الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الجنايات
مسألة (683): لا يقتل المسلم بالكافر
.
وقال أبو حنيفة: يقتل بالذِّمِّي.
لنا ثلاثة أحاديث:
2875 -
الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا سفيان عن مطرِّف عن الشعييِّ عن أبي جُحَيْفة قال: سألتُ عليًّا عليه السلام (1): هل عندكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيءٌ بعد القرآن؟ قال: لا والذي فلق الحبَّة وبرأ النسمة، إلا فهم يؤتيه الله عز وجل رجلاً في القرآن، أو ما في هذه الصحيفة. قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر (2).
انفرد بإخراجه البخاريُّ (3).
2876 -
طريق آخر: قال أحمد: وحدَّثنا يحيى ثنا سعيد بن أبي عروبة ثنا قتادة عن الحسن عن قيس بن عبَّاد قال: انطلقت أنا والأشتر إلى عليٍّ عليه السلام (4)، فقلنا: هل عهد إليك نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم شيئًا لم يعهده إلى الناس عامة؟
(1) كذا بالأصل و (ب)، وتخصيص أحد من الصحابة- رضي الله عنهم جميعًا- غير مشروع، بل فيه مشابهة لأهل البداع، والله أعلم.
(2)
"المسند": (1/ 79).
(3)
"صحيح البخاري": (1/ 38؛ 9/ 456)؛ (فتح- 1/ 204 - رقم: 111؛ 9/ 246 - رقم: 246).
(4)
كذا بالأصل و (ب)، وتخصيص أحد من الصحابة- رضي الله عنهم جميعًا- غير مشروع، بل فيه مشابهة لأهل البدع، والله أعلم.
قال: لا، إلا ما في كتابي هذا. قال: وكتاب في قراب سيفه، فإذا فيه: المؤمنون تتكافأ دماؤهم، وهم يدٌ على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مؤمنٌ بكافرٍ، ولا ذو عهدٍ في عهده (1).
ز: رواه أبو داود (2) والنَّسائيُّ (3) من رواية يحيى عن سعيد، وإسناده صحيح O.
2877 -
الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا هاشم بن القاسم ثنا محمَّد ابن راشد الخزاعيُّ عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قضى أن لا يقتل مسلمٌ بكافرٍ (4).
ز: رواه أبو داود عن مسلم بن إبراهيم عن محمَّد بن راشد، ولفظه: لا يقتل مؤمن بكافر (5).
وهو حديث حسن O.
2878 -
الحديث الثالث: قال النَّسائيُّ: أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله قال: حدَّثني أبي قال: حدَّثني إبراهيم عن عبد العزيز بن رفيع عن عبيد بن عمير عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحلُّ قتل مسلمٍ إلا في إحدى ثلاث خصال: زانٍ محصن فيرجم؛ ورجل يقتل مسلمًا متعمِّدًا؛ ورجلٌ
(1)"المسند": (1/ 122).
(2)
"سنن أبي داود": (5/ 150 - رقم: 4519).
(3)
"سنن النسائي": (7/ 19 - رقم: 4734).
(4)
"المسند": (2/ 178).
(5)
هذا الحديث وقع في رواية ابن الأعرابي وابن داسة من "سنن أبي داود" كما نص على ذلك المزي في "تحفة الأشراف": (6/ 314 - رقم: 8708).
وهو في طبعة "السنن" التي مع " عون المعبود ": (12/ 225 - رقم: 4483).
يخرج من الإسلام فيحارب الله ورسوله، فيقتل، أو يصلب (1)، أو ينفى من الأرض " (2).
ز: رواه أبو داود عن محمَّد بن سنان الباهليِّ عن إبراهيم بن طَهْمَان بنحوه (3)، ورواه النَّسائيُّ أيضًا عن العبَّاس بن محمَّد الدوريِّ عن أبي عامر العقديِّ عن إبراهيم (4).
وهو حديثٌ صحيحٌ على شرط الصحيح O.
احتجُّوا:
2879 -
بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: حدَّثنا الحسن بن أحمد بن سعيد الرهاويُّ أخبرني سعيد بن [محمَّد](5) الرهاويُّ أن عمَّار بن مطر حدَّثهم قال: ثنا إبراهيم بن محمَّد الأسلميُّ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن ابن البَيْلَمَانِيِّ عن
ابن عمر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل مسلمًا بمعاهد، وقال:" أنا أكرم من وفَّى بذمته ".
