الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسائل الأراضي
(1)
مسألة (750): مكَّة فتحت عنوة
.
وعنه: أنَّها فتحت صلحا، كقول الشافعيِّ (2).
لنا ثلاثة أحاديث:
3086 -
الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا حجَّاج ثنا ليث قال: حدَّثني سعيد المقبريُّ عن أبي شريح عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال في الغد من يوم الفتح: " إنَّ مكَّة حرَّمها الله ولم يحرِّمها الناس، فلا يحلّ لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخَّص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقولوا: إنَّ الله عز وجل أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنَّما أذن لي فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلِّغ الشاهد الغائب "(3).
3087 -
الحديث الثاني: قال البخاريُّ: حدَّثنا يحيى بن موسى ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعيُّ قال: حدَّثني يحيى بن أبي كثير قال: حدَّثني أبو سلمة قال: حدَّثني أبو هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّ الله حبس عن مكَّة
(1) العنوان ليس في "التحقيق".
(2)
في هامش الأصل حاشية لم نتمكن من قراءتها.
(3)
"المسند": (4/ 31)؛ "صحيح البخاري": (1/ 37؛ 3/ 461 - 462؛ 5/ 446)، (فتح- 1/ 197؛ 4/ 41؛ 8/ 30 - الأرقام: 104، 1832، 4295)؛ " صحيح مسلم ":(4/ 109 - 110)، (فؤاد- 2/ 987 - 988 - رقم: 1354).
الفيل، وسلَّط عليها رسوله والمؤمنين، وإنَّها لا تحلُّ لأحد من بعدي، وإنَّما أحلَّت لي ساعة من نهار " (1).
الحديثان في "الصحيحين".
3088 -
الحديث الثالث: قال الإمام أحمد: حدَّثنا بهز وهاشم قالا: ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت البُنانيِّ عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة أنَّه ذكر فتح مكَّة، فقال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل مكَّة، فبعث الزبير على إحدى المُجَنِّبتين، وبعث خالدًا على المُجَنِّبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحُسَّر (2)، فأخذوا بطن الوادي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته. قال: وقد وبَّشَت قريش أوباشها (3)، وقالوا: نقدِّم هؤلاء، فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا. قال أبو هريرة: ففطن (4)، فقال لي:" يا أبا هريرة ".
قلت: لبيك يا رسول الله. قال: " اهتف لي بالأنصار، ولا يأتني إلا أنصاريّ ".
فهتفت بهم، فجاؤوا، فأطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:" ترون إلى أوباش قريس وأتباعهم ". ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى: " احصدوهم حصدًا، حتَّى توافوني بالصفا ". قال أبو هريرة: فانطلقنا، فما يشاء أحد منا أن يقتل منهم ما شاء، فقال أبو سفيان: أبيحت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ". فغلق الناس أبوابهم، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحَجَر، فاستلمه، ثم
(1)"صحيح البخاري": (3/ 608، 609)؛ (فتح- 5/ 87 - رقم: 2434).
"صحيح مسلم": (2/ 110)؛ (فؤاد- 2/ 988 - رقم: 1355).
(2)
في " النهاية ": (1/ 383): (جمع حاسر، وهو الذي لا درع عليه ولا مغفر) ا. هـ
(3)
في " النهاية ": (5/ 145 - 146): (أي جمعت له جموعًا من قبائل شتَّى).
(4)
في "المسند": (فنظر فرآني).
طاف بالبيت، وفي يده قوس أخذ بسِيَةِ (1) القوس، فأتى في طوافه على صنم إلى جنب البيت يعبدونه، فجعل يطعن بها في عينه، ويقول:" جاء الحق وزهق الباطل ". ثم أتى الصفا، فعلاه حيث ينظر إلى البيت، فرفع يديه، فجعل
يذكر الله بما شاء أن يذكره، ويدعوه (2).
انفرد بإخراجه مسلمٌ (3).
