصويب من (ب) و"التحقيق".
(2)
"المسند": (2/ 228).
(3)
"صحيح البخاري": (3/ 599 - 600)؛ (فتح- 5/ 62 - رقم: 2402).
"صحيح مسلم": (5/ 31)؛ (فؤاد- 3/ 1193 - رقم: 1559).
(4)
"المسند"(5/ 10).
فإن قالوا: قد قال أبو حاتم الرازيُّ: عمر بن إبراهيم لا يحتجُّ به (1).
قلنا: لعله ظنَّه الكرديَّ، وذاك كذَّابٌ، إنَّما هو عمر بن إبراهيم العبديُّ، قال يحيى بن معين: هو ثقةٌ (2).
ز: هذا الحديث لم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب "السنن" من حديث عمر ابن إبراهيم عن قتادة.
وعمر بن إبراهيم هو: أبو حفص العبديُّ، وهو الذي قال فيه أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتجُّ به (3).
وأبو حاتم أجلُّ من أن يشتبه عليه العبديُّ بالكرديِّ! فإنَ العبديَّ معروفٌ بالرواية عن قتادة، [والكرديُّ لا يروي عن قتادة، وقد وثَّق العبديَّ أيضًا أحمد (4) وغيره، وقال ابن عَدِيٍّ: يروي عن قتادة](5) أشياء لا يوافق
(1) انظر ما يأتي في كلام المنقح.
(2)
"التاريخ" برواية الدارمي: (ص: 50 - رقم: 41).
(تنبيه) وقع في مطبوعة "التاريخ"- تحت عنوان: أصحاب قتادة- ما نصه: (قلت: فهمام أحي إليك في قتادة أو أبو عوانة؟ فقال: همام أحبَّ إليَّ من أبي عوانة. قلت: فعمر ابن إبراهيم؟ فقال: ثقة) ا. هـ.
وعندما نقل ابن أبي حاتم هذا النص في "الجرح والتعديل": (6/ 98 - رقم: 509) قال: (قلت- أي الدارمي- ليحيى بن معين: فعمر بن إبراهيم في قتادة؟ قال: ثقة) ا. هـ
وهذا مثال لقاعدة مهمة يجب مراعاتها في نقل أقوال علماء الجرح والتعديل في الرجال، وهي:(وجوب النظر في السياق الذي وردت فيه عبارة الناقد).
فعبارة ابن معين السابقة أوردها الدارمي تحت عنوان: أصحاب قتادة، ثم يظهر من سياق الكلام أن الدارمي سأل ابن معين عن جملة من أصحاب قتادة وحال روايتهم عن قتادة.
ولذا عند ما ورد السؤال عن عمر بن إبراهيم فهم منه ابن أبي حاتم أنه سؤال عن حاله في قتادة، وعليه فإطلاق توثيق ابن معين لعمر- استنادًا لرواية الدارمي السابقة- فيه نظر، والله الموفق.
(3)
"الجرح والتعديل" لابنه: (6/ 98 - رقم: 509).
(4)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (6/ 98 - رقم: 509) من رواية حرب.
(5)
زيادة من (ب).
عليها، وحديثه خاصةً عن قتادة مضطربٌ (1). وقال أحمد أيضًا: يروي عن قتادة أحاديث مناكير، يخالف (2).
وقد روى غير عمر عن قتادة هذا الحديث فخالفه في لفظه:
2462 -
قال الطبرانيُّ: حدَّثنا عليُّ بن عبد العزيز ثنا عمرو بن عون ثنا هُشيم عن موسى بن السائب عن قتادة عن الحسن عن سَمُرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من وجد عين ماله فهو أحقُّ (3)، ويتبع البيع من باعه "(4).
رواه أبو داود عن عمرو بن عون (5)، ورواه النسائيُّ عن محمَّد بن داود عن عمرو بن (6) عون.
ورواه الإمام أحمد عن يزيد بن هارون عن الحجَّاج بن أرطأة عن سعيد بن زيد بن عقبة عن أبيه عن سَمُرة (7)، وعن زكريا بن أبي زكريا عن هُشيم (8).
2463 -
وقد روى محمَّد بن يحيى الذُّهْليُّ عن الخليل بن عمر بن إبراهيم عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن سَمُرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من وجد متاعه بعينه عند مفلس، فهو أحقُّ به ".
قال محمَّد بن يحيى: هما حديثان عندي من حديث قتادة، فلعلَّ- عمر
(1)"الكامل": (5/ 42 - 44 - رقم: 1211).
(2)
"الضعفاء الكبير" للعقيلي: (3/ 146 - رقم: 1130).
(3)
في "المعجم الكبير" زيادة (به).
(4)
"المعجم الكبير": (7/ 207 - رقم: 6860).
(5)
"سنن أبي داود": (4/ 192 - رقم: 3525).
(6)
"سنن النسائي": (7/ 313 - 314 - رقم: 4681).
(7)
"المسند": (5/ 18).
(8)
"المسند": (5/ 13).
سمع من قتادة فاختلط عليه، فأمَّا هذا الحديث- يعني حديث المفلس- فإنما رواه قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نَهيك عن أبي هريرة، حدَّثنا به وهب ابن جرير عن شعبة عن قتادة، وحدَّثنا به أبو النعمان عن جرير بن حازم عن قتادة؛ والحديث الآخر فهو ما روى موسى بن السائب عن قتادة عن الحسن عن سَمُرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، هذا في السرقة، وذاك في التفليس (1) O.
احتجُّوا:
2464 -
بما روى الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: حدَّثنا دَعْلَج ثنا جعفر بن محمَّد الفريابيُّ ثنا عبد الله بن عبد الجبَّار ثنا إسماعيل بن عيَاش عن الزُّبيديِّ عن الزهريِّ عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " أيُّما رجل باع سلعةً، فأدرك سلعته بعينها عند رجل قد أفلس، ولم يكن قبض من ثمنها شيئًا، فهي له، وإن كان قضاه من ثمنها شيئًا، فما بقي فهو أسوة الغرماء، وأيُّهما امرئ هلك وعنده مال امرئ بعينه- اقتضى منه شيئًا أو لم يقتض- فهو أسوة الغرماء (2) ".
والجواب:
أنَّ إسماعيل بن عيَّاش ضعيفٌ، قال الدَّارَقُطْنِيُّ: إسماعيل مضطرب الحديث، ولا يثبت هذا عن الزهريِّ مسندًا، وإنَّما هو مرسلٌ (3).
ز: رواه أبو داود عن محمَّد بن عوف عن عبد الله بن عبد الجبَّار، ورواه من حديث مالك عن الزهريِّ عن أبي بكر مرسلاً، وقال: حديث مالك
(1) ذكره المزي بنصه في "تحفة الأشراف": (4/ 71 - رقم: 4595).
(2)
"سنن الدارقطني": (3/ 30، 4/ 230).
(3)
"سنن الدارقطني": (3/ 30)، وقال ذلك عقب رواية إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة لهذا الحديث.