الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عدلٍ، وأيُّما امرأة أنكحها وليُّ مسخوط عليه، فنكاحها باطلٌ " (1).
قال المصنِّف: في هذا الإسناد عديٌّ، قال يحيى: ليس بثقة، لا يكتب حديثه (2). وقال أبو حاتم الرازيُّ: متروك الحديث (3).
وفيه: عبد الله بن عثمان، قال يحيى: ليست أحاديثه بالقويَّة (4).
ز: وقد روى هذا الحديث أيضًا عن عديِّ بن الفضل: سعيد بن سليمان، والصواب ما رواه سعيد بن منصور عن إسماعيل بن عيَّاش عن جعفر ابن الحارث عن ابن خثيم موقوفًا على ابن عبَّاس (5).
وابن خثيم: روى له مسلمٌ (6) O.
*****
مسألة (615): يملك الأب إجبار البكر البالغ على النكاح
.
وعنه: لا يملك، كقول أبي حنيفة.
لنا حديثان:
(1)" سنن الدارقطنى ": (3/ 221 - 222).
(2)
"التاريخ" برواية الدارمي: (ص: 163 - رقم: 578)، وبرواية الدوري:(4/ 183 - رقم: 3844).
(3)
"الجرح والتعديل" لابنه: (7/ 4 - رقم: 11).
(4)
"الكامل" لابن عدي: (4/ 161 - رقم: 982).
(5)
" سنن سعيد بن منصور ": (1/ 3/154 - رقم: 553).
(6)
"رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (1/ 377 - رقم: 827).
2688 -
الحديث الأوَّل: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا الحسين بن إسماعيل ثنا يوسف بن موسى ثنا سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد عن عبد الله بن الفضل سمع نافع بن جبير يذكر عن ابن عبَّاس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الثيِّب أحقُّ بنفسها من وليِّها، والبكر يستأمرها أبوها في نفسها "(1).
فوجه الدليل: أنَّه قسم النساء قسمين: ثيبًا وأبكارا، ثم خصَّ الثيِّب بأنَّها أحقُّ من وليِّها، مع أنَّها هي والبكر اجتمعا في ذهنه، فلو أنَّها كالثيِّب في ترجّح حقِّها على حقِّ الوليِّ لم يكن لإفراد الثيِّب بهذا معنى، وصار هذا كقوله:" في سأمِّة الغنم الزكاة ".
فإن قالوا: لفظ الصحيح في هذا الحديث: " الأيِّم "(2)، وهي: التي لا زوج لها، بكرًا كانت أو ثيِّبًا.
وجواب هذا من وجهين:
أحدهما: أن لفظ الثيِّب صحيحٌ، قال الدَّارَقُطْنِيُّ: روى هذا الحديث جماعة عن مالك عن عبد الله بن الفضل بهذا الإسناد عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: " الثيِّب أحقُّ بنفسها "، منهم شعبة وابن مهديٍّ وعبد الله بن داود الخُريبيُّ وسفيان بن عيينة ويحيى بن أيُّوب المصريُّ وغيرهم (3).
وكلُّهم قال: " الثيِّب ".
والثاني: أنَّ المراد ههنا بالأيِّم: الثيِّب، لأنَّه لمَّا ذكر البكر علم أنَّه أراد الثيِّب، إذ ليس ثمَّ قسمٌ ثالثٌ.
(1)"سنن الدارقطني": (3/ 240).
(2)
تقدم برقم: (2684).
(3)
"سنن الدارقطني": (3/ 240).
ز: لفظ " الثيِّب " في " الصحيح " أيضًا، رواه مسلم عن قتيبة وابن أبي عمر كلاهما عن سفيان عن زياد به (1)، ولا دلالة في هذا الحديث على أنَّ البكر ليست أحقَّ بنفسها إلا من جهة المفهوم، والحنفيون لا يقولون به.
ثم على تقدير القول به- كما هو الصحيح- لا حجَّة فيه على إجبار كلِّ بكرٍ، لأنَّ المفهوم لا عموم له، فيمكن حمله على من لها دون التسع، أو من هي دون البلوغ.