وقد استدلَّ أصحابنا بحديث لا يصلح الاستدلال به:
3089 -
قال أبو أحمد بن عَدِيٍّ: حدَّثنا أبو يعلى ثنا زهير بن حرب ثنا محمَّد بن الحسن المدينيُّ قال: حدَّثني مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فتحت القرى بالسيف، وفتحت المدينة بالقرآن "(4).
قال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر، لم يسمع من حديث مالك ولا هشام، إنما هذا قول مالك، لم يروه عن أحد، قد رأيت هذا الشيخ- يعني محمَّد بن الحسن- وكان كذَّابًا (5).
(1) في " النهاية ": (2/ 435): (سِيَةُ القوس: ما عُطِفَ من طَرَفَيها).
(2)
"المسند": (2/ 538).
(3)
"صحيح مسلم": (5/ 172)؛ (فؤاد- 3/ 1405 - 1406 - رقم: 1780).
(4)
"الكامل": (6/ 171 - رقم: 1655) تحت ترجمة محمَّد بن الحسن بن زبالة المخزومي.
(5)
جاء في " المنتخب من العلل للخلال " لابن قدامة: (ص: 140 - رقم: 68) أن مُهَنَّا سأل أحمد عن هذا الحديث، فقال: هذا منكر. قلت: لم تسمع هذا من حديث مالك، ولا من حديث هشام؟ قال: لا.
ئم قال مُهَنَّا: (وسألت يحيى بن معين عنه، فقال: ليس بصحيح، قد رأيت أنا هذا الشيخ - يعني: محمَّد بن الحسن- وكان كذَّابًا، وكان رجلاً سخيًّا. قلت: يروى عنه الحديث؟ قال: لا، هو كذَّاب 0 وقال: إنما كان هذا قول مالكٍ، ولم يكن يرويه عن أحد) ا. هـ فالذي يبدو أن ابن الجوزي اختصر كلام أحمد وخلطه بكلام ابن معين، والله أعلم.
قال المصنِّف: قلت: وكذا قال أبو داود (1) ويحيى بن معين (2): كان هذا الشيخ كذَّابًا.
ز: محمَّد بن الحسن هذا، هو: ابن زَبَالة، المخزوميُّ، قال ابن عَدِيٍّ: أنكر ما روى حديث هشام بن عروة: (فتحت القرى بالسيف)(3).
وقال معاوية بن صالح: قال لي يحيى بن معين: محمَّد بن الحسن الزَّبَاليُّ - والله- ما هو بثقة، حدَّث- عدو الله- عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم:" فتحت المدينة بالقرآن، وفتحت سائر البلاد بالسيف "(4). وقال أحمد بن صالح المصريُّ: كتبت عنه مائة ألف حديث، ثم تبيَّن لي أنَّه كان يضع الحديث، فتركت حديثه (5). وقال أبو حاتم: عنده مناكير، وليس بمتروك الحديث (6). وقال أبو داود: كذَّابًا المدينة: محمَّد بن الحسن بن زَبَالة ووهب بن وهب أبو البَختريِّ، بلغني أنَّه كان يضع الحديث بالليل على السراج (7). وقال النَّسائيُّ في ابن زَبَالة: متروك الحديث (8). والله أعلم O.
*****
(1) انظر ما يأتي في كلام المنقح.
(2)
"التاريخ" برواية الدوري: (3/ 227 - رقم: 1060)، وبرواية ابن الجنيد:(ص: 390 - رقم: 486)؛ وانظر ما سبق في التعليق قبل السابق.
(3)
"الكامل": (6/ 172 - رقم: 1655).
(4)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (7/ 228 - رقم: 1254).
(5)
"تهذيب الكمال" للمزي: (25/ 65 - رقم: 5148).
(6)
"الجرح والتعديل" لابنه: (7/ 228 - رقم: 1254).
(7)
" سؤالات الآجري ": (2/ 310 - 311 - رقم: 1958) وفيه: (في السراج).
(8)
"الضعفاء": (ص: 208 - رقم: 537).