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: لم يسنده غير إبراهيم بن أبي يحيى، وهو متروك الحديث، والصواب عن ربيعة عن ابن البَيْلَمَانِيِّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسل، وابن البَيْلَمَانِيِّ ضعيفٌ، لا تقوم به حجَّة إذا وصل الحديث، فكيف بما يرسله؟! والله أعلم (6).
(1) في "التحقيق": (أو يسلب)!!
(2)
"سنن النسائي": (8/ 23 - رقم: 4743).
(3)
"سنن أبي داود": (1/ 63 - رقم: 4353).
(4)
"سنن النسائي": (7/ 101 - رقم: 4048).
(5)
في الأصل: (منصور)، والتصويب من (ب) و"التحقيق" و"سنن الدارقطني".
(6)
"سنن الدارقطني": (3/ 134 - 135).
قال المصنِّف: أمَّا إبراهيم بن أبي يحيى: فقال مالك بن أنس ويحيى بن سعيد وابن معين: هو كذَّابٌ (1). وقال أحمد (2) والبخاريُّ (3): ترك الناس حديثه.
وأمَّا ابن البَيْلَمَانِيِّ: فاسمه: عبد الرحمن، وقد ضعَّفوه (4).
قال أحمد: من حكم بحديث ابن البَيْلَمَانِيِّ فهو عندي مخطئٌ، وإن حكم به حاكمٌ، فرفع إلى حاكم آخر ردَّه (5).
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: ليس في حديث (6) ابن البَيْلَمَانِيِّ مسند، ولا يجعل مثله إمامًا يسفك به دماء المسلمين (7).
قال: وقد قال عبد الرحمن بن زياد (8): قلت لزفر: إنكم لتقولون (9): إنَّا ندرأ الحدود بالشبهات، وإنَّكم جئتم إلى أعظم الشبهات فأقدمتم عليها! فقال: ما هو؟ فقلت: المسلم يقتل بالكافر. قال: فاشهد أنت على رجوعي
(1) انظر: ما تقدم (1/ 69).
(2)
"العلل" برواية عبد الله: (2/ 503 - رقم: 3317).
(3)
انظر: "التاريخ الكبير": (1/ 323 - رقم: 1013).
(4)
في هامش الأصل: (حـ: لم يضعف الكل عبد الرحمن، بل ضعفه بعضهم، وابنه محمَّد ضعفوه، وراوي هذا الحديث عبد الرحمن كما ذكره) ا. هـ وسيأتي التنبيه على هذا في الجوف أيضًا.
(5)
ذكره الزركشي في " شرح مختصر الخرقي ": (6/ 65) ونسبه إلى رواية بكر بن محمَّد النسائي عن أبيه.
(6)
في (ب) و"التحقيق": (ليس حديث).
(7)
"سنن البيهقي": (8/ 31).
(8)
(كذا بالأصل و (ب) و"التحقيق"، ولعل الصواب:(وقال عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الواحد بن زياد) كما في "سنن البيهقي": (8/ 31)، وانظر ما يأتي في كلام المنقح، والله أعلم.
(9)
في "التحقيق": (قلت: إن قراءكم ليقولون)!!
عن هذا.
ز: قال البيهقي: حديث عمَّار بن مطر هذا خطأٌ من وجهين: أحدهما: وصله بذكر ابن عمر فيه، وإنَّما هو عن ابن البَيْلَمَانِيِّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً. والآخر: روايته عن إبراهيم عن ربيعة، وإنَّما يرويه إبراهيم عن ابن المنكدر، والحمل فيه على عمَّار بن مطر الرهاويِّ، فقد كان يقلب الأسانيد، ويسرق الأحاديث، حتَّى كثر ذلك في رواياته، وسقط عن حدِّ الاحتجاج به.
2880 -
أنا أبو سعيد بن أبي عمرو ثنا أبو العبَّاس محمَّد بن يعقوب ثنا الحسن بن عليِّ بن عفَّان ثنا يحيى بن آدم ثنا إبراهيم بن أبي يحيى عن محمَّد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن البَيْلَمَانِيِّ أنَّ رجلاً من المسلمين قتل رجلاً من أهل الكتاب، فرفع إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أنا أحق من وفَّى بذمته ".
ثم أمر به فقتل.
هذا هو الأصل في هذا الباب، وهو منقطعٌ، وراويه غير ثقةٍ.
ئم قال: وقد روي عن ربيعة عن عبد الرحمن بن البَيْلَمَانِيِّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً
…
- ثم ذكر ذلك بإسناده، ثم قال:- ويقال: إنَّ ربيعة إنَّما أخذه عن إبراهيم بن محمَّد بن أبي يحيى، والحديث يدور عليه.