ثم إنَّ هذا المفهوم قد خالفه منطوقه، وهو قوله:" والبكر تستاذن "، والاستئذان منافٍ للإجبار، وإنَّما وقع التفريق في الحديث بين الثيِّب والبكر= لأنَّ الثيِّب تخطب إلى نفسها، فتأمر الوليَّ بتزويجها، والبكر تخطب إلى وليِّها
فيستأذنها، ولهذا فرَّق بينهما في كون الثيِّب إذنها الكلام، والبكر إذنها الصمات، لأنَّ البكر لمَّا كانت تستحيى أن تتكلَّم في أمر نكاحها لم تخطب إلى نفسها، بل إلى وليِّها، بخلاف الثيِّب، فإنَّها تخطب إلى نفسها، لزوال حياء البكر عنها،
فتتكلم بالنكاح، وتأمر وليَّها أن يزوِّجها، فلم يقع التفريق في الحديث بين الثيِّب والبكر لأجل الإجبار وعدمه، والله أعلم O.
2689 -
الحديث الثاني: قال سعيد بن منصور: حدَّثنا هشيم ثنا ابن أبي ليلى عن عبد الكريم عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تستأمر الأبكار في أنفسهن، فان أبين أجبرن "(2).
قال المصنِّف: هذا مرسلٌ، وفي إسناده عبد الكريم البصريُّ، وقد أجمعوا على الطعن فيه.
(1)"صحيح مسلم": (4/ 141)؛ (فؤاد- 2/ 1037 - رقم: 4121).
(2)
" سنن سعيد بن منصور ": (1/ 3/156 - رقم: 565)، وفي مطبوعته:(خُيِّرن) بدل (أجبرن)، والله أعلم بالصواب.
احتجُّوا بسبعة أحاديث:
2690 -
الحديث الأوَّل: حديثنا، وهو قوله " البكر تستأمر ".
2691 -
الحديث الثاني: قال الإمام أحمد: حدَّثنا حسين ثنا جرير عن أيُّوب عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ جاريةً بكرًا أتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكرت أنَّ أباها زوَّجها وهي كارهة، فخيَّرها النبيُّ صلى الله عليه وسلم (1).
ز: رواه أبو داود (2) وابن ماجة (3) من رواية حسين، وهو: ابن محمَّد المرُّوذِيُّ، أحد الثقات المخرَّج لهم في "الصحيحين"(4).
وقال البيهقيُّ: هذا حديث أخطأ فيه جرير بن حازم على أيُّوب السَّختيانيِّ، والمحفوظ عن أيُّوب عن عكرمة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلا (5).
وقد رواه أبو داود عن محمَّد بن عبيد عن حمَّاد بن زيد عن أيُّوب عن عكرمة مرسلا، وقال: وكذلك يروى مرسل معروفٌ (6).
وقد رواه ابن ماجة من رواية زيد بن حِبَّان عن أيُّوب موصولا (7)، وزيد مختلف في توثيقة.
وقد سأل ابن أبي حاتم [أباه](8) عن حديث حسين، فقال: هذا
(1)"المسند": (1/ 273).
(2)
"سنن أبي داود": (3/ 26 - رقم: 2089).
(3)
"سنن ابن ماجة": (1/ 603 - رقم: 1875).
(4)
"التعديل والتجريح" للباجي: (2/ 495 - رقم: 241)؛ "رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (1/ 136 - رقم: 260).
(5)
"سنن البيهقي": (7/ 117).
(6)
"سنن أبي داود": (3/ 26 - رقم: 2090).
(7)
"سنن ابن ماجة": (1/ 603 - رقم: 1875).
(8)
زيادة استدركت من (ب).
خطأ، إنما هو كما روى الثقات عن أيُّوب عن عكرمة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم .... مرسلٌ، ابن عليَّة وحمَّاد بن زيد، وهو الصحيح. قلت: الوهم ممن هو؟ قال: من حسين، ينبغي أن يكون، فإنَّه لم يروه عن جرير غيره. قال أبي: رأيت حسين المرُّوذِيَّ ولم أسمع منه (1).
وقال الخطيب: قد رواه سليمان بن حرب عن جرير بن حازم أيضًا كما رواه حسين، فبرئت عهدته، وزالت تبعته.
ثم ذكره بإسناده، وقال: ورواه أيُّوب بن سويد هكذا عن الثوريِّ عن أيُّوب موصولا، وكذلك رواه مُعَمَّر بن سليمان عن زيد بن حِبَّان عن أيُّوب (2) O.
2692 -
الحديث الثالث: قال أحمد: وحدَّثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء الخراسانيُّ عن ابن عبَّاس أن خِذَاما أبا وديعة أنكح ابنته رجلاً، فأتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فاشتكت إليه أنها أنكحت وهي كارهة،
فانتزعها النبيُّ-صلى الله عليه وسلم من زوجها، وقال:" لا تكرهوهن "(3).
ز: هذا الحديث لم يخرِّجه أحد من أمِّة "الكتب السِّتَّة" من هذا الوجه، وهو منقطعٌ، فإنَّ عطاء الخراسانيَّ: لم يدرك ابن عبَّاس، ولم يره.
قاله أبو داود (4).
وهذه المرأة التي زوَّجها أبوها هي: خنساء بنت خِذَام، وقد روى
(1)"العلل": (1/ 417 - رقم: 1255).
(2)
"تاريخ بغداد": (8/ 89 - رقم: 4184) تحت ترجمة حسين بن محمَّد بن بهرام المروذي
(3)
"المسند": (1/ 364).
(4)
" المراسيل ": (ص: 257 - رقم: 349).
البخاريُّ وغيره حديثها من غير هذا الوجه- وسيأتي (1) - وفيه: أنَّها كانت ثيِّبًا، وقد روى بعضهم عنها أنَّها قالت: انكحني أبي وأنا بكرٌ. والله أعلم O.
2693 -
الحديث الرابع: قال أحمد: وحدَّثنا وكيع عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن عائشة قالت: جاءت فتاةٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إنَّ أبي- ونعم الأب هو- زوَّجني ابن أخيه ليرفع من خَسِيسَتَه (2). قالت: فجعل الأمر إليها، فقالت: إني قد أجزت ما صنع أبي، ولكنِّي أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيءٌ (3).
ز: رواه النسائيُّ عن زياد بن أيُّوب عن عليِّ بن غراب عن كهمس، وعنده:(ليرفع بي خَسِيسَتَه)(4).
ورواه البيهقيُّ من رواية عبد الوهاب بن عطاء عن كهمس، وعنده:(ليرفع بها)، وقال: وهذا مرسل، ابن بريدة لم يسمع من عائشة، وإن صحَّ هذا الحديث فإنَّما جعل الأمر إليها لوضعها في غير كفو، والله أعلم (5) O.
2694 -
الحديث الخامس: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا محمَّد بن عليِّ بن إسماعيل الأبليُّ ثنا أحمد بن عبد الله بن سليمان الصنعانيُّ ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا عبد الملك الذماريُّ عن سفيان عن هشام صاحب الدستوائيِّ عن يحيى بن أبي
كثير عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ردَّ نكاح بكرٍ وثيِّبٍ أنكحهما
(1) رقم: (2698).
(2)
في " النهاية ": (2/ 31 - خسس): (الخسيس: الدني، والخسيسة والخساسة: الحالة التى يكون علها الخسيس) اهـ
(3)
"المسند": (6/ 136).
(4)
"سنن النسائي": (6/ 86 - 87 - رقم: 3269).
(5)
"سنن البيهقي": (7/ 118) بتقديم وتأخير.
أبوهما وهما كارهتان، فردَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم نكاحهما (1).
ز: إسحاق بن إبراهيم هذا، هو: ابن جوني الطبريُّ، الصنعانيُّ، وقد ضعَّفوه، وقد قال المؤلِّف فيما تقدَّم في السلم: إنَّه مجهولٌ، ولم يصب في ذلك، وكذلك قال ابن حزمٍ، وقد ذكرنا كلام الأئمة عليه هناك بما فيه كفاية (2).
ولم يتفرَّد بهذا الحديث عن الذماريِّ، فقد رواه البيهقيُّ من رواية أبي سلمة المسلم بن محمَّد بن عمَّار الصنعانيِّ عن الذماريِّ.
وقال الدَّارَقُطْنِيُّ (3): هذا وهمٌ، والصواب عن يحيى عن المهاجر عن عكرمة مرسلٌ، وَهِمَ فيه الذماريُّ على الثوريِّ، وليس بقويٍّ.
قال البيهقيُّ: فهو في "جامع الثوريِّ " عن الثوريِّ كما ذكره أبو الحسن الدَّارَقُطْنِيُّ رحمه الله مرسلا، وكذلك رواه عامَّة أصحابه عنه، وكذلك رواه الثوريُّ عن هشام (4) O.
2695 -
الحديث السادس: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا عمر بن محمَّد بن القاسم الأصبهانيُّ ثنا محمَّد بن أحمد بن راشد ثنا موسى بن عامرٍ ثنا الوليد قال: قال ابن أبي ذئب: أخبرني نافع عن ابن عمر أنَّ رجلاً زوَّج ابنته بكرًا، فكرهت
ذلك، فردَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم نكاحها (5).
(1)"سنن الدارقطني": (3/ 234).
(2)
رقم: (2445).
(3)
هو في "سنن الدارقطني": (3/ 234).
(4)
"سنن البيهقي": (7/ 117).
(5)
"سنن الدارقطني": (3/ 236).
وفي رواية أخرى عن ابن عمر قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم ينتزع النساء من أزواجهن ثيبًا وأبكارا، بعد أن يزوِّجهن الآباء، إذا كرهوا ذلك.
ز: رواه الهيثم بن كليب الشاشيُّ عن صاحب بن محمود عن عبد الرحمن ابن إبراهيم عن الوليد بن مسلم.
وقد سئل عنه الدَّارَقُطْنِيُّ فقال: يرويه صدقة بن عبد الله والوليد بن مسلم عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر مختصرا.
وخالفهم ابن أبي فديك، فرواه عن ابن أبي ذئب عن عمر بن حسين عن نافع عن ابن عمر بلفظ آخر، وبيَّن فيه أنَّ ابن أبي ذئب سمعه من نافع، وأتى به بطوله على الصواب، وكذلك رواه محمَّد بن إسحاق وعبد العزيز بن المطَّلب عن عمر، ومن قال فيه:(عمر بن علي بن حسين) فقد وهم.
وقد رواه يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن نافع، والصحيح عن ابن إسحاق عن عمر بن حسين عن نافع.
وفي هذه الأحاديث بيان أنَّ التزويج كان من قدامة بن مظعون- أخي عثمان بن مظعون- لابنة عثمان- وهو عمُّها-، وهو أصحُّ من قول من قال: زوَّجها أبوها، لأنَّ ابن عمر إنَّما تزوَّجها بعد وفاة أبيها عثمان بن مظعون، وهو
خال ابن عمر O.
2696 -
الحديث السابع: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا ابن صاعد ثنا الحسن بن محمَّد الزعفرانيُّ ثنا الحكم بن موسى ثنا شعيب بن إسحاق عن الأوزاعيِّ عن عطاء عن جابر أنَّ رجلاً زوَّج ابنته- وهي بكر- من غير أمرها،
فأتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم ففرَّق بينهما (1).
(1)"سنن الدارقطني": (3/ 233).
ز: ذكر الأثرم لأبي عبد الله حديث شعيب هذا، فقال: ثناه أبو المغيرة عن الأوزاعيِّ عن عطاء مرسلا، مثلُ هذا عن جابرٍ؟! كالمنكر أن يكون (1).
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: الصحيح مرسل، وقول شعيب وَهْمٌ (2).
وقال أبو عليٍّ الحافظ: لم يسمعه الأوزاعيُّ من عطاء، والحديث في الأصل مرسل لعطاء، إنما رواه الثقات عن الأوزاعيِّ عن إبراهيم بن مرَّة عن عطاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلا (3).
وقد روي من وجه آخر ضعيف عن أبي الزبير عن جابر، والله أعلم O.
والجواب:
أمَّا استئمار البكر فلتطييب قلبها.
وجمهور الأحاديث محمولٌ على أنَّه زوَّج من غير كفء، وقولها:(زوجني ابن أخيه) يكون ابن عمِّها من الأمِّ (4).
على أنَّه قد قال الدَّارَقُطْنِيُّ حديث ابن عبَّاس وجابر وعائشة مراسيل (5)، وابن بريدة لم يسمع من عائشة (6).
وقد أنكر أحمد حديث جابر (7).
وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: الصحيح أنَّه مرسلٌ عن عطاء أنَّ رجلاً
…
، وقول
(1، 2)"سنن الدارقطني": (3/ 233).
(3)
"سنن البيهقي": (7/ 117).
(4)
في هامش الأصل: (حـ: لا معنى لقوله: " من الأم ") اهـ
(5)
انظر: "سنن الدارقطني": (3/ 233 - 236).
(6)
" سن الدارقطني ": (3/ 233).
(7)
"سنن الدارقطني": (3/ 233).