قال أبو عبيد: بلغني عن ابن أبي يحيى أنَّه قال: أنا حدَّثت ربيعة بهذا الحديث.
وقال عليُّ بن المدينيِّ: حديث ابن البَيْلَمَانِيِّ (أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قتل مسلمًا بمعاهد) هذا إنَّما يدور على ابن أبي يحيى، ليس له وجه حجاج، إنَّما أخذه عنه.
وقال صالح بن محمَّد الحافظ: عبد الرحمن بن البَيْلَمَانِيِّ حديثُه منكرٌ،
وروى عنه ربيعة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قتل مسلمًا بمعاهد، وهو مرسلٌ منكرٌ (1).
2881 -
وقد روى أبو داود في "المراسيل " عن محمَّد بن داود بن أبي ناجية الإسكندرانِيِّ عن ابن وهبٍ عن سليمان بن بلال عن ربيعة عن عبد الرحمن ابن البَيْلَمَانِيِّ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي برجلٍ من المسلمين قتل معاهدًا من أهل الذمَّة، فقدَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضرب عنقه، وقال:" أنا أولى من وفَّى بذمته ".
قال ابن وهب في تفسيره: أنَّه قتله غيلة (2).
ورواه الطحاوي عن ابن مرزوق عن أبي عامر عن سليمان بن بلال، ورواه أيضًا عن سليمان بن شعيب عن يحيى بن سلام عن محمَّد بن أبي حميد المدنِيِّ عن ابن المنكدر مرسلاً (3)، وإسناده ضعيفٌ.
وقول المؤلِّف في عبد الرحمن بن البَيْلَمَانيِّ: (ضعَّفوه) فيه نظرٌ، فإنَّ بعض الأئمة وثَّقه، وضعَّفه غير واحد منهم، وإنَّما اتفق الأئمة على تضعيف ابنه محمَّد.
وقوله: (قال عبد الرحمن بن زياد: قلت لزفر) خطأٌ، والصواب: عبد الواحد بن زياد، وراوي هذه القصَّة عنه عبد الرحمن بن مهدي، والله أعلم O.
وقد ذكروا في التعاليق أنَّ الذي قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذمِّي: عمرو بن أميَّة الضمريُّ، وعمرو عاش بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنين!
(1)"سنن البيهقي": (8/ 30 - 31) باختصار.
(2)
" المراسيل ": (ص: 207 - 208 - رقم: 250).
(3)
" شرح معاني الآثار ": (3/ 195).
قالوا: فقد قَتل عليٌّ مسلمًا بكافرٍ.
قلنا: ليس كذا الحديث، إنما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ:
2882 -
قال: حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن سعيد [نا محمَّد بن أحمد](1) ابن الحسن ثنا محمَّد بن عديس ثنا يونس بن أرقم عن شعبة عن الحكم عن حسين بن ميمون عن أبي الجنوب قال: قال عليٌّ: من كانت له ذمتنا فدمه كدمائنا.
قال الدَّارَقُطْنِيُّ (2) والرازيُّ (3): وأبو الجنوب ضعيفٌ.
ثم نحمله على أنَّ دمه محرمٌ كتحريم دمائنا.
ز: 2883 - قال الشافعيُّ: أنا محمَّد بن الحسن أنا قيس بن الربيع الأسديُّ عن أبان بن تغلب عن الحسن بن ميمون عن عبد الله بن عبد الله مولى بني هاشم عن أبي الجنوب الأسديِّ قال: أُتي عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه برجل من المسلمين قتل رجلاً من أهل الذمَّة، قال: فقامت عليه البيِّنة، قأمر بقتله، فجاء أخوه، فقال: إنِّي قد عفوت. قال: فلعلهم هدَّوك وفرقوك؟ قال: لا، ولكن قَتْله لا يردُّ عَلَيَّ أخي، وعوَّضوني فرضيت. قال: أنت أعلم، من كان له ذمتنا فدمه كدمنا، وديته كديتنا (4).
كذا قال: (حسن) والصواب: حسين بن ميمون- كما تقدَّم-،
(1) سقط من الأصل، واستدرك من "التحقيق" و"سنن الدارقطني".
(2)
"سنن الدارقطني": (3/ 147 - 148).
(3)
"الجرح والتعديل" لابنه: (6/ 313 - رقم: 1743).
وفي هامش الأصل: (حـ: اسمه عقبة بن علقمة) ا. هـ
(4)
" الرد على محمَّد بن الحسن ": (مع الأم- 7/ 321)، وانظر:"سنن البيهقي": (8/ 